السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

العبرة بالخواتيم

العبرة بالخواتيم
20 يناير 2019 00:09

كنت شغوفاً بقراءة ما انتهى إليه التشريح الفني الدقيق لمباريات دور المجموعات لكأس آسيا للأمم «الإمارات 2019»، كما هو حالي مع كل البطولات العالمية والقارية، والتي تكون لنا مثل هذه المحصلات، دليلاً نقيمه عند الحديث عن خصوصيات الفكر التكتيكي الذي يؤطر كرة القدم الحديثة. 
وبرغم أن ما مر من المونديال الآسيوي، دوره الأول فقط، والذي يشكل مصفاة كبيرة لعزل المنتخبات التي أتى بها للإمارات طموح المنافسة على المراكز الأمامية، عن تلك التي كان منتهى حلمها أن تكون بين المتأهلين للأدوار النهائية، برغم أن كأس آسيا أنهت فقط مرحلة المجموعات، إلا أن هناك مشتركاً تكتيكياً مع كأس العالم التي انقضت قبل ستة أشهر بروسيا، هو أن الاستحواذ لا يمكن أن يقود دائماً للفوز، أو بمعنى آخر أن نسبة عالية في امتلاك الكرة ليست وحدها مؤشراً وضامناً لهزم المنافس.
دلتنا الإحصائية التي كشفت عنها «الفيفا» بنهاية كأس العالم بروسيا، أن منتخب فرنسا المتوج بطلاً للعالم، صنف ضمن المنتخبات التي تتقاسم مع المنافسين نسبة الامتلاك، بل إنه في بعض المباريات كان أقل استحواذاً للكرة في مباريات خرج منها فائزاً، وتجرع منتخبان يعرفان بخاصية الضغط العالي والاستحواذ شبه التام مرارة الخروج المبكر، فألمانيا غادرت من الدور الأول ومنتخب إسبانيا أقصي من دور الستة عشر. هذه الخاصية التكتيكية التي أعتبرها دليلاً آخر على موت «التيكي تاكا»، القائمة على الضغط العالي، وعلى نسبة عالية لامتلاك الكرة، جسدتها مباراتان عن الدور الأول لكأس آسيا، الأولى جمعت أستراليا حامل اللقب مع منتخب الأردن، وشهدت سقوط «الكنجارو» برغم أن نسبة امتلاكه للكرة بلغت أحياناً الثمانين بالمائة، والثانية جمعت السعودية وقطر، وانتهت بسقوط «الأخضر» برغم أن نسبة امتلاكه للكرة فاقت أحياناً السبعين بالمائة.
وإذا ما كان ضرورياً التفريق بين الاستحواذ الإيجابي والاستحواذ السلبي، فإنه من الضروري أيضاً عندما يقرر أي فريق اللعب في مناطق المنافس باعتماد سلاح احتكار الكرة وسرعة افتكاكها منه بأقل نسبة أخطاء ممكنة، أن يكون فعالاً في فتح المزاليج التي يغلق بها المنافس المنطقة، وناجعاً في كسر منظوماته الدفاعية مع تأمين الظهر وعدم ترك الفراغات بين الخطوط الثلاثة، مع ما يحدثه ذلك من دمار شامل، كلما تعلق الأمر بخصم يتقن اللعب على المرتدات.
ليس القصد أن يتنازل أي فريق عن خاصية الاستحواذ التي تمنح له من ملكات لاعبيه وفكر مدربه، ولكن القصد هو أن يكون لهذا الاستحواذ أجمل الخواتيم، وفي كرة القدم العبرة بالخواتيم هي تحقيق الفوز، فهذا وحده ما تسجله ذاكرة التاريخ.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©