الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقوى من مرضها

25 ابريل 2011 20:24
عاكست الواقع، وقررت جلد ذاتها، ليحيى آخرون، حركتها فطرتها وسمت بها في عوالم دنياها، قهرت نفسها وقررت الإنجاب رغم عدم قدرتها على ذلك، فجسمها يتهالك، بل يتهاوى يومياً وينحدر نحو الفناء، أمسكت بخيوط الأمل والحياة التي تشابكت بين يديها، صعُب عليها فكها، فخضعت لرغبتها الجارفة في إنجاب طفل يزين بيتها ويخفف من آلامها. قررت ذلك، وقطعت عهداً على نفسها لتخفي ما بها على كل المحيطين بها، وأولهم من يعالجها، وكانت قصتها قد بدأت حين علمت بمرضها بسرطان الثدي، كان في بدايته، وكانت تحمل في أحشائها من يتطلع للحياة، بتر جزء من جسدها، وأنوثتها، وتقرر أيضاً تخليها عن جنينها للضرورة الطبية والصحية على السواء، آلمها مصابها، وهي صغيرة في السن لم تتجاوز عقدها الثالث بعد، عانت الأمرين، صعوبة تحمل مرضها، وصاعقة انتشال وليدها من رحمها، تحملت وصابرت، تعالجت بنسبة جيدة، فقررت أن ترجع للأمومة مرة أخرى رغم الآمال في تحقيق ذلك، عاكست الواقع، طال صمتها لتعلن أنها حامل مرة أخرى، رغم صعوبة الموقف وثورة الأطباء المشرفين على علاجها. نقلت إثر ذلك إلى عدة مستشفيات نظراً لتقلب حالتها الصحية، وانحدارها، لم يفلح معها أي علاج، ونصحها كثيرون بأن تتخلص من جنينها، رفضت قطعاً ذلك رغم أيامه القليلة التي لم تتجاوز أياماً في أحشائها، بين نار المرض والألم، ونار الناس ولائمة اللائمين، أصرت على أن تحتفظ به، وترعاه من دمها وتسمع خفقات قلبه بين ضلوعها، لم يكن سهلا عليها أن تحمله تسعة شهور، وهي التي تعاني وتشعر بمرور الثواني والدقائق طويلاً، تدهورت صحتها، وتنقلت بين العديد من المستشفيات إلى أن استقرت في واحد خارج الدولة، تابعت علاجها وبعد أن وصل جنينها سبعة أشهر أنجبت وفي نفس اليوم الذي تم فيه إخضاعها لعملية قيصرية، أجريت لها عملية في الرأس حيث تعاني ورماً فيه، حيث تآكل جسدها وباتت كل أعضائه معرضة للهلاك. فضلت عدم الدخول في تفاصيل العلاج، واكتفت بأخذ مسكنات آلامها بدل العلاج الكيماوي حفاظاً على ساكن أحشائها، قاومت الموت، فأظن أن لا مثالية أكثر من هذه، ولا أمومة أكثر من هذه، فمن جسد متهالك تتمنى أن تخرج الحياة، وصبرها مع المرض فاق الحدود والتصور، ومع كل ذلك احتفظت بوليدها، وهو اليوم رأى النور ويتمتع بصحة جيدة، حضنته ومتعت عينيها بمن تمنت حياته، ولكن صحتها تعرف اليوم تراجعاً كبيراً. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©