الجمعة 31 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الإمارات

الشباب في رمضان يضيعون وقتهم في المقاهي ومتابعة الفضائيات

الشباب في رمضان يضيعون وقتهم في المقاهي ومتابعة الفضائيات
28 أكتوبر 2005
تحقيق: أحمد المنصوري:
يستيقظ 'ناصر' الطالب في كليات التقنية العليا بتثاقل شديد كل صباح رمضاني ليذهب إلى الكلية· وينهي دوامه مبكرا ليعود إلى فراشه ليعوِّض ساعات نومه في الليل التي قضاها في السهر مع 'الرَّبع'·· يعود ويستيقظ قبل المغرب مرة أخرى ليبدأ بعدها برنامجه اليومي الذي انتهجه منذ بداية رمضان·
يتابع سلسلة من البرامج التلفزيونية المفضلة لديه بعد تناول الإفطار·· ويصلي العشاء والتراويح في إحدى المساجد، ولا يذهب للصلاة في المسجد المجاور لمنزله لأن الإمام الذي يقرأ جزءا من القرآن 'يطوّل كثيرا' في الصلاة·· وفي الساعة الثامنة والنصف يخرج مع مجموعة من الشباب لجولة في المراكز والأسواق، ويلتقي مع آخرين في إحدى المقاهي التي تعج بشباب في سنه ويتناول بنهم خرطوم الشيشة لينفث دخان المعسّل لساعات أخرى من الليل·· وفي بعض الأحيان يلتقي مع بعض الأصدقاء في خيمة لمتابعة مباريات الكرة أو الجلوس للتسامر ولعب الورق حتى وقت السحور·
ويبدو أن 'ناصر' ليس حالة فريدة في هدر الأوقات الفضيلة في رمضان، حيث أن هذا دأب العديد من الشباب ممن يبحثون عن أجواء السهرات الرمضانية كل حسب هواه·
وتعددت آراء الشباب حول كيفية استغلال أقرانهم لأيام وليالي الشهر الفضيل وعاداتهم الرمضانية وبرنامجهم اليومي، إلا أن معظمهم أجمع على أن الشباب بشكل عام لا يستغلون الأوقات المباركة في رمضان فيما فيه زيادة الأجر والثواب·
أوضح موسى خلفان ناصر أن برنامج الشباب الرمضاني يبدأ في الليل، حيث يخرج كل شاب مع شلته أو ربعه، ويجلسون في المقاهي حتى السحور أو يجولون في الشوارع والمراكز التجارية·
وقال: 'أعترف أنني لم أحسن حتى الآن استغلال الشهر الكريم، إلا أنني سأعمل على استغلاله بشكل أفضل في الأيام المقبلة وأنوي أداء العمرة في نهاية رمضان·'
من جانبه يقول 'بو مريم الهاملي' إن طريقة قضاء الشباب أوقاتهم في رمضان 'غلط في غلط' معتبرا أنه يفترض على الشباب استغلال هذه الأوقات الثمينة في العبادة وذكر الله وزيارة الأرحام· وقال: 'الكثير من الشباب وللأسف يخوضون مع الخائضين في تقليد الآخرين والتسكع في شوارع والمراكز التجارية طوال الليل أو بالسهر في المقاهي·!'
وانتقد 'بو مريم' ما تقوم به بعض الإذاعات المحلية من الترويج للمقاهي التي تقدم أفضل أنواع الشيشة وأجمل السهرات الرمضانية وتدعو الشباب إلى الذهاب إلى هذا المقهي أو ذاك معتبرا أنها ترويج للباطل وفيه ضياع ومفسدة الشباب!
مفارقات رمضانية
يرى علي القبيسي أن حال الشباب في رمضان فيها مفارقات عجيبة وهي تتفاوت حسب النوازع الدينية عند الشخص ومدى تأهبه الروحي والإيماني لحسن استغلال رمضان· واعتبر أن طريقة استغلال الشباب لأوقاتهم في رمضان يختلف من شخص لآخر مشيرا إلى أن معظم من حوله لا يحسنن استغلال الشهر الكريم في الطاعة والعبادة·
وقال: 'في رمضان·· هناك شباب يديمون النظر في القرآن الكريم، وآخرون يديمون النظر في التلفاز!·· ومنهم من يطيل الجلوس في المساجد وفي حلق الذكر، وآخرون يطيلون الجلوس في المقاهي·· وهناك من يمضي ساعات ليله في 'الحواطة' وهناك من يمضيها في التهجد والقيام!!'
وأوضح القبيسي أن بعضا ممن يعرفهم يأخذون إجازة من العمل كل رمضان، إلا أنه يلاحظ أنهم يقضون الإجازة في النوم طوال النهار، يبدأون في الاستيقاظ عصرا·· ويبدأ يومهم بعد الإفطار أو بعد صلاة التراويح في أحسن الأحوال·
وقال إن غالبية الشباب يبحثون عن المساجد التي يصلي أئمتها التراويح بسرعة حتى يسرعوا بالخروج إلى المجالس والمقاهي 'قعدات الكوفي شوب!'·
واعتبر أنه في الجانب الآخر هناك شباب يتجهزون مبكرا للصلاة، ويحرصون على أداء التراويح خلف إمام يجيد القراءة·
وأوضح علي القبيسي أن هناك بعض المظاهر التي تكثر في رمضان منها خروج الشباب في مجموعات يقودون الدراجات النارية، وإقامة الخيام والمجالس الرمضانية التي تدور معظم الأحاديث فيها عن الأسهم، أو في لعب الورق وتدخين الشيشة، ومتابعة مباريات الكرة·
هوس المقاهي
من جهته انتقد محمد الدرمكي ما سماه هوس الشباب للجلوس في المقاهي وتدخين الشيشة مشيرا إلى أن شهر رمضان يعتبر موسم تزدهر فيه تجارة المقاهي بشكل كبير·
وقال: 'يمتلك أحد الأشخاص الذين أعرفهم مقهىً في مدينة العين·· وقام قبل رمضان بشراء مستلزمات وعدة الشيشة والمعسّل بمبلغ 150 ألف درهم!·· وأشار هذا الشخص بأن أرباحه سيتضاعف خلال شهر رمضان!·'
وأوضح الدرمكي أنه يشخصا يستغل وقته في رمضان في تلاوة القرآن، والمحافظة على أداء صلاة التراويح جماعة في المسجد· أما في الفترة أما ما بعد صلاة التراويح فإنه يقضيه في الزيارات الاجتماعية والتواصل مع الأهل والأقارب وصلة الأرحام·
كما أشار إلى أن الشباب بشكل عام فيهم الصالح والطالح فالصالح يحرص على انتهاز موسم الخير في رمضان في العبادة والطاعة، أما الطالح فإنه قد يزيد في من رصيد معاصيه في هذا الشهر!
شهر الانترنت عند البعض
وفي إحدى المجالس الشبابية التقينا بمجموعة من الشباب تعددت آراؤهم حول كيفية استغلال الشباب بشكل عام لأيام وليالي رمضان·
سلطان الكراني يرى أن الشباب في رمضان يقبلون على الإنترنت أكثر من أي وقت آخر في العام موضحا أن غرف الدردشة والمنتديات تعج بأعداد كبيرة من الشباب من الجنسين الذين يقضون فيه الساعات الطويلة من ليالي رمضان حتى أذان الفجر·
وأرجع السبب في ذلك إلى أن الشباب خاصة المراهقين منهم ممن لا يمتلكون سيارة ومقيدون أكثر من حرية الحركة يقبعون في منازلهم أمام شاشات الكمبيوتر·· وينتقلون بين غرف الدردشة الكثيرة التي تتحول إلى مكان لتلاقي هذه الفئة التي تشترك معا في الاهتمام·
أما محمد الهاشمي فأوضح أن البرنامج الرمضاني لمعظم الشباب روتيني ولا يخرج عن كونه لقاءات شبابية وتجمعات في المقاهي 'والكوفي شوب' والمراكز·
كرة طائرة
محمود المنصوري يلعب مع أقرانه كرة الطائرة في رمضان فقط دون أيام السنة الأخرى· يقول عن تجربته هذا: 'أحب ممارسة هذه اللعبة في رمضان دون غيرها من بقية أيام السنة·· حيث أن هذه اللعبة تحلو بشكل خاص في الليالي الرمضانية واللعب مع مجموعة من الشباب لأنها لعبة مرتبطة بالذكريات·· وكنا في كل رمضان نمارس هذه اللعبة وهي حاضرة معنا في هذا العام·'
أما عمار محمد علي فيرى أن ألعاب الفيديو و'البلاي ستيشن' لها مذاق خاص في رمضان موضحا أنه يجتمع مع أصدقائه كل ليلة رمضانية في خيمة أحدهم ويشكلون فرقا للتباري في ألعاب الفيديو خاصة كرة القدم والسيارات·
عرضنا الموضوع على الشيخ مبارك المهيري الواعظ بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف فأكد في البداية أن الصيام يربي نفس المؤمن على الكثير من العادات الطيبة، بل هو تغيير كامل لأسلوب حياة الإنسان، والحكمة الرئيسية منها تبقى دائرة في موضوع التقوى وهي مرتبة عالية من مراتب الإيمان لا يصل لها إلا أصحاب العزائم الذين لا تسيطر عليهم الملذات·
شهر النفحات الربانية
وحول سوء استغلال الشباب لهذه الأجواء الروحانية يرى الشيخ مبارك المهيري أن الكثير يأبى إلا أن يتجنب النفحات الربانية لتصيبه اللفحات الشيطانية، على الرغم من أن التسلية ومجالسة الأصدقاء أمر مرغوب ما دام في إطار الأحكام الشرعية·
وقال: 'ما أقصده هنا هو حرق الأوقات وبشكل يوميا فيما لا ينفع، فضلا عن كونه جالبا للضرر، ففي الوقت الذي تنبعث فيه هذه الرحمات الربانية بما يغذي القلوب ويطمئنها، يجد الكثير من شبابنا الفرصة سانحة للتسكع في الأسواق، فهي مكان الشحناء والتنافر والمعصية وإطلاق البصر، بينما المساجد مكان الطاعة وتآلف القلوب ووحدة القصد·· مشيرا إلى أن الأسواق أصبح أكثر مرتادوها يخرجون منها وهم لا يحملون أي بضاعة اشتروها سواء بضاعة الحسرة والخسران من عين سقطت على ما حرم الله أو دقيقة قضيت في غير طاعة الله·
كما تطرق لحال بعض الشباب من جلوسٍ في المقاهي للساعات الطويلة في هذه الأيام الفضيلة معتبرا أن الكثير من مرتادي المقاهي غفلوا حديث النبي عليه الصلاة والسلام (إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد: نتحدث فيها· فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)·
وأضاف المهيري أن بعض من مرتادي المقاهي جمعوا مجموعة من الشرور التي تكلم عنها النبي في هذا الحديث، فإذا اضطرت فتاة للمرور قريبا من مجلس المقاهي رمقها الجميع بأعينهم، هذا إذا سلمت الفتاة من التصفير أو التعليق، وكذلك هم لا يكفون أذاهم عن الناس·
وقال: 'أتذكر أن رجلا اتصل بنا في العمل ذات مرة ليشتكي من رائحة دخان الشيش التي وصلت إلى شرفة شقته في الطوابق العلوية من المبنى، فضلا عن أصوات ضحكاتهم وقهقهاتهم وصريخهم الذي يسبب الضيق للسكان من حولهم، ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في عصرنا هذا لوعظهم في الوقت المهدر من بعد صلاة المغرب إلى قبيل الفجر الذي يقضونه في هذه المقاهي·'
هدر الأوقات
وانتقد الشيخ مبارك المهيري انشغال الكثير منا بما تبثه هذه الفضائيات حتى إن البعض لا يفوت من مسلسله المفضل الحلقة الأصلية ولا الحلقة المعادة، ويشاهدهما ليحرق من يومه ساعتين!
واستنكر الهدر الكبير للأوقات في مشاهدة التلفاز وقال: 'بعض الشباب يحفظ برامجه المميزة في كل قناة، فبمجرد عودته من العمل ينام سوعية ثم ينهض ليصلي العصر وبعدها مسلسله المميز، فينتهي ليتابع مسلسل آخر قبيل المغرب، يفطر ثم يصلي ليعود ليتابع مسلسلا ضاحكا، يليه برنامج فوازير، ثم يصلي العشاء والتراويح، بعدها يشاهد مسلسلا ضاحكا آخر ثم يتابع مباراة للكرة وهكذا دواليك !! يضيع يومه أمام التلفاز وكأن رمضان شهر الطاعة لم يأتي إلا بما يلهي عن الطاعة فيكون حاله في رمضان أشر من حاله قبل رمضان·!'
وتسائل: 'هل يعقل أن يهدر شبابنا كل هذا الوقت في هذه المجالات؟ بينما هذا الشهر العظيم فرصة جاءتنا من الحكيم الخبير لنراجع فيها أنفسنا وندقق حساباتنا ونخرج من الشهر ونحن أكثر إقبالا على الطاعة وأقدر على مجابهة المعصية حيث يقول النبي عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وليس الصوم كما يظن البعض إمساك عن الطعام والشراب·· فكيف يتحقق الصوم ونحن نعبث بأوقاتنا ونهدرها فيما لا طائلة فيه، أو نهدرها فيما يجلب لنا السوء؟·'
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©