الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

"الكوس".. رياح صيفية ترتبط بذاكرة أهل البحر

"الكوس".. رياح صيفية ترتبط بذاكرة أهل البحر
14 يوليو 2019 01:49

هناء الحمادي (أبوظبي)

الرياح المحلية قديماً، قبل ظهور مراكز التنبؤ بالأرصاد الجوية من الأمور المهمة في حياة الأجداد، حيث كانت خلاصة خبرات وتجارب طويلة ممتدة عكست الكثير من جوانب الطقس والأحوال الجوية على مدار العام، وارتبطت بذاكرة أهل البر والبحر الذين كانوا يعتمدون في تنقلاتهم على مراقبة الرياح.
وتزخر ذاكرة أجدادنا بأنواع ومسميات للرياح الذين تمكنوا من خلالها من التنبؤ بالأحوال الجوية، وطوعوا حياتهم بما يتلاءم مع سكونها وثورتها عكس معرفتنا المعاصرة، التي نستمدها بكل سهولة ويسر من النشرات الجوية اليومية وقراءتنا لأجهزة الديجيتال الرقمية.
ولأن الرياح جزء من منظومة الحياة، فكان من الطبيعي أن نجد أسماء الرياح في أبيات الشعراء والأمثال الشعبية، حيث كان يذكرها الناس ويخلدونها في كلماتهم، وخير مثال الكلمات الشعرية التي تغنى بها المطرب الإماراتي ميحد حمد والتي تقول «ياهبوب الكوس لمطلي.. لي عنيت اوييت لدياري.. بلغ امابي انا لخلي.. يلي خفي عن شوف لنظاري».

رياح جنوبية
مع بدايات شهر يوليو، تنشط رياح تسمى «رياح الكوس» في الأطراف الجنوبية من الجزيرة وتؤثر على دولة الإمارات وعمان واليمن، ثم يمتد تأثيرها شمالاً حتى تصل إلى الخليج العربي مع منتصف سبتمبر. وفي هذا الصدد، يقول إبراهيم الجروان، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، والباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية «رياح الكوس» تهب على السواحل الغربية والشرقية للدولة قادمة من الهند «جهة الشرق»، وهي شديدة التأثير على السواحل الشرقية وعادة تصاحبها أمواج عالية قد تؤدي إلى نحت الساحل الرملي، وهذه الرياح تكون قوية أحياناً ويخشاها أهل البحر ولا تؤثر كثيراً في المناطق البرية، وتتميز بأنها رطبة وتلطف من درجة الحرارة المرتفعة.
يضيف الجروان: رياح «الكوس»، جنوبية غربية تهب صيفاً وتشتد في النصف الثاني من الصيف، وتزداد معها الرطوبة، وهي نوعان «كوس مطلع» تهب من جهة مطلع الشمس، و«كوس جنوبي» وتهب بين القطب الجنوبي والمطلع.
ويتابع الجروان أن رياح الكوس هي رياح تهب على بحر العرب خلال الصيف وهي امتداد للرياح الموسمية في شمال المحيط الهندي، التي تشتد خلال الفترة بين شهري مايو وسبتمبر، وابتداءً من منتصف الصيف مع منتصف يوليو تتسبب رياح الكوس عند اصطدامها مع سلسلة جبال الحجر في الإمارات وعمان إلى تشكيل سحب ركامية تصاحبها رياح هابطة قوية وأمطار قد تصل إلى حد الغزارة يطلق عليها «الرايحة أو الروايح»، وتنشأ على المناطق الجبلية فقط وقد تتعمق غربا في السهول الحصوية الممتدة بين العين والذيد في دولة الإمارات. ومع بداية الخريف، يذكر الجروان أنه يشتد تأثيرها على السواحل الشرقية لدولة الإمارات، مثل كلباء والفجيرة وخورفكان ودبا، إضافة إلى الساحل العماني في خليج عمان، بالتزامن مع طلوع النجم «سهيل».

سحب الكوس
ويشير الجروان، قائلاً «تشتد رياح الكوس وتكون بين الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية وتصاحبها أمواج عالية أحياناً وطقس رطب على السواحل، حيث إنها عالية الرطوبة بنسبة 80% خلال الليل وفي الصباح الباكر، وقد تصل إلى درجات التشبع فيتشكل الضباب الخفيف، كما تتشكل السحب المنخفضة مع تصادم الكتل الهوائية الرطبة بمرتفعات جبال الحجر، ويطلق عليها (سحب الكوس)، وقد تزداد هذه السحب كثافة فتؤدي إلى هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة ورذاذ، خاصة في فترات المساء والصباح، حيث تكون الغيوم منخفضة وسريعة، لهذا نجد الأمطار المرتبطة بالكوس لا تطول مدتها، وتكون قصيرة ومتفرقة. كما أن الأمطار الخفيفة الناتجة عن رياح الكوس تساعد كثيرا في الحفاظ على رطوبة التربة، وكانت هذه السحب يصاحبها انخفاضاً في درجات الحرارة خاصة على رؤوس الجبال».
ويقول الجروان، إن «ضربة الكوس» تكون مع بداية شهر سبتمبر، ومن خلالها كان يتفاءل أهل المنطقة بشتاء مقبل بارد وممطر.

التلقيح والحصاد
بدوره، يذكر علي الحميري من منطقة الطويين بالفجيرة أن هناك الكثيرين لا يعرفون أنواع الرياح التي تهب علينا على مدار العام، ولا يدركون أثرها، لكن وجودي مع والدي الذي له خبرة كبيرة في ذلك الأمر، جعلني أتعرف على أنواع الرياح التي نعيش أجواءها طوال العام. ويضيف أن أهل الإمارات في الماضي كانوا يعانون قسوة البيئة وظروف الطقس والمناخ، خاصة البحارة والرعاة الذين كانوا يعرفون متى يشدون الرحال للغوص، أو متى يكون موسم الحصاد والزراعة أو المقيظ. ويذكر الستيني راشد الشحي، أن هناك مسميات عدة للرياح تقترب من ثلاثة عشر اسماً، بحسب مواسم هبوبها، ويضيف أن أهل البحر هم الأكثر خبرة في ذلك الأمر، حيث كانوا يراقبونها ليتمكنوا من الصيد أو الغوص، في حين كان يعرف أهل البر والزراعة رياحاً أخرى يستدلون منها على مواسم التلقيح والحصاد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©