الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أشجار المشمش تزين قرية العمار المصرية

أشجار المشمش تزين قرية العمار المصرية
11 يوليو 2010 20:09
يرددها كثر في مصر عبارة “في المشمش” كمقولة يفهم منها صعوبة الوفاء بالعهد أو استحالة التنفيذ، ولكنها عند أهل قرية “العمار الكبرى”-35 كم شمال القاهرة- لها معنى آخر تماماً فهي رمز لتحقيق أمنياتهم واحتياجاتهم المادية بعد انقضاء موسم المشمش. علامة مميزة تقع القرية في طوخ بمحافظة القليوبية، ولها مكانة بالغة في نفوس المصريين، حيث تعد علامة تجارية مميزة لفاكهه المشمش، فيقبلون على تناوله بمجرد علمهم بأنه “مشمش العمار”، ثقة منهم بحلاوته وخلوه من المبيدات والهرمونات حيث يزرع هناك منذ مئات السنين على مساحة 20 ألف فدان ويعمل معظم أهالي القرية (عدد سكانها 56 ألف نسمة) في زراعته والاعتناء بأشجاره طوال العام إلى أن يحل موعد الحصاد في شهور الصيف لمدة 30 يوماً فقط، ولكنها كافية لتعم الفرحة كل بيوت القرية. يقول هاشم عبدالله-57 عاماً: “نعتمد في معيشتنا على ما يحققه محصول المشمش من العام للعام، فمن حصيلة بيع الثمار ندفع الفواتير المؤجلة ونسدد ما اقترضناه من البنك الزراعي، وإذا كان لأحدنا ابنة في سن الزواج فإنه يشتري لها ما يلزمها من أثاث مع حصاد المشمش. فطبيعة أرض القرية لا تصلح معها إلا زراعة المشمش، وحاولنا ومن قبلنا أجدادنا زراعة أنواع أخرى لكنها لم تنجح مثل المشمش، كما حاول أبناء القرى المجاورة زراعة المشمش وفشلوا! لا تحب الشراكة! يستوعب الفدان من 150- 200‏ شجرة مشمش ويبدأ إعطاء الثمار بعد ‏4‏ سنوات فشجرة المشمش معمرة‏ يطول عمرها إلى نحو 150 عاماً.. يقول في ذلك فؤاد محمود-41 عاماً: “تتميز شجرة المشمش بأنها كثيرة الظلال‏ لا تحب الشريك في الأرض‏‏ لذلك لا تصلح زراعات أخرى معها خاصة وأنه يتم تعطيشها ثلاثة شهور في العام من شهر 8- 11 وهو ما يعني موت أي محصول إلى جواره. حيث يزهر المشمش في الشهر الثالث ثم يثمر ويظل على شجره حتى‏ الشهر السادس من العام موعد الحصاد ويحتاج إلى خدمة أسبوعية من تنظيف‏‏ وري‏‏ وسماد عضوي إلى آخره.‏ وتعرف علامات نضج الثمار بتحول اللون من الأخضر إلى الأصفر الفاتح ثم الأغمق قليلاً”. ويضيف فؤاد: “نحرص عند جمع وتعبئة ثمار المشمش على ألا تكون مكتملة النضج تماماً على الأشجار حيث يصعب تعبئتها وتداولها، ولذا يفضل أن يتم جمع الثمار قبل أوانها بأسبوع، وأن تبدأ عملية الجمع من مطلع الفجر حتى العاشرة صباحاً تجنباً لارتفاع درجة الحرارة، وكي تظل الثمرة محتفظة بحيويتها لفترة طويلة مع مراعاة عدم سقوط الثمار على الأرض، وقطفها بعناية وتكون عبوات الجمع من الكرتون أو أقفاص جريد النخيل لئلا تصاب بالتلف والفساد السريع، كما يجب فرز الثمار قبل تعبئتها واستبعاد التالفة والمصابة بالحشرات حتى لا تؤدي إلى تلف الثمار المحيطة بها”. روابط طيبة يرتبط أهالي العمار بروابط المحبة والألفة والتعاون، يشير إلى ذلك يشير علي صبيح- 63 عاماً، ويقول: “توجد حالة من الحب والألفة تجمع أهل قرية العمار بين بعضهم البعض، ومع أشجار المشمش التي يتعاقب على الاعتناء بها ثلاثة أو أربعة أجيال من الأسرة الواحدة، وتصير بمرور الزمن كأنها فرد من العائلة. فنحن نعتني بها كثيراً ونحزن إذا تعرضت لمرض ونفرح إذا شفيت، فيباس أو موت شجرة واحدة‏‏ يعني حزناً عاماً في القرية كلها،‏ كما أن الطرح‏ الأول لأي شجرة جديدة يمثل يوم عيد نتبادل فيه التهاني”. ويتطرق صبيح إلى أن عوامل الجو والتغيرات المناخية التي طرأت في السنوات الأخيرة، أسهمت في زيادة تكلفة رعاية شجر المشمش، مما أدى إلى زيادة ثمنه على المشترين. يقول: “زمان كان المشمش فاكهه كل بيت في مصر لرخص ثمنه، أما الآن فصار فاكهة لا يقدر على ثمنها بعض الناس ونحن في ذلك مرغمون ففدان الأرض بات مكلفاً جداً في الرعاية وفي مكافحة الآفات التي تقصف عمر الشجرة”. رحلة المحصول يتم نقل محصول المشمش من القرية إلى الأسواق الكبرى في القاهرة والإسكندرية وأسيوط، عبر شاحنات كبيرة حيث يفد التجار الكبار للقرية ويشترونه من المزارعين وبعضهم يفضل شراءه وهو على الشجر قبل جمعه، ويستقدم العمالة اللازمة لذلك لضمان عدم أتلافه وهناك من ينتظر إلى أن يتم جمعه ويشتريه بعد الجمع وبالطبع السعر يختلف. يقول في ذلك صبيح: “إن الأيام الأولى للمشمش “البشاير” يكون ثمن الكيلو مرتفعاً فقد يصل إلى 15 جنيهاً، ثم يبدأ الانخفاض تدريجياً في ذروة الموسم ويمكن لمحدودي الدخل تناول المشمش، حيث يتراوح سعر الكيلو بين 3- 5 جنيهات، وبعدها بأسبوعين يقل وجود المشمش في الأسواق كثيراً، مما يسهم في ارتفاع ثمنه مرة أخرى إلى أن ينتهي الموسم”. أما الدراسات الحديثة التي قام بها (المركز القومي لعلوم التغذية) في القاهرة؛ فتفيد بأن المشمش “يفيد في علاج فقر الدم ويقوي البصر وينشط وظائف الكبد ويقلل مستويات الكوليسترول في الدم ويحمي القلب والشرايين لاحتوائه على مركبات “الكاروتينويد” التي تتحول في جسم الإنسان إلى فيتامين “A” كما أن ثمار المشمش تسهم في وقاية النساء من الأمراض الجلدية والتجاعيد”. «يحكى أن» ثمة واقعة يحكيها أبناء قرية العمار ويتناقلونها منذ مئات السنين، وقت أن كانت القرية تسمى “عرب فزارة”. وبطلها يدعى سيدي المغازي -قطب صوفي- انتقل للعيش بين أهل القرية، ووجد أن غالبية أرضها بور وخراب بعدما فشل سكانها في زراعتها لاختلاف تربتها الطينية المتماسكة عما سواها من أراضي القرى المجاورة. فصلى المغازي على أرضها ودعا الله وألقى بنواة ثمرة مشمش تصادف كانت في جيبه ومضى في حال سبيله، وبعد فترة نبتت وصارت شجرة، ‏مما دفع أهل القرية إلى الاقتداء به وزراعة كل الأرض البور بالمشمش وتحولت بمرور الزمن إلى عمار‏ ومن هنا جاءت تسميتها العمار التي تنتج وحدها قرابة 40 في المئة من إنتاج مصر من المشمش
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©