الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

إشباع معرفي يثبت جذور طلاب المدارس

إشباع معرفي يثبت جذور طلاب المدارس
20 يناير 2019 02:28

أبوظبي (الاتحاد)

زيارات طلاب المدارس لمهرجان سلطان بن زايد التراثي من الفعاليات المتميزة، ولها أبعاد مهمة، إذ تعد هذه الرحلات تقليداً سنوياً له دلالاته المتسقة مع رسالة المهرجان، ورؤية حفظ التراث ونشره وتعريف الناشئة به.
أهم هذه الأبعاد يتمثل في الإشباع المعرفي بالتراث، الذي توفره هذه التظاهرة السنوية للأجيال الجديدة، بما يصقل هويتهم الوطنية، ويقوي صلاتهم بجذورهم الثقافية، الأمر الذي تنبني عليه شخصية الفرد لينشأ معتزاً بذاته ووطنه، فتعرف الطلاب وتماسهم مع مفردات التراث والثقافة الإماراتية التقليدية، وإدراكهم للخصوصية الثقافية والبيئية لمجتمعهم، وفهم رموز التراث التي تعبِّر عن هذا المجتمع وتتجلى فيها عاداته وتقاليده، هو أهم الممسكات للهوية الوطنية.
وثمة جانب آخر لا يقل أهمية عن سابقه، يمثله الأثر الإيجابي للبرامج المعدة خصيصاً لهم خلال المهرجان، مثل المسرحيات ذات المحتوى التربوي والتعليمي، والمسابقات التراثية والثقافية التي تنمي لديهم الرغبة في معرفة أدق التفاصيل عن دولتهم وتاريخها، وزياراتهم إلى مسابقات المزاينة التي تعرفهم على الإبل وتاريخها المرتبط بتاريخ الإنسان في الإمارات، وتجعلهم يقتربون من تفاصيلها، هذا بخلاف الأثر الذي تتركه العروض التراثية المصاحبة، مثل الرقصات الشعبية وفنون الأداء التراثية.
كل هذه الأبعاد، تجعل حس الانتماء لدى الناشئة، ينمو ويسهم في صقل شخصياتهم، وهذا دور تربوي لا تنضب أهميته، مما يجعل الزيارات المتكررة لطلاب المدارس للمهرجان، فعلاً يوازي في أهميته ما يتلقونه من علوم في مدارسهم، لأنه يصنع التوازن اللازم لتنشئة فرد سوي قادر على التعاطي مع العالم الحديث، دون أن يفقد ركائز هويته الخاصة.

يعتبر السوق الشعبي في «مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2019»، حالة تراثية ثقافية كاملة، وحالة من التّميز والإبداع، لتسليط المزيد من الأنوار الكاشفة على تراث وثقافة دولة الإمارات، فقد جاء هذا العام محمّلاً بأكثر من 60 نشاطاً وفعالية، ليكون الاحتفال الشعبي الأمثل للعائلة، ولكل من يبحث عن التزود بالمعرفة والأصالة وثقافة التراث، بما يضمه من مشغولات يدوية وأعمال تراثية تحاكي الماضي الأصيل لدولة الإمارات، لتمتزج فيها لمسات الحاضر وإبداعاته مع عراقة الماضي وأصالته، لتشكل في النهاية لوحة فنية رائعة تبهر زوار المهرجان من مختلف دول العالم، الذين يحرصون في كل نسخة من الحدث على الحضور للاستمتاع بما يضمه المهرجان من معروضات فنية، وأعمال تراثية تنسجها مبدعات إماراتيات يتفنن في نقل التراث العريق إلى الأجيال الحالية، وجمهور كبير من داخل الدولة وخارجها يحرص على متابعة تلك الأعمال التراثية والمشغولات اليدوية التي يتم تنفيذها بحرفية عالية وإتقان كبير.

مسابقات جماهيرية
ولتعميق شكل ومضمون هذه الاحتفالية وتوسيع رقعتها لتتناسب مع كل الفئات العمرية، فقد وجهت اللجنة العليا المنظمة بإنشاء مسرح في قلب منطقة السوق الشعبي، مجهز وفق أحدث المواصفات، لتقديم جملة من المسابقات الجماهيرية في الثقافة والتراث تحت اسم «فالكم النّاموس» مع تخصيص جوائز فورية للفائزين، وعرض مجموعة من المسرحيات، مع تقديم فقرات مخصصة للأطفال من شخصيات كرتونية، وتقديم المعارف والفنون والثقافة الخاصة بالطفل، إلى جانب عروض فرق الفنون الشعبية الوطنية ومنها «فرقة الراشدي»، إلى جانب الأمسيات الشعرية والحفلات الغنائية، التي تدخل البهجة والسرور إلى قلوب الجمهور، فيما تستكمل جماليات هذا المشهد البهيج بعروض مواكب الخيول والهجن، التي تقام بشكل يومي بمشاركة فرسان من شباب قرية بوذيب للفروسية، لتكتسب منطقة السوق الشعبي مظهراً بديعاً يمتاز بأصالة الطابع التراثي المحلّي، تحت مظلة مهرجان يحظى برعاية ودعم لا محدود من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، الحريص دوماً على تطوير مثل هذه الفعاليات وأهمية تقديمها للجمهور بصورة حيوية لا تنفصل كثيراً عن مكنونات الحدث الرئيس، وليصبح المهرجان اليوم وبعد كل هذا التميز والنجاحات واحداً من أهم أركان المهرجانات التراثية التي تقام في منطقة «سويحان»، لتحقيق تطوير ينسجم ويجمع بين الأصالة والحداثة في وجه التطور العمراني السريع.

مقتنيات تراثية
يشكّل «السوق الشعبي» هذا العام رحلة ثقافية للجمهور، حافلة بالمزيد من المحلاّت والدكاكين التي تعرض المقتنيات التراثية، والمعروضات المنتشرة في أركانه، التي تقدم باقة متنوعة من المعروضات المختلفة، ما بين تراثية كالتمور والعطور والبخور والدخون، بجانب تقديم الأكلات الشعبية في أركان خصصت للطهي الشعبي لإطلاع الزائرين على ثقافة الطعام في موروثنا الشعبي، مما عرفه أبناء الإمارات قديماً، وتقوم مجموعة من ربات البيوت المتخصصات بطهيها وبيعها للراغبين من الزائرين بالمهرجان بعد إعدادها أمامهم، إضافة إلى عدد من المحال التي تقوم بعرض الأعشاب الطبية التي تدخل في مجال الطب الشعبي، وبهارات الطهي والأكسسوارات والحلي والمجوهرات التقليدية، وصناعة التّلي والسدو وسعف النخيل وتطوير الملابس التقليدية التراثية المختلفة، وعرض أدوات الحياكة القديمة، بحضور مميز للمراكز النسائية، والمشغولات اليديوية، بالإضافة إلى أركان المؤسسات الوطنية المشاركة والداعمة، ومعرض للكتب من إصدارات مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات ومركز سلطان بن زايد، مع ركن لعرض مجموعة من الصور والمقتنيات النادرة للشيخ زايد، وركن خاص للتراث البحري وأدواته، خاصة تلك المخصصة لمهنة الغوص التقليدي على اللؤلؤ، وعرض بديع لسنع الضيافة الإماراتية، وغيرها الكثير من أشكال التراث الوطني، ويحقق كل ذلك في المجمل تقديم إرثنا الوطني بصورة معاصرة، على اعتباره مصدر تحفيز للصناعات التراثية التي تعزز التحول إلى اقتصاد المعرفة عبر السياحة الثقافية والجذب السياحي لجمهور المهتمين بالتراث من محبي الموروث الشعبي والباحثين والمختصين في الدراسات والتوثيق.

الجاليات والوفود السياحية في سويحان
بعد سنوات من النجاحات النوعية في مجال تعزيز السياحة التراثية، ينجح المهرجان في كل نسخة جديدة منه في جذب الآلاف من الزوار من أبناء الجاليات الأجنبية المقيمين في الدولة، والوفود السياحية الزائرة، فقد أصبح الحدث بتنويعاته وبرامجه على خريطة العديد من المؤسسات والشركات السياحية، بالإضافة إلى الوفود المدرسية التي اعتادت حضور ومتابعة الفعاليات وبشكل يومي، في إطار تنسيق مؤسسي، يؤكد أن المهرجان أصبح منصة عالمية لاستقطاب الزوار والسياح من الجنسيات كافة، لتعريفهم بمحتوى هذا المشروع الوطني الذي يهدف إلى حماية وصون رياضة الهجن، ونقل تجربة التراث إلى أكبر عدد ممكن من شرائح الجمهور.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©