الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

واجهات الأجنحة في مهرجان الشيخ زايد التراثي.. إبداع معماري يعزف لحن الأصالة

واجهات الأجنحة في مهرجان الشيخ زايد التراثي.. إبداع معماري يعزف لحن الأصالة
18 يناير 2019 02:20

أبوظبي (الاتحاد)

يقول المهندس المعماري الإيطالي الشهير «رينالدو أوليفيري»: «إذا أردت أن تعرف أمّة، فعليك الرجوع إلى ثقافتها وفنونها وهويتها المعمارية»، وهو ما يجسده المشهد البانورامي لمهرجان الشيخ زايد التراثي في منطقة الوثبة، حيث يلفت الانتباه عبر تلك الفضاءات الجمالية والطرز المعمارية المدهشة، التي تعكسها واجهات بعض الأجنحة المشاركة، فهنا الأصالة وعمق التاريخ والروح الحضارية والإنسانية، وأجمل ما أبدعته يد الإنسان، من تحف معمارية تبدو على هذه الواجهات الديكورية الممتلئة فناً صافياً ومفردات تراثية ومعالم سياحية وأثرية، تصبح أكثر جمالاً وروعة حينما تلامسها بالروح والمدرك البصري والوجداني، وحين تحمل الزوار على بساط الزمن إلى عالم المعرفة، وهواة البحث عن عبق الأيام وروائع الحضارة القديمة.

الكويت.. معادلة الأصالة والمعاصرة
تجسد واجهة جناح دولة الكويت التطبيق الفعلي لمعادلة الأصالة والمعاصرة، فمن أبراج الكويت الحديثة التي تم افتتاحها رسمياً في 26 فبراير 1976، ويتم تصنيفها معلماً ورمزاً للكويت العصرية، إلى مسجد الدولة الكبير، ويقع قرب شاطئ الخليج العربي، بدأ العمل في تشييده عام 1979، واستكمل عام 1986، وساهم في بنائه 50 مهندساً و450 عاملاً، وصممه المهندس المعماري محمد صالح مكية، واختار له تصميماً فريداً على الطراز المعماري الأندلسي، فيما تختتم مفردات تصميم الواجهة بنموذج لأبراج المياه، وهي مجموعة بارزة «31 من أبراج المياه» في مدينة الكويت، وتم إنجازها عام 1976، وتتسم باللونين الأزرق والأبيض، في تناغم بديع من سحر التشكيل وروعة التصميم.

الأردن: البتراء «المدينة الوردية»
استلهمت واجهة الجناح الأردني في المهرجان من مدينة البتراء الأردنية، والمعروفة باسم «المدينة الوردية»، وأيضاً باسم «سلع»، وهي مدينة تاريخية منحوتة في الصخر الوردي اللون، «ومن هنا جاء اسم بترا، وتعني باللغة اليونانية الصخر»، «يقابله باللغة النبطية رقيمو»، والبتراء تعرف أيضاً باسم المدينة الوردية نسبة إلى لون الصخور التي شكلت بناءها، وهي أشبه ما تكون بالقلعة، بناها الأنباط عام 400 قبل الميلاد، وجعلوا منها عاصمة لهم، وتعتبر الخزنة المنحوتة في الصخر، أشهر معالم البتراء وأكثرها أهمية، حيث اختار الأنباط موقعها بعناية كأول معلم يواجه الزائر بعد دخول المدينة، وقد سُميت بهذا الاسم لاعتقاد البدو المحليين بأن الجرة الموجودة في أعلى الواجهة تحوي كنزًا، ولكنها في الواقع ضريح ملكي.

أما الجزء الثاني من التصميم فمستلهم من إيقاعات منطقة «الدير»، وهو من المباني المهمة منذ النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد.

البحرين.. مسجد الخميس منذ القرن الأول الهجري
تعكس واجهة جناح مملكة البحرين جانباً من قلعة البحرين الموجودة في ضاحية السيف، وتم اكتشافها في خمسينيات القرن الماضي، وكان السكان المحليون أوّل من وضعوا اللمسات الأوّلى على القلعة، وذلك في القرن الرابع عشر الميلادي، وكانت وقتها تتألف من أربعة أبراج ذات شكل دائري، حيث إنّ كل واحد منها يوجد في زاوية من زوايا القلعة، كما وُجِدت فيها العديد من الغرف، استُخدم بعضها في مجال حفظ الذخيرة، والبعض الآخر من أجل الجند.

وبحسب الباحث البحريني المشرف على الجناح عبد الله بوزبون تجد في هذا التصميم البارع جانباً من باب البحرين في العاصمة المنامة، والتي تعتبر من أهم وأقدم المعالم التاريخية في المملكة، بني عام 1945، وقام بتصميمه وببنائه سير تشارلز بلجريف مستشار حكومة البحرين آنذاك، وقد ظل باب البحرين بمثابة البوابة الاقتصادية لتبادل البضائع وبيع المنتجات الواردة إلى سوق البحرين، وتم ترميمه وتجديده بعد ذلك في عام 1986، ويستخدم حالياً مقراً لمديرية السياحة والآثار ومكاتب المشروعات السياحية، ومن مفردات تشكيل واجهة الجناح مسجد الخميس الذي سمّي بهذا الاسم نسبة إلى المنطقة التي بني فيها أقدم بناء إسلامي في البحرين، وأول مسجد يبنى خارج الجزيرة العربية، ويعود تاريخه إلى القرن الأول الهجري، ويعتقد أنه بني في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز.

السودان.. تنوع المفردات التاريخية والأثرية
تعتبر واجهة جناح السودان من التحف المعمارية النوعية، على مستوى تنوع المفردات التاريخية والأثرية، وعلى مستوى إيقاعات التصميم المستلهم من حضارة تاريخية عريقة، فهنا واجهة جامعة الخرطوم، وتعرف بأم الجامعات السودانية، تم افتتاح نواتها في 8 نوفمبر 1902، تحت اسم كلية غردون التذكارية، من قبل الحاكم العسكري البريطاني اللورد كتشنر، تخليداً لذكرى سلفه اللورد غردون، الذي قتل إبان هجوم قوات جيش الإمام محمد أحمد المهدي، على سراي الحاكم العام لتحرير الخرطوم، وبعد استقلال السودان في يناير 1956، أطلق عليها اسم جامعة الخرطوم، وهنا أيضاً أهرامات البجراوية في ولاية مروي، حيث تنتصب أهراماتها شامخة على حضارة عريقة قدم القارة السمراء نفسها، كما يتضمن تصميم الواجهة على تجسيد لصوامع الغلال «القمح-الذرة» الواقعة في ولاية القضارف القريبة من الحدود مع إثيوبيا.

سلطنة عمان.. قلاع وحصون
واجهة تاريخية بالكامل، هذا هو ما تتمتع به الواجهة الجميلة لجناح سلطنة عمان، فهنا أبراج الصحوة التي تقع في قلب العاصمة مسقط، وهنا تجسيد لنماذج من أهم القلاع والحصون التي تشتهر بها السلطنة، خاصة قلعة نزوى التي بنيت في بداية القرن الحادي عشر الهجري، منتصف القرن السابع عشر الميلادي، وقد استغرق بناؤها اثني عشر عاماً، وهي عبارة عن مبنى دائري كبير مبني بالحجارة والجص العماني «الصاروج»، ويبلغ ارتفاعها 34 متراً، وقطرها 45 متراً، وهي بمثابة منصة منبسطة السطح أقيمت على قاعدة مردومة بالحجارة علوها 15 متراً ويقال 30 متراً إلى باطن الأرض، مزودة بفتحات مدافع، ويتم الصعود إلى القلعة عن طريق سلم ضيق على شكل حرف «ح»، حيث توجد سبعة أبواب، وعند كل باب منعطف يطل على هذه الأبواب فتحات دفاعية، ثم ينتهي التصميم ببوابة مسقط المشهورة.

اليمن.. تحف جمالية تحتفظ بطابعها المعماري
أول ما يلفت الانتباه في تصميم واجهة الجناح اليمني هو معالم من بيوت صنعاء القديمة، تلك التحف الجمالية التي ما زالت محتفظة بطابعها المعماري الطيني الفريد، وإتقانها الهندسي المميز، لم يخدعها بريق المدينة الحديثة، ولم تنجر وراءها، بل تمسكت بخصوصيتها كلوحات فنية بديعة تحكي للأجيال الحالية والقادمة.. كيف كان عليه حال الآباء والأجداد، وكيف كانوا يشيدون بيوتهم، كما يدهشك هذا التصميم البديع للجامع الكبير بصنعاء، الذي يعد اليوم أكبر خزانة للمخطوطات النفيسة، والمشيد وفق طراز العمارة الإسلامية، بني في السنة السادسة للهجرة، أمَر بتوسعته الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك والولاة من بعده، وقد عثر علماء الآثار عام 2006 بإشراف خبيرة الآثار الفرنسية الدكتورة ماري لين على آثار سراديب وبناء قديم، وقد عثر على كشف أثري مهم قبل ذلك بسنوات أثناء إزالة الجص من الجدران، من خلال اكتشاف اثني عشر مصحفًا قديمًا، وكذلك أربع آلاف مخطوطة عربية نادرة، ومراسلات من العهد الأموي، وهذه النفائس محفوظة الآن بمكتبة الجامع، كل هذه الروائع متداخلة مع معالم من محافظة مأرب، والبيوت التراثية المبنية من الطوب الأحمر، وتسمى «الطيرفانات».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©