الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

"صناعة اللوم" لستيفن فاينمان.. بين الندم وتجاوز الخطأ

"صناعة اللوم" لستيفن فاينمان.. بين الندم وتجاوز الخطأ
29 يونيو 2019 00:11

محمد عبدالسميع (الشارقة)

المؤلفات الجادّة دائماً ما تنفذ إلى وجدان القارئ إذ أحسّ أنّ هناك ما يلبي رغبته بتتبّع الظاهرة قيد القراءة أو النقاش، ومن المؤلفات الأجنبيّة المترجمة إلى العربيّة، كتاب يقرأ موضوع «اللوم»، كظاهرة مؤسسيّة ومجتمعيّة، تحت عنوان لافت لا يقف عند بريق العنوان، بل يتجاوزه إلى مضمون المادّة التي باتت سلوكاً متخصصاً، وهو ما جعل المؤلف البريطاني ستيفن فاينمان يطلق اسم «صناعة اللوم: المساءلة ما بين الاستخدام وإساءة الاستخدام»، على الكتاب الصادر عن مشروع كلمة للترجمة التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وهو الكتاب الذي نقله إلى العربيّة الكاتب والمترجم السوري المقيم في الإمارات ماهر الجندي.
كتاب ستيفن فاينمان، أستاذ السلوك التنظيمي في كلية الإدارة بجامعة باث في بريطانيا، لا ينظر لـ «اللوم» فقط عنواناً للندم أو مسوّغاً لتجاوز الخطأ، بل وعلاوةً على أنّه يدرسها قضيّةً نعيشها أو نتعايش معها في بيوتنا وأعمالنا ومؤسساتنا ومجتمعاتنا، نراه يقدّم العديد من التفاسير التي تروق لمستويات متنوعة أيضاً من القراء، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ المؤلف كان نشر مجموعة كبيرة من الدراسات المتخصصة والكتب الأكاديمية التي تعنى جميعاً بعالم الأعمال والبيئات المؤسساتية، ومنها «تنظيم العمر والعمل: مقدمة قصيرة جداً»، لتزداد الفائدة بإمضاء المترجم الجندي الذي كان على درجة عالية من التعامل مع مادّة الكتاب، يؤهّله لذلك ما قدّمه سابقاً من ترجمات أبرزها «في مديح البطء» لميلان كونديرا، و«فن الحرب»، إضافةً إلى مؤلفاته الجادّة: «الثورة اليتيمة»، و«جهينة: التقنيات الحديثة في عالم الإعلام»، و«الإدريسي: تقنيات البحث عن المحتوى العربي في النظم المعلوماتية»، ورئاسته تحرير كلٍّ من «تعبير» الإعلاميّة، و«إنترنت العالم العربي»، و«بوابة عجيب»، وإشرافه على ترجمة «فوربز» العربية.
الكتاب الذي يقدّم تنظيراً عامّاً أو يعرض للمواقف الشخصيّة يقرأ ظاهرة اللوم، كظاهرة بإمكانها أن تكون معولاً للهدم أو «مدماكاً» نحو البناء، وذلك عن طريق الاستخدام الصحيح لهذا الموضوع أو استثماره، وهو موضوع من نافلة القول إننا نعيشه يومياً على أبسط الأمور وأتفه المشكلات.
ويركز ستيفن فاينمان علي جذور اللوم ومظاهره الدائمة من تعقب «الساحرات في الماضي» إلى البحث اليوم عن «أكباش فداء»، دارساً عصرنا الذي يتفاقم فيه استيلاء المؤسسات الحكومية والخاصة، مثلما يتساءل في نهاية المطاف عن كيفية تخفيف آثار اللوم، طارحاً أسئلة تتعلق بمواضيع تندرج في مجال الكتاب من مثل الندم والغفران ودور الاعتذارات التي تقدمها الدول عن أخطائها التاريخية، ومدى قدرة العدالة والتصالح على النجاح.
ويركّز المؤلف على جذور اللوم ومظاهره، بدءاً من «صيّادي الساحرات» في الماضي، وصولاً إلى أكباش الفداء وحالات الوصم التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، من الغضب الصحي الذي ينتاب الفرد، إلى ثقافات بأكملها صاغتها القوة الغاشمة.
من منظور الكتاب، سيخرج القارئ بإشعارات وتوجيهات ذكيّة تتعلّق بأسئلة: هل نحتاج أن نلوم أحداً في حياتنا؟ وما مدى نجاح المؤسسات والأنظمة في اللعب على «صناعة اللوم»؟! وهل من الممكن أن يكون في العائلة أو في العمل شخص مهيّأ لأن يكون الملام دائماً أو يتحمل الفشل؟! وما مدى ما يتركه الاستسلام لفكرة اللوم من أثر سلبي بين العمل والبيت والأصدقاء؟!.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©