الأربعاء 22 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حارب الظاهري: رمضان يسقي الحياة بماء الإلهام فتورق وتزهر

29 أكتوبر 2005

د· محمد يونس :
عندما يتجلي الكاتب في رمضان ، أو يتجلى رمضان داخل الكاتب، فلابد للغة أن تطير على أجنحة الشوق الى أفاق بعيدة ، ترصد ذكريات الطفولة، وملامح المدن وقت الغروب، وعطر الأمسيات البعيدة ممزوجة بجلال الذكر، وإشجان الذكرى!
هكذا كانت فيوضات رمضان في حياة الكاتب حارب الظاهري رئيس اتحاد الكتاب بدولة الإمارات·
يقول الظاهري شهر رمضان يختزل بحب وطمأنينة كل الذكريات والتجليات وبحق يعني هذا الشهر الكريم بناء من الإيحاء المتزن، حيث لا يطغى الجوع على الشبع، ولا المال على الفقر، نرى الحياة بعراقتها وصورها المبجلة وكأنها تورق وتزهر ليسقيها رمضان بماء الإلهام·· شهر يخفق ليله بسمو المعنى الإلهي، ويبدو نهاره صامتاً، يطرب مساره فينا!
صوت يتدثر بالإيمان
أما رمضان في طفولتها فكان نسيجاً من البراءة والاندهاش الأول، يقول: جملة 'غدا رمضان' تنبأ مسمعنا بالوقار، استيقاظ وسط الليل تبدو لنا حالة استثنائية تموج لها في تداخل أصوات العائلة من كبار وصغار، رمضان ينفرد بحالة العزف هذه، جفون النوم تتفتح نحو خيط مضيء، وصوت يتدثر بالإيمان حتى مطلع الفجر، يخفق القلب، يتسع للحب والصدق والأمانة كلما تمتم ما قبل السحور وما بعده·
يضيف رمضان يرصد الوقت بدقة متناهية، ما بين هتاف الأذان لا تبدو فجوات ما بين الظلام والنور الا وتلهج وتتناغم مع تلو القرآن الكريم، وتتناهى لصلاة على سيد المرسلين محمد -عليه الصلاة والسلام·
رمضان في ذاكرة المدن
يرصد الكاتب حارب الظاهري رمضان في مدن مختلفة شهد فيها فيض الشهر الفضيل، فيقول: عشت شهر رمضان الكريم ما بين مدن عدة: مدينة العين كانت تلهج بفجرها الجميل وعصار حبها طفولتي البكر، مدينة بنهج خيالي لدرجة الواقع الذي يحدد ملامح الأشياء ويضفي عليها رونقاً خلاباً، إنها الغرس الأول لرمضان في دمائي كما تغرس في تربتها نكهة النخيل·
ابو ظبي تقيم الصلوات داخلك
أما أبوظبي فتبحر بك في رمضان كخيوط جميلة وملهمة لتحيل الزرقة لماء عذب، رمضان فيها السهر الذي لا تمحوه الذكريات، المنازل تختزل المساجد، أصوات المواعظ الدينية تفوح من عطرها، تشرق شمسها على موعد السجود لله لتقيم بداخلك الصلوات ولا تغيب، تظل الأسماء التي عرفتها بالصغر معلماً يذكر بالشهر الكريم وتفاصيله تلك الأسماء لها صوتها الذي يميزها في عملها إلا أنها ذات أشياء صغيرة ومحببة تطل منها على رمضان·
رمضان غريب في لندن
أما عن ذكرياته لرمضان خارج الوطن، فيقول حكاية 'لندن' مؤلمة وبالتالي هذه المدينة لا افقهها كثيراً وما بال رمضان يتجول بها غريباً والأشياء بلا مغزى ولا معنى، تلك المدينة أفقدتني برمضان وجه أختي الوقور ومحياها المتوضئ، كانت على أعتاب النور، تسمو نحو الحياة في طريقها البكر إلا أن المرض و'لندن' جعلت ألم الحزن يعتصرني رمضان أصبح البلسم الشافي والصبر مع كل فجر ملهم للحياة·ينتقل محدثنا الى محطة أخرى خارج الوطن فيقول: في أيام الدراسة الجامعية بولاية 'أريجون' الأميركية كان يحل رمضان ضيفاً جميلاً ونهجاً إسلامياً صادقاً وصافياً كالماء، بناء رمضان يعود إلى زمن الإسلام البكر، ربما كان امتدادا لأيام لم تكن تخلو من ملامح حقيقية يومية تعيشها من الصدق والأمانة والإخلاص، كانت الأسر تعمل ضمن نظام مبرمج، تتناوب في عمل الإفطار للمسلمين بإشراف مسجد 'سلمان الفارسي'·
ويضيف: كان المسجد أيضاً يقوم بالاشراف على البرامج المختلفة من محاضرات ثقافية دينية، ويمتد إلى توفير احتياجات المسلمين وما يلزمهم خلال الشهر، هذا الالتفاف حول المسجد جعل لرمضان خاصية يتنبأ لها الكثير من الأميركان في ذلك الوقت وأعطت فيما بينهم صدى عن الإسلام!
طقوس غريبة وهجينة!
أما عن أبرز ملامح التغيير في أجواء رمضان ما بين الماضي والحاضر، فيرى أنها كثيرة، أهمها أنك تشعر بالشهر الكريم وتعيش بطقوسه أكثر أما الآن هناك طقوس غريبة وهجينة لحقت بالشهر الفضيل لا تمت له ولا تعبر عن روحانية الشهر·
الكتب القديمة و تصحيح المسار
وحول برنامجه اليومي شهر الصوم ، يقول: 'إن ارتباطي بالبرامج الثقافية لا يتغير خلال الشهر الكريم، وإنما أضفي عليه شيئاً من البرامج الدينية التي من شأنها أن تصحح مساري أو تفيدني في حياتي··
ولأن الوقت يمتد قليلاً إلى آخر الليل، فربما يتم الاستفادة من ذلك من خلال تكثيف القراءة والبحث في معالم الكتب ذات النهج الثقافي، فهناك كتب حين تقرأها في شهر رمضان تعطيك مذاقاً وخاصة الكتب القديمة، طبعاً إضافة إلى برامج التلفزة المهمة منها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©