29 ابريل 2012
نكمل اليوم حديثنا عن الندم السلبي الذي في بعض الأحيان يقتل إيجابية النفس ووعي العقل. فبعضهم من شدة ندمه يصاب بحالة نفسية شديدة واضطرابات قد تلازمه مدة طويلة من الزمن. وبعضهم قد يلجأ للانتحار للتخلص من الشعور بالندم، فهل هذا تصرف صحيح؟ بالطبع لا، ولكي لا نقع في هذه الحالة علينا أن نتفهم أمور حياتنا وظروفنا وأوضاعنا، فالإنسان عليه تغيير ما يمكن أن يغيره في حدود استطاعته وإمكاناته، فليس بمقدورنا تغيير البشر، والظروف هي الظروف يصعب علينا تغييرها إلا ما هو ميسر لنا؛ فكثير منها لا نملك أمرها، وما نملكه تجاهها هو طريقة تعاملنا وأسلوب تكيفنا معها، وقبولنا لها. وعلينا أن نتعلم من كل ما يجري لنا ومما نعيشه، ليس بشكل سلبي وإنما بصورة إيجابية تمنحنا الفكر الصحيح والوجهة السليمة. وهذه بعض المشاهد والمواقف التي قد تسبب للناس ندماً سلبياً دون أن ندرك ذلك؛ فأحدهم أقرض مبلغاً من المال لرجل من أهله ليفك به أزمته المالية على أن يرد المبلغ متى ما تيسر له ذلك. فيفتح الله على ذلك الرجل المقترض ويجري المال بين يديه، وعندما طالبه بماله ادعى أن المال الذي أعطاه لم يكن قرضاً بل كان هبة، ورفض إرجاعه. فهذا الموقف قد يولد ردود فعل سلبية في مسألة الإقراض، وقد يولد شكوكاً وسوء ظن في كل من احتاج مبلغاً من المال كسلفة.
سيدة تزوجت برجل سيء الطباع فتطلقت وندمت أشد الندم على الزواج منه ورفضت الزواج والارتباط بأي رجل آخر. وسيدة أخرى تعدت حالة الندم السلبي لمرحلة التعميم وإطلاق الأحكام بأن «جميع الرجال سيئين»، وأخذت تنشر هذا بين النساء في كل جلسة ولقاء ما سبب مشاكل بين الأزواج. وسيدة أخرى غُصبت على الزواج من قريب لها وهي رافضة له، وتمضي السنين الطوال ويصبح بينهما أبناء وهي لا تزال نادمة على هذا الزواج. وهنا أود أن أقول: إن الندم السلبي قد يحدث للإنسان في لحظة وقوع ما جعله يندم، ولكن من غير المعقول أن يستمر هذا الندم لأكثر من عشرين وثلاثين سنة! فأي عقلية هذه التي تحمل هذا الأمر الذي يؤذي النفس كل هذه المدة؟
وهناك بعض الرجال يُبتلون بزوجات سيئات الطباع غير مقدرات للأزواج، فيندمون على اختيارهم ويندبون حظهم وقد ينصحون الآخرين بعدم الزواج، فنسمع بعضهم يقول «إذا تزوجت فستندم طوال حياتك». فمثل هذا التعميم السلبي الناتج من جراء بعض التجارب السلبية التي حدثت لبعضهم ولدت لديهم حالة من الندم السلبي الذي قد ينقلونه لغيرهم دون أن يشعروا. أذكر عندما كنت طالباً في الجامعة ذكرت لأحد الموظفين أنني تزوجت فقال لي: «زاد في المجانين واحد». أحد المدراء زكى موظفاً وأوصى بترقيته، وبعد مدة من الزمن تمت ترقية ذلك الموظف، ومضت الأسابيع وإذا بالمدير يسمع عن سوء طباع وتصرفات ذلك الموظف تجاه زملائه فندم وقال: «أكبر خطأ فعلته في حياتي أنني زكيت فلانا». عزيزي القارئ، نحن لا نريد أن نعيش الندم السلبي الذي لا يأتي بخير، نحن نسعى لنصنع السعادة لحياتنا ولمن حولنا، والحياة دروس وعبر نأخذ منها ما يفيدنا.
dralazazi@yahoo.com
عدد اليوم
