الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التحالف الكونجولي-الرواندي وصفقة البحيرات العظمى

التحالف الكونجولي-الرواندي وصفقة البحيرات العظمى
29 يناير 2009 02:41
أثار نشر 3500 جندي من جنود رواندا، التي تعتبر إحدى أصغر دول القارة الأفريقية، في أراضي جارتها الكونجو خلال الأسبوع الماضي، تساؤلات حول علاقة أكبر مهمة حفظ سلام أممية على نطاق العالم كله بما يجري هناك· وكانت رواندا قد مضت في نشر قواتها هذه عبر حدودها الغربية المشتركة مع جمهورية الكونجو الديمقراطية، دون إخطار قوة حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة -وهي قوة مؤلفة من 17 ألف جندي، وتبلغ تكلفتها السنوية مليار دولار- مع العلم أن مهام هذه القوة تمتد من التوسط في عقد الهدنات وتهدئة النزاعات، إلى حماية المدنيين، وصولاً إلى تشجيع التفاوض والحوار بين المجموعات المتمردة وحكومتي رواندا والكونجو، خاصة وأن لكل واحدة من هذه الأطراف الثلاثة مساهمتها ودورها في النزاعات الدائرة في المنطقة· ومن ناحيتها قطعت جمهورية رواندا الحوار السلمي الجاري، بنشر قواتها الأسبوع الماضي في أراضي جارتها الكونجو، في إطار ما تسميه بصفقة سرية عقدتها مع الرئيس الكونجولي جوزيف كابيلا لشن عملية عسكرية مشتركة واسعة النطاق ضد إحدى أكبر قوات التمرد في المنطقة· تعليقاً على ما حدث، قال ''رولاند فان دو جير'' -مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص لمنطقة البحيرات العظمى-: نحن لم نتلق أي إخطار رسمي بهذه العملية، ولم يعلمنا أي مسؤول بها· واستطرد المبعوث الأوروبي الخاص إلى القول: ولم يكن تغييب المعلومات عنا من قبيل السهو أو الخطأ غير المقصود، إنما هو سلوك مقصود متعمد، ويعبر عن تحرك منسق من قبل خصمين سابقين توصلا خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى أن التحالف بينهما أكثر فائدة لهما من التعاون مع مهمة الأمم المتحدة· وهكذا يكشف التحرك الكونجولي- الرواندي الأخير أن قادة المنطقة أرادوا أن يتصدوا بأنفسهم لنزاعاتهم الإقليمية، لأنهم فقدوا ثقتهم في المهمة الأممية· فمن جانبها تريد الحكومة الرواندية التي تغلب عليها عرقية التوتسي، تفكيك مليشيات ''قوات رواندا للتحرير الديمقراطي''-وهي قوات قوامها حوالي 6 آلاف مقاتل، وتتهم قيادتها المنتمية لقبائل الهوتو بارتكاب جرائم التطهير العرقي التي شهدتها رواندا عام ،1994 وراح ضحيتها ما يزيد على 800 ألف فرد من التوتسي وأفراد قبيلة الهوتو المعتدلين· وكان آلاف الذين شاركوا في تلك الجرائم قد هربوا عقب المذابح الجماعية مباشرة إلى الجبال الشرقية من الكونجو وأنشأوا لهم مليشيا هناك، ترى رواندا أنها تشكل تهديداً وجودياً لها· وفي عام 2007 توصلت رواندا والكونجو إلى صفقة هدفت إلى أن ترغم الكونجو مليشيات ''قوات رواندا للتحرير الديمقراطي'' على الخروج من الأدغال· يذكر أن قوة حفظ السلام الدولية المنتشرة هناك -التي تعرف اختصاراً باسم ''مونوك''- لعبت دوراً تفاوضياً رئيسياً في تلك الصفقة· وفوق ذلك تقول إنها تمكنت من نزع أسلحة 6500 مقاتل من مقاتلي المليشيات المذكورة منذ عام ·2002 وفي العام الماضي قدمت ''مونوك'' للجيش الكونجولي تدريبات عسكرية تكتيكية، إضافة إلى تزويده بالعتاد والدعم اللوجستي، في إطار استعداداته لشن هجوم على المليشيات المذكورة كان مقرراً له أن يبدأ في موسم الخريف الماضي· إلا إن تجدد الاشتباكات والقتال أفشل تلك الخطة عملياً· وعبر لقاء هاتفي مع أحد أعضاء البعثة الأممية، قال إن رواندا لن تفعل شيئاً يذكر بهجومها الحالي في تفكيك ''قوات رواندا للتحرير الديمقراطي''، إلا إنها سوف تفعل الكثير لتخريب سمعة الأمم المتحدة· وأكد أنه ما من تطور مهم يتوقع له أن يسفر عن الهجوم الحالي· فكل ما هناك أن تسعى القوات المشتركة الرواندية-الكونجولية لتصعيد هجماتها على المليشيات، بينما ستندفع هذه الأخيرة إلى أعماق أبعد داخل الأدغال· أما ''مونوك''، فلن يكون في وسعها فعل أي شيء إزاء الوضع الحالي· وهكذا يطلق الحكم على مهمة ''مونوك'' بأنها عديمة الجدوى· والمعروف عن رواندا أنها لا تزال تحمل ضغينة على الأمم المتحدة، بسبب عجزها عن الحيلولة دون وقوع جرائم الإبادة الجماعية التي شهدتها عام ·1994 ولذلك فقد نفد صبرها مما تصفه ببطء التحرك الأممي· وفي مقابل ذلك البطء، واصلت المليشيات المتمردة تجنيدها واستقطابها للمقاتلين الجدد، بمعدل 50 مقاتلاً شهرياً حسب معلومات ''مونوك''· ويمضي السيد ''فان دو جير'' إلى القول: لم يحدث أي تقدم يذكر فيما يتعلق بنزع أسلحة المليشيات المتمردة منذ محادثات السلام التي جرت في عام ·2007 وللحقيقة فقد تفوقت رواندا على البعثة الدولية دائماً في هذا الأمر بالذات، على حد قول المحلل الإقليمي جاسون ستيرنز، الذي سبق له أن عمل بوحدة الأمم المتحدة لنزع السلاح في المنطقة· والفارق بين أداء البعثة الدولية والحكومة الرواندية في هذا المجال، أن الأخيرة تعرف أفراد هذه المليشيات فرداً فرداً، بل تعرف حتى أرقام هواتفهم وكيفية الاتصال بهم· والأهم من ذلك أن الحكومة الرواندية تمكنت من اختراق ''قوات رواندا للتحرير الديمقراطي'' وتتمتع بمعلومات استخباراتية أفضل بكثير من تلك المتوفرة للبعثة الدولية· هذا ويتكهن بعض المراقبين للأوضاع بأن تسفر المهمة العسكرية المشتركة بين الدولتين، عن اندلاع حرب أهلية رواندية في الأراضي الكونجولية· فقد تم تبادل لإطلاق النيران بين القوات الرواندية ومليشيات المتمردين في نهاية الأسبوع الماضي، قيل إنه أسفر عن مقتل 9 من مقاتلي المليشيات· وبالطبع تثير هذه المواجهات المسلحة القلق بشأن سلامة وحماية المدنيين، خاصة وأن مقاتلي المليشيات يتعمدون التواجد بين المدنيين· وعلى حد قول ''فان دو جير''، فما من قوة واحدة تستطيع توفير الحماية اللازمة للمدنيين سوى قوة ''مونوك'' الدولية· جينا مور- كيجالي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©