أسفرت الحملة الأمنية التي تنفذها الإدارة العامة للجنسية والإقامة في الشارقة عن القبض على 18 متسولا من مختلف الجنسيات والفئات والأعمار خلال الأسبوعين الماضيين إلى جانب عدد من الأحداث الذين يتم استغلالهم في أعمال التسول· بحسب العقيد عبد الله مبارك الدخان نائب مدير عام شرطة الشارقة، الذي أكد أن حملة مكافحة التسول ستستمر خلال فترة العيد المبارك حتى تحقق أهدافها في القضاء على هذه الظاهرة السلبية التي تستغل ميل الناس إلى الإحسان·
وركزت الحملة على المساجد والأسواق والمراكز التجارية التي يتخذها المتسولون مواقع لمزاولة أنشطتهم في ملاحقة الناس، واستدرار عطفهم للحصول على الأموال، بعد سخط سكان المدينة من تفاقم ظاهرة التسول وتحولها إلى ''مشهد اعتيادي''، خصوصا أيام الجمعة، مناشدين بإعادة النظر بمسألة المعابر، وضبط عملية الدخول والخروج من وإلى الدولة·
يقول الموظف سعيد البناي إن المتسولين تضاعفت أعدادهم لتمتد إلى المكاتب والمراكز التجارية، ''بالأمس سيدة عربية تمد يدها وليس أمامنا حل سوى منحها ما تيسر من المال''، واصفا استمرارية هذا التدفق البشري الذي يمتهن التسول ''كارثة''·
وتبين من خلال دراسة أحوال الأشخاص الذين تم ضبطهم أن معظمهم من مخالفي قانون الدخول والإقامة، كما أوضحت معاينة ملفات هؤلاء الأشخاص أن بعضهم حصل على تأشيرات الزيارة قبل فترة وجيزة من حلول شهر رمضان، ما يعني أن دخولهم قصد به أساسا استغلالهم في أعمال التسول·
وجدد العقيد الدخان تحذيره من التعاطف مع المتسولين وإنفاق أموالهم فيما لا يعود عليهم بفائدة أو نفع والتعاون مع الشرطة من خلال الإبلاغ عن المتسولين والباعة المتجولين الذين يطرقون الأبواب بحثا عن المال وارتكاب مختلف الجرائم والمخالفات التي تضعهم تحت طائلة القانون·
وكشفت أجهزة البحث الجنائي في شرطة الشارقة مؤخرا عن ضبطها أكثر من 40 امرأة نهاية شهر مارس الماضي في إطار حملة مكافحة التسول، بحسب بيان صدر عن مركز الإعلام الشرطي نشر على الموقع الرسمي لشرطة الشارقة·
وأضاف البيان أنه تم القبض على عدد من الفتيات في الثامنة عشرة من عمرهن ويصطحبن أطفالا يطرقن أبواب الشقق الفندقية في أحياء مدينة الشارقة، حيث تبين أنهن متسولات متورطات بأعمال السرقة والشعوذة والأعمال المنافية للآداب·
ووفق البيان، فإن التحقيق مع المتسولات أظهر أنهن قدمن إلى الدولة عن طريق تأشيرات زيارة، كما كشفت التحقيقات أن بعض المتهمات قد تم إبعادهن من الدولة في أوقات سابقة وتمكن من العودة مجدداً والدخول إلى الدولة بصورة غير مشروعة من خلال بعض المنافذ الحدودية·
ويبدي المدرس مالك يوسف استهجانه من امتداد هذه الظاهرة إلى الشابات الصغيرات اللواتي انتشرن مؤخرا بشكل يدعو للقلق، ويتساءل ''ما الذي يدفع شابة إلى طرق أبواب أناس لا تعرفهم ولا تعرف خلفيتهم ليلا لطلب النقود؟''·
وترى الطالبة العنود محمد في استغلال الأطفال الصغار للقيام بالتسول ''تجرداً من الإنسانية''، متسائلة كيف يقوى قلب أم على تعريض رضيعها لحرارة الشمس اللاهبة للتسول؟·
ويحذر الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة من مغبة الانجراف في ممارسة سلوكيات قد تؤدي إلى تدمير منظومـــة المجـتـمع القـيـمــيـــة، مشددا على خطورة ظاهرة انتشار الأطفال المتسولين في الدولة·
ويعزو انتشار التسول بصفة عامة إلى الفقر والبطالة والغلاء الذي يجتاح العالم، إضافة إلى تدني منسوب الوعي وغياب الإرشاد والتوجيه من قبل الأسرة والمدرسة، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تعكس خللاً اجتماعياً·
ويضيف أن هؤلاء الفتية والفتيات يتشربون ثقافة الشارع القائمة على تقديس العدوانية وتمجيد الانحراف وروح المغامرة لصالح السلوك الإنساني الطبيعي القائم على المحبة والود وخدمة المجتمع والوطن·
وبحسب العموش، فإن غياب الرقابة الأسرية عن هذه الفئة من الأطفال، فضلا عن أنهم يعيشون بمعزل عن التوجيه والإرشاد الأسري والمدرسي يجعلهم يتحولون إلى جيل ينشأ على الهامش يمارس الافعال المشينة والمخالفة للقانون جراء الضياع وفقدان الهوية والمنزل والأسرة·
ويدعو العموش الجهات المختصة إلى محاربة هذه الظاهرة قبل استشرائها، لافتا إلى أن الأمر يتعدى قضية التسول وتشويه المظهر الحضاري العام إلى أن المتسول ''فرد مدمر داخليا وهش وقابل للانحراف باعتباره نبتة غضة تنمو في بيئة خصبة للانحراف''·
وكانت إدارات الجنسية والإقامة وبالتعاون مع إدارات الشرطة في مختلف إمارات الدولة نفذت حملات مكثفة منذ اليوم الأول لشهر رمضان ضد التسول، بعد أن دعت شرطة أبوظبي إلى إخضاع الكفيل الذي يقبض على مكفوله ''متسولاً'' للمحاسبة القانونية، وفرض غرامة مالية عليه لا تقل عن 5 آلاف درهم، على أن يتم تشديد العقوبة في حالة التكرار
عدد اليوم
