الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"زلزال" إسطنبول الانتخابي في عيون الإعلام الغربي.. الهزيمة ضربة قوية قوّضت "هالة الزعيم الذي لا يقهر"

"زلزال" إسطنبول الانتخابي في عيون الإعلام الغربي.. الهزيمة ضربة قوية قوّضت "هالة الزعيم الذي لا يقهر"
25 يونيو 2019 01:38

دينا محمود (لندن)

«هزيمةٌ مُذلةٌ»، «انتفاضة الشعب التركي»، «بداية نهاية عصر الاستبداد»، عباراتٌ حفلت بها تغطيات كبريات وسائل الإعلام الغربية، للخسارة المدوية التي مُني بها مرشح نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للانتخابات البلدية بمدينة إسطنبول العاصمة الاقتصادية للبلاد، وذلك للمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر.

سقوط الهالة
فصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية رأت أن انتزاع المرشح المعارض أكرم إمام أوغلو رئاسة بلدية المدينة الأكبر في تركيا يشكل «هزيمةً حاسمةً ومريرةً لأردوغان». وقالت - في تقريرٍ من إسطنبول لمراسلها - إن فداحة الخسارة أجبرت الرئيس التركي على الإقرار بها على الفور «رغم أنه كان قد حارب بأظافره وأسنانه» لإعادة الاقتراع بعدما خسره حزبه أواخر مارس الماضي. وشددت الصحيفة على أن ما أقدم عليه أردوغان من ممارسة ضغوطٍ على هيئة الانتخابات في تركيا لحملها على إعادة التصويت - وهو ما حدث في نهاية المطاف بالفعل - أدى إلى «زعزعة الثقة في سلامة عمليات الانتخاب في البلاد بأسرها»، كما لاقى انتقاداتٍ واسعة النطاق داخلياً وخارجياً.
وأكدت «واشنطن بوست» في تقريرها أن «الهزيمة مريرة بشكلٍ خاص بالنسبة لأردوغان، لأنها وقعت في مسقط رأسه»، ما قوّض «هالة الزعيم الذي لا يقهر» التي سعى أنصاره لإسباغها عليه على مدار سنواتٍ طويلة، خاصة بعدما شارك شخصياً في الحملات الدعائية التي استهدفت ضمان فوز مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم، لكن دون جدوى.
ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين أتراك قولهم إن الرئيس التركي يواجه حالياً تصاعداً في فرص حدوث انشقاقاتٍ بداخل حزبه من جانب قادة بارزين، عقب الهزيمة الموجعة التي لحقت بالحزب في الانتخابات، وأدت إلى «إضعاف أردوغان على نحوٍ كبير»، لا سيما بعد أن أظهرت نتائج الفرز، أن مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض حصل على أصوات بعض المناطق التي كانت تشكل تقليدياً معاقل لتأييد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.

انتخابات مبكرة
بدورها، وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» ما أسفرت عنه الانتخابات البلدية في هذه المدينة التركية الرئيسة بأنه «الهزيمة الأكبر في التاريخ السياسي لأردوغان»، مُشددة على أن خسارة حزبه السيطرة على إسطنبول بعد ربع قرن من الهيمنة عليها «يُظهر أن الوهن بدأ يدب في قبضة الرئيس التركي على السلطة بعد 16 عاماً قضاها في الحكم». وأشارت إلى أن الهزيمة في الانتخابات البلدية تُضعف كذلك من وضع أردوغان على الساحة الدولية، في وقتٍ تتصاعد فيه المواجهة بينه وبين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على خلفية رفض واشنطن خطط أنقرة لشراء منظومة «إس - 400» الروسية المتطورة للدفاع الجوي.
وأبرزت «نيويورك تايمز» التَبِعات العملية التي ستترتب على سيطرة المعارضة التركية على بلدية إسطنبول «رغم تسخير أردوغان موارد الدولة كافة وبشكلٍ صارخٍ، للفوز بالانتخابات» وشنه حرباً نفسيةً ضد مرشح المعارضة، قائلةً إنه بجانب كون النتائج «ضربةً» للرئيس التركي، فإنها ستحرم الحزب الحاكم كذلك من «موارد كبيرة كانت تغذي الآلة السياسية له، بدءاً من المساعدات المالية التي كانت تذهب لأنصاره المتحمسين، مروراً بعقود الإنشاءات التي كانت تُمنح للموالين له، وصولاً إلى المخصصات التي كانت تُكرس لوسائل الإعلام الموالية للدولة».
ونقلت الصحيفة الأميركية المرموقة عن محللين في الشأن التركي قولهم إن نتائج انتخابات مسقط رأس رجب طيب أردوغان «ستطلق سلسلةً من التفاعلات، التي يمكن أن تُنذر بإمكانية إجراء انتخاباتٍ مبكرةٍ في وقتٍ لاحقٍ من العام الجاري أو في العام المقبل»، وهو أمر سيصعب على أردوغان مواجهته، في ظل الانشقاق الوشيك لكلٍ من الرئيس السابق عبدالله جول ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو، عن الحزب الحاكم.
وبحسب المحللين، يمكن أن يسعى حزب «العدالة والتنمية» في الفترة المقبلة إلى تقليص صلاحيات رؤساء البلديات لتقليل حجم الخسارة التي مُني بها في الانتخابات المحلية، التي أسفرت أيضاً عن فقدانه السيطرة على عددٍ لا يُستهان بها من بلديات المدن الكبرى.
لكن ذلك لن ينفي أن شعبية الرئيس التركي في هذه المدن، وخاصة في إسطنبول، قد تراجعت بشدة خلال السنوات القليلة الماضية، بعد ركود حركة الإنشاءات العقارية، وحالة الركود التي ضربت الاقتصاد المحلي في المدينة، وهو ما دفع مراقبين للقول إن «أردوغان فقد لمسته السحرية» وأصبح الكثيرون يقارنونه بـ «إمام أوغلو» العمدة الجديد لأسطنبول، إلى حد أن هناك من باتوا يطلقون على هذا السياسي الأربعيني اسم «أردوغان الجديد».

«خاسر سيئ»
ومن جانبها، أبرزت صحيفة «وول ستريت جورنال» فشل الرئيس التركي في «سرقة» انتخابات إسطنبول رغم محاولاته المحمومة في هذا الصدد، وهو ما يؤكد - بحسب الصحيفة - أن هناك «مؤشراتٍ تفيد بأن الديمقراطية ما تزال حيةً في هذا البلد». ووصفت «وول ستريت جورنال» ذلك بأنه من قبيل «الأنباء السارة» التي تشح للغاية في الوقت الراهن في تركيا.
وفي افتتاحيةٍ أعدتها هيئة التحرير في الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار، أشارت «وول ستريت جورنال» إلى أن الرئيس أردوغان «خلق لنفسه (في الانتخابات الأخيرة) عدواً جديداً»، وأن خسارة مرشح حزبه للاقتراع أعطى الأمل لـ«الديمقراطيين المحاصرين» في هذا البلد.
وشددت الافتتاحية على أن نتائج انتخابات إسطنبول «تشكل أحدث بادرة توبيخ للرئيس التركي، بعدما حاول السطو على بلدية هذه المدينة من خلال الضغط على السلطات المسؤولة عن الانتخابات لإعادة الاقتراع إثر فوز مرشح المعارضة به في مارس الماضي».
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن محاولة السرقة هذه «جاءت بنتائج عكسية، إذ وسع أكرم إمام أوغلو هامش الفوز إلى 700 ألف صوت، بعد أن كان لا يتجاوز نحو 13 ألفاً في التصويت الأول».
وأشارت الصحيفة إلى أن «خسارة الانتخابات في هذه المدينة التركية تشكل تحذيراً لأردوغان للتخفيف من غلواء استبداده» ولكنها أكدت أن هذا الرجل الذي حاول طيلة الأعوام الماضية تجميع كل السلطات في يده «لا يأخذ الهزيمة بصدرٍ رحبٍ على الإطلاق».

«هزيمة مُزلزلة»
على الجانب الآخر من المحيط، أكدت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الهزيمة الحاسمة لمرشح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في إسطنبول تشكل «تحولاً مُزلزلاً» على الساحة السياسية التركية، وتوقعت بأن تمثل نتائج الانتخابات في هذه المدينة «بداية النهاية» لأردوغان، بعدما أثبتت أنه «قابلٌ للخسارة» وليس كما كان يزعم عن نفسه من قبل.
وأبرزت الصحيفة أهمية الفوز الذي حققه المرشح المعارض في تلك المدينة بفارق 9% من الأصوات، عن منافسه الحليف الوثيق لأردوغان، ليكسر بذلك سلسلة اقتراعاتٍ حالف فيها الحظ هذا الرجل منذ عام 2002 وحتى الآن، قائلةً إن هذه النجاحات الانتخابية جعلت الرئيس التركي يمضي على طريق تأسيس نظامٍ استبداديٍ تخضع له فيه كل المؤسسات القضائية والإعلامية والتشريعية وحتى الحزب الذي ينتمي إليه.
وقالت «هزيمة إسطنبول المدوية مثلت ضربة لأردوغان وأتباعه المتعجرفين»، لا سيما بعد أن انخرط الرئيس التركي في الحملات الدعائية الداعمة لـ«بن علي يلدريم» بنفسه، بقدرٍ جعله يشارك في ثمانية تجمعاتٍ انتخابيةٍ في اليوم الواحد، من أجل إنجاح مرشح الحزب الحاكم.
وتوقعت أن تفتح الخسارة الانتخابية الأخيرة أبواب جهنم على أردوغان، الذي يتأهب عددٌ من كبار قادة حزبه «العدالة والتنمية» للانشقاق عنه وتأسيس كيانٍ سياسيٍ جديد.

أملٌ غير متوقع
صحيفة «الجارديان» أولت اهتمامها لرئيس البلدية الجديد لإسطنبول، واصفةً إياه بأنه «أمل تركيا الجديد غير المتوقع للكفاح من أجل الديمقراطية» رغم أنه لم يكن - حتى فوزه في انتخابات مارس الماضي - شخصيةً معروفةً في الحلبة السياسية في البلاد.
وأشارت إلى أن حملته الدعائية التي خلت من البهرجة الزائدة، أكسبته الشعبية بين الناخبين في المدينة التركية العريقة، بعدما بدا من خلالها رجلاً كفئاً ذا عقلية متفتحةً، لافتةً الانتباه إلى أن التقاءه بأردوغان مطلع العام الجاري لمناقشة مشكلات إسطنبول، جعلته يجني احترام سكانها كذلك.
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها عن قاهر أردوغان في إسطنبول بالقول - نقلاً عن أحد نشطاء المجتمع المدني في إسطنبول - إن «إمام أوغلو يمثل كل ما فاتنا لسنواتٍ طويلة.. نأمل أن يكون المرشح ضد رجب طيب أردوغان في انتخابات 2023».

انتفاضة تركية
وفي تقريرها بشأن نتائج انتخابات إسطنبول التاريخية، اعتبرت صحيفة «دّيلي إكسبريس» البريطانية أن «الهزيمة المُذلة لأردوغان.. تعبر عن انتفاضةٍ لتركيا بأسرها»، قائلةً إن ما تعرض له الرئيس التركي من خسارةٍ انتخابيةٍ في هذه المدينة، يمثل «ضربةً قاسيةً» له ولحزبه الحاكم منذ أكثر من 16 عاماً.
وأشارت إلى أن إسطنبول عاشت أمس الأول ليلةً صاخبةً عمتها فيها الاحتفالات، بفوز أكرم إمام أوغلو الذي كان رجل أعمالٍ في السابق، كما سبق له ممارسة كرة القدم، تماماً كما فعل أردوغان في مقتبل حياته.
على الدرب نفسه، سارت صحيفة «دَيلي ميل» البريطانية أيضاً، التي أبرزت تدفق عشرات الآلاف من الأشخاص على شوارع المدينة التركية، احتفالاً بالهزيمة التي تكبدها رئيس البلاد «المتعطش للسلطة»، والذي خسر الانتخابات البلدية في إسطنبول للمرة الثانية، رغم حملة التخويف التي شنها وحزبه خلال الأسابيع الماضية للتحذير من مغبة فوز مرشح المعارضة.
ونشرت الصحيفة صوراً للحشود المبتهجة بفوز إمام أوغلو في الانتخابات «التي وُضِعَتْ عليها الكثير من الرهانات». وأبرزت النبرة التصالحية التي تبناها المرشح الفائز بقوله إنه على استعدادٍ لـ «العمل في تناغم» مع الرئيس التركي، وطلبه الالتقاء به في أقرب وقتٍ ممكن.
وحرصت «ديلي ميل» على الإشارة إلى أهمية مدينة إسطنبول، التي يقطنها نحو 15 مليون نسمة وتستقطب ملايين السائحين كل عام، وتشكل مركزاً اقتصادياً وثقافياً لتركيا، ويرجع لها الفضل في أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2017.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©