ممدوح محمود:
في إحدى ليالي رمضان كان موعدنا وإلى واحدة من أقرب الدول الشقيقة إلى الإمارات إنسانياً وجغرافياً وتاريخياً كانت وجهتنا ·· ومن البحرين جاءت دعوتنا ·· وفي بيت البحرين الكبير في أبوظبي كانت محطتنا ·· وفي الديوانية التي انعقدت في دار السفارة البحرينية دار حديثنا مع عدد من أعضاء البعثة الدبلوماسية وبعض الشخصيات من أبناء الجالية البحرينية حول رمضان في بلادهم·
كان في مقدمة الحضور علي عبدالله الشاعر مسؤول الشؤون القنصلية بالسفارة، وجاسم بونوفل الملحق الثقافي، وعبدالرحمن العيد سكرتير أول، وابراهيم محمد المسلماني سكرتير ثاني، وخيري جوهر، وعيسى الرشدان، وناصر الجلاف·
عن البحرين ·· تلك المملكة الخليجية العربية المتعددة الجزر في اطار أرخبيل تضم 33 جزيرة ترتبط كحبات المسبحة حول الجزيرة البحرين الأم برباط الإسلام- دار الحديث·
بادرني الاستاذ جاسم بونوفل قائلاً: في بلادنا شواهد كثيرة على عراقة الماضي ونهضة الحاضر ·· والاسلام أبرز ما في قسمات وجه البحرين·
وأضاف السيد علي عبدالله الشاعر - جزيرة البحرين هي الكبرى بين الجزر وهي تضم مدينة المنامة العاصمة ويربطها جسران رئيسيان بجزيرة المحرق التي تضم المطار الدولي·
ثم يتواصل الحديث مشتركاً بين الجميع إما رداً على سؤال، أم استكمالاً لاجابة·
ü في أي جزيرة من جزر الأرخبيل القابع في الخليج العربي، تصافح بعينيك موج البحر، وتصافح بأذنيك خرير مياهه، وترجع بذاكرتك إلى ماضي الزمان حينما كان، البحر هو المصدر الرئيسي لحياة الناس·
كان النشاط الاقتصادي للسكان قديماً هو الغوص لاستخراج اللؤلؤ، وصيد الأسماك والتجارة البحرية، بعكس الواقع الحديث للبحرين التي يقوم اقتصادها على النفط والغاز بالاضافة إلى الموارد الاخرى كالصناعة والسياحة والخدمات والتجارة·
الزائر للبحرين تتعدد وجهاته، فالعاشق للتاريخ سيتجه طبعاً إلى الأسواق القديمة في المنامة والمحرق، ولابد أن يزور المتحف الوطني ومركز التراث، ومركز الجسرة الذي يعكس كل ماضي البحرين الذي يعنى بالمهن والحرف القديمة·
والسياحة في البحرين تستفيد بالشواطئ الطويلة الممتدة حول كل الجزر، كما تستفيد بالصحراء الممتدة فوق كل الجزر، وتنظم في كلا الجانبين الرياضات المناسبة له، سباقات الزوارق أو السيارات·
إن أبرز ما يميز البحرين هو انتشار التعليم والاهتمام بالثقافة، وهي من الدول صاحبة أعلى النسب في التعليم وأدنى النسب في الأمية·
ويرجع تاريخ بدايات التعليم إلى العام ،1919 وأوفد الكثير من ابناء البحرين في بعثات علمية إلى جامعات مصر، والعراق، وسوريا، ولبنان·
وتضم البحرين اضافة الى الجامعة الرئيسية جامعة الخليج العربي بالاضافة إلى 14 جامعة خاصة·
ومن أبرز ما يميز البحرين أيضاً انفتاحها السياسي والاجتماعي حيث المجتمع الاهلي نشط وفعال ومشارك في تشكيل المجتمع البحريني ونهضته، وربما كانت البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي بها جمعيات أهلية سياسية·
وتحظى المرأة البحرينية بدور فاعل في الحياة الاجتماعية والثقافية حيث حصلت البحرين على أعلى النسب في تعليم المرأة ودخلت للعمل في جميع المهن من الوزيرة إلى كل المجالات·
وأهم ما يميز رمضان في البحرين من عادات اجتماعية احتفالية هي القبكة وتنطق بالجيم القبجة حيث يجتمع الناس من الأصدقاء أو الأقارب أو أهل الحي في بيت واحد حول مائدة خاصة في منتصف الليل، أي ما بين الافطار والسحور، كل ليلة طوال الشهر الكريم·
هكذا التقط الحديث الاستاذ عيسى الرشدان وأضاف: تجتمع كل مجموعة قبل بداية شهر الصوم لعمل قرعة لترتيب البيوت التي تستضيف المجموعة على مدار الليالي الرمضانية·
وهناك من البيوت للكرماء من الناس ما تحيا فيها القبكة أو القبجة يومياً وتبقى مفتوحة في منتصف كل ليلة لاستقبال أبناء الفريج ·
ويكمل الاستاذ خيري جوهر قائلاً وهذه الاجتماعات تكون مجالس للتواصل الانساني ولحل المشاكل الاجتماعية ومناقشة القضايا العامة التي تهم الحي والتواصي بآداب وقيم الشهر الفضيل·
وكما تتميز البحرين بالقبجة ، تتميز مائدة القبجة بلون خاص من الطعام يسمى المحمر وهو عبارة عن رز محلى بالسكر وكان في الأصل يحلى بدبس التمر، ويقدم السمك المشوى أو المقلي مع المحمر والهريس·
والمائدة الرمضانية البحرينية لا تغيب عنها ثلاثة أطباق رئيسية هي:
ü الثريد وهو الطبق الاول على مائدة الافطار في رمضان وغالباً لا يقدم في غير رمضان الا في المناسبات·
والثريد البحريني يختلف عن الثريد الإماراتي حيث تستخدم الامارات خبز الرقاق بينما يستخدم البحرينيون الخبز العربي·
ü الهريس : وهو نفس الهريس الخليجي المعروف والمعد من القمح واللحم·
ü الكبة : وهم في البحرين يعدونها من الروبيان فقط بالاضافة إلى الطحين والبصل ويشكل على شكل كورة، ويطبخ مع صلصة محلاة بالتمر الهندي·
ü ومن أشهر حلوياتهم الحلوى البحرينية ·· وهي عبارة عن سكر ونشا ومكسرات وهيل وزعفران وماء الورد بالاضافة إلى زيت النخيل·
ü الزلابية : وهو يطلق عليه أيضاً المشبك وهي حلوى عرفها البحرينيون منذ مئات السنين وهي دوائر متشابكة في تشكيلاتها بأكثر من صورة، وتصنع من الطحين والسكر والزيت، بالإضافة إلى شربات الليمون·
ويشارك في الحديث الزميل ناصر الجلاف وهو له اسهامات في المسرح البحريني قائلاً يتميز رمضان في البحرين بالمساجد العامرة، والمآذن المضاءة والمساجد في البحرين متعددة الطرازات ولكنها في العموم تمزج ما بين الطابع العربي الإسلامي، وما بين التراث البحريني والعمارة الحديثة ويؤم المساجد الرجال والنساء كل في المكان المخصص له حيث يحرص الجميع في البحرين على صلاة الجماعة وصلاة التراويح·
ويمكنك أن تلاحظ بوضوح ازدياد أعداد الشباب البحريني في المساجد بحيث أصبحوا على عكس ما كان في الماضي، هم العدد الاكبر من المصلين وهذا يعني أن الصحوة الإسلامية في البحرين والتي تمثلها في البرلمان نسبة كبيرة من الأعضاء من المذهبين السني والشيعي والذين هم جميعاً تحت الراية الإسلامية الواحدة لهم نشاط ملحوظ في الساحات السياسية والثقافية والاجتماعية·
ثم يعود الحديث ليكون شراكة بين الجميع·
لقد امتزجت الروح البحرينية بالعادات العربية والقيم الاسلامية التي طبعت المجتمع البحريني بسمات النخوة والشهامة والتكافل و الفزعة أي الاسراع في تقديم المساعدة للغير، وكانت هذه الاخلاق والسلوكيات النابعة من الدين سمة للمجتمع البحريني في الماضي وما زال المجتمع البحريني بتماسكه وترابطه وارتباطه بدينه الاسلامي ووطنيته وعروبته وسيبقى بإذن الله بهذه الشخصية المسلمة·
عدد اليوم
