الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المدن المستدامة.. تكاليف بناء مناسبة وكفاءة في استهلاك الطاقة

المدن المستدامة.. تكاليف بناء مناسبة وكفاءة في استهلاك الطاقة
19 يناير 2019 01:04

سيد الحجار (أبوظبي)

تحقق المدن والمباني المستدامة كفاءة في استهلاك الطاقة، فضلاً عن تقليص الانبعاثات الكربونية، بما يسهم في الحفاظ على البيئة.. بيد أن هناك اعتقاداً لدى الكثيرين بأن الخيارات المستدامة في البناء تكون ذات تكلفة أعلى، وهو ما يرفضه الخبراء والمختصون، والذين يؤكدون أن تكلفة بناء المنازل المستدامة تماثل تكاليف إنشاء المنازل التقليدية ذات الحجم المماثل، أو تزيد بنسب طفيفة لا تتجاوز 5%.
وتسهم المباني والمدن المستدامة في توفير استهلاك الكهرباء والمياه بنسب تتراوح بين 40 و70%، فضلاً عن زيادة العمر الافتراضي للمبنى، ما يحقق المزيد من المكاسب على المدى الطويل.
ويؤكد خبراء أهمية زيادة الوعي باشتراطات ومزايا البناء المستدام، واستخدام التكنولوجيا والخدمات الذكية في المباني، وبما يعود على الأفراد بالفائدة، وفي الوقت ذاته يسهم في ترشيد استهلاك الطاقة، والحفاظ على البيئة.
وأوضح يوسف باصليب، المدير التنفيذي لإدارة التطوير العمراني المستدام في «مصدر»، أن تعريف الاستدامة يختلف من دولة لأخرى، فعلى سبيل المثال، فإن منطقة الخليج لديها مشكلة في التبريد والمياه، بينما أوروبا لا تواجه مثل هذه الأزمات، بل لديها مشاكل في التدفئة، ومن ثم فإن الاستدامة لدينا تعنى بتوفير حلول تتعلق بالمياه والتبريد والزراعة.
وأضاف: تعريف الاستدامة يختلف بناء على احتياج الشخص، بيد أن المفهوم العام يشير إلى الاستخدام الأمثل للمواد دون أن تنضب.
وأشار باصليب إلى تجربة «مصدر» في إنشاء الفيلا الصديقة للبيئة، والتي يمكن للمقيم بها ألا يحتاج للتواصل مع العالم الخارجي في حالة حدوث أي طوارئ، حيث يمكنه توفير الغذاء والمياه، والزراعة في الغرف كافة، وإعادة تدوير المياه للزراعة.
وأضاف باصليب أن نموذج الفيلا المستدامة في «مصدر» يوفر طاقة أقل بنسبة 72%، ومياهاً أقل بنسبة 35% بالمقارنة مع الفيلات التقليدية ذات الحجم المماثل في أبوظبي، وبالتالي تسهم في منع انبعاث ما يقدر بـ 63 طناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.وأكد باصليب أن هناك حاجة للمزيد من التوعية بفوائد البناء المستدام، فضلاً عن اشتراط إجراءات إلزامية لنشر حلول الاستدامة، موضحاً أن تكلفة إنشاء المباني المستدامة مماثلة للبناء العادي، أو تزيد بنسبة قليلة لا تتجاوز 5%، حيث يمكن استرداد هذه التكلفة خلال 3 سنوات فقط، في ظل توفير المياه بنحو 70% والكهرباء بـ 40 إلى 50%.وأوضح باصليب أن هناك اعتقاداً خاطئاً بزيادة تكاليف المنزل المستدام، مقارنة بالمنزل التقليدي، بيد أنه في حالة التعاون مع مصممين متخصصين، فإن التكلفة تكون مماثلة، مؤكداً أن مدينة مصدر تضم مباني مستدامة بالكامل، رغم أن 70% من المشاريع بالمدينة يتم تطويرها عبر شركات تطوير، وليس عبر «مصدر»، حيث يباشر المطورون عمليات البناء والاستثمار، ويحققون مكاسب من بيع وتأجير وحداتهم العقارية.
تكنولوجيا متطورةبدوره، أوضح المهندس محمد الفردان، مدير إدارة المنطقة الحرة لمدينة مصدر، أن المدن المستدامة تكون ذات انبعاثات كربونية محدودة وأقل من المناطق الأخرى، وفي الوقت ذاته تستهلك طاقة أقل، وتستخدم تكنولوجيا متطورة، بحيث تكون مدناً ذكية من ناحية استخدام التكنولوجيا ومواد البناء.
وأوضح أنه في السابق كانت تكلفة بناء المنازل المستدامة مرتفعة في ظل عدم انتشار مفهوم الاستدامة، ولكن مع زيادة التطور في هذا المجال، أصبحت التكلفة مساوية تقريباً للمنازل التقليدية، أو تزيد بنسبة طفيفة بنحو 5% أو 10%، وذلك بناء على المطور، حيث إنه في حالة رغبة المطور في الوصول إلى أكثر من 90% من اشتراطات الاستدامة فإنه يحتم عليه استخدام تكنولوجيا نظيفة أكثر.
وأشار الفردان إلى تنوع الفوائد من البناء المستدام، من حيث تقليل التلوث البيئي من ناحية، ومن ناحية أخرى من حيث الفوائد الاقتصادية على المدى الطويل عبر توفير استهلاك الماء والكهرباء والغاز.
وذكر أنه تم تشييد جميع المباني في مدينة مصدر باستخدام أسمنت منخفض الكربون، إضافة إلى الألمنيوم المعاد تدويره، حيث تبلغ نسبته 90% من الألمنيوم المستخدم، وجميعها مصممة للحد من استهلاك الطاقة والمياه بنسبة تبلغ 40% على الأقل مقارنة مع استهلاك المباني العادية داخل مدينة أبوظبي.
وأوضح أن البناء المستدام يسهم في زيادة العمر الافتراضي للمبني، مؤكداً وجود استفادة مباشرة للأفراد من استخدام التقنيات الحديثة في البناء أيضاً من خلال توفير تكاليف الصيانة.
وعن تحديات انتشار البناء المستدام، أوضح الفردان أن التحدي الأهم يتمثل في رغبة بعض الشركات في تحقيق الأرباح السريعة مع تكلفة أقل، بيد أن الفترة الأخيرة ومع زيادة الوعي باشتراطات الاستدامة، فإن هذه التحديات انخفضت مع اكتشاف مزايا الاستدامة، فقبل 10 سنوات كان التصور يتمثل في أن البناء المستدام يزيد التكلفة بنحو 50%، ولكن مع بدء تنفيذ مشاريع مدينة مصدر تم التأكد من إمكانية تنفيذ مشاريع مستدام بتكلفة مناسبة.
وأضاف خالد بالليث رئيس وحدة المشاريع الخاصة في «مصدر» أن المدن المستدامة تشمل طريقة البناء، وطريقة استخدام المواد، واستخدام مواد قابلة للتدوير، ومواد معالجة، وغيرها الكثير.
وأكد أن البناء المستدام يسهم في تقليص استهلاك الطاقة بنحو 50% إلى 70%، موضحاً أن تكلفة البناء تكون متقاربة أو تزيد بنسبة 3 إلى 4% فقط في حالة استخدام متطلبات بسيطة، أو 5 إلى 6% عند تطبيق اشتراطات أكثر.
وأضاف بالليث أن اشتراطات الاستدامة بسيطة ويمكن للأفراد تطبيقها في البناء، بما يعود بالفائدة عليهم على المدى الطويل.

كفاءة الطاقة
من جهته، أكد الدكتور سامح الخطيب، الرئيس التنفيذي لشركة «سمارت وات»، أن البناء المستدام يعزز من كفاءة استهلاك الطاقة، موضحاً أن البناء المستدام لا يرتبط فقط بالمنازل، ولكن يشمل المباني والمنشآت كافة، سواء السكنية أو التجارية.
وأكد أن استخدام تقنيات حديثة يساعد في فهم دقيق لاستهلاك الكهرباء والمياه والغاز، موضحاً أن الشركة تستخدم نظاماً خاصاً يوفر بيانات ومعلومات يمكن أن تفيد في زيادة الكفاءة بنحو 10 إلى 15%، وتصل أحياناً إلى 20%.
وأشار الخطيب إلى أهمية البناء المستدام في الحفاظ على البيئة وتخفيض انبعاثات الكربون في الإمارات بمعدلات كبيرة.
من جهته، أكد المهندس مهند محمد، مدير عام شركة الأيوبي للتقنيات، ضرورة زيادة الوعي بفوائد الاستدامة في البناء، وفي الوقت ذاته تحفيز المواطنين على التوسع في البناء المستدام.
وأوضح أن المباني المستدامة تعود بالنفع على المجتمع ككل من خلال ترشيد استهلاك الطاقة، كما تسهم في الحفاظ على البيئة، وبما يعزز من جهود الدولة التي باتت تحتل مكانة بارزة على صعيد دعم الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي.
وأكد مهند أنه رغم الارتفاع الطفيف في التكلفة، إلا أنه يمكن استرداد هذه الزيادة خلال 3 إلى 5 سنوات، فضلاً عن زيادة العمر الافتراضي للمبنى، وتوفير تكاليف الصيانة.
وأضاف: على سبيل المثال، فإن استخدام العزل الحراري في البناء والتقنيات الحديثة التي تحافظ على جودة الهواء والتبريد، ومراعاة اتجاهات الهواء والشمس في البناء، يقلل الضغط على استخدام المكيفات، وهو ما يسهم في توفير استهلاك الكهرباء، وأيضاً زيادة العمر الافتراضي للأجهزة، وتقليل تكاليف الصيانة لها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©