الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وألمانيا.. تمازج ثقافي وتراث إنساني

الإمارات وألمانيا.. تمازج ثقافي وتراث إنساني
12 يونيو 2019 01:32

محمد عبدالسميع (الشارقة)

العلاقات الثقافية بين الإمارات وألمانيا قوية ومتجذرة، فالتبادل الثقافي بين البلدين يتنوع بين الأنشطة والفعاليات المصاحبة في المهرجانات والأسابيع الثقافية، ولذلك فإن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية تعطي العلاقات الثقافية قوة إضافية، علاوة على النقاط والثوابت السياسية بين الإمارات وألمانيا، ودور الإمارات المحوري في المنطقة والعالم في مجالات عديدة.

«جائزة زايد للكتاب»
تكاد تحضر غالبية المؤسسات والهيئات الحكومية ودور النشر في فعاليات معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، فنظراً لأهمية التبادل الثقافي في مواضيع الترجمة والنشر وحضور المعارض، فإن هناك مشاركة دؤوبة لمؤسسة «جائزة الشيخ زايد للكتاب» في فعاليات معرض فرانكفورت، حيث يتزايد انتشار الجائزة في أروقة ومنصات المعرض، خصوصاً وأنها تتضمن مساعي فكرية للحوار الحضاري كهدف رئيس من أهدافها تتبناه الإمارات، إذ تعد الجائزة من أبرز الجوائز الثقافية وأهمها قيمة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويحضر مشروع «كلمة» للترجمة في فعاليات المعرض، حيث تشارك هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في معرض فرانكفورت، كونه من أهم المحافل الثقافية العالمية في هذا المجال، كما يؤكد مدير مشروع كلمة للترجمة، سعادة الدكتور علي بن تميم في حديثه عن أهمية تبادل الترجمات ووجود جناح للمشروع بما يشتمل عليه من إصدارات غنية ومهمة، حيث تعد الترجمة فعلاً أساسياً سعت إليه الإمارات، فعلى سبيل المثال ما تزال فعاليات المعرض ومنصاته تستذكر إهداء صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للنسخة المذهبة من كتابه «أسطورة القرصنة في الخليج»، والمترجمة للغة الألمانية في دار أولمز للنشر، بحضور فكري وأدبي ألماني وحضور مهتمين بتاريخ وثقافة الشرق الأوسط، إذ تشارك من الشارقة سنوياً دائرة الثقافة، ومنشورات القاسمي ومجموعة كلمات للنشر، وجمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، ومدينة الشارقة للنشر، في ظل ازدياد التبادل والحضور الثقافي للإمارات في معرض فرانكفورت.

معهد جوته
ويعد معهد جوته الذي أنشئ في الثاني والعشرين من مايو 2006 في أبوظبي، نافذة ألمانية في دول الخليج العربي، حيث يقوم المعهد بتقديم خدمات تعلم اللغة الألمانية وتنظيم الفعاليات والندوات الثقافية المشتركة، ليس في دولة الأمارات فحسب، بل وفي باقي دول الخليج العربية أيضاً.
وتسهم إمارة الشارقة إسهاماً كبيراً في العلاقات الثقافية وتأطيرها، اعتماداً على الاهتمام الكبير الذي أولاه صاحب السمو حاكم الشارقة لعملية التفاهم الحضاري والالتقاء الفكري وفتح كل منافذ التعارف على الثقافات الصديقة من خلال جعل الشارقة حاضناً قوياً لعادات الشعوب وتقاليدها وفلكلورها الشعبي، مما يؤكد أن هناك بروتوكولات في التعاون الثقافي تجري على قدم وساق، خصوصاً في ظل التظاهرتين الأكبر ثقافياً وهما معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومعرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
ولأن العلاقات السياسية والاقتصادية تستند في كل دول العالم أولا وقبل كل شيء إلى أرضية ثقافية مشتركة وعلاقات اجتماعية على مستوى الشعوب، فقد آمنت الدولة بضرورة تأكيد ذلك من خلال ابتعاث الطلبة إلى ألمانيا للدراسة، وأيضا من خلال منح الشعوب فرصة التعارف على التراث الإنساني والاجتماعي بين البلدين.

خمسة قرون
ولأن معرض فرانكفورت كتظاهرة دولية راكم ما يزيد عن خمسة قرون من الزمان، ولأنه يعد ملتقى حقيقياً لكل الإصدارات الحديثة والقديمة والمخطوطات ودور النشر العربية والعالمية من خلال عناوينه الجاذبة، ولأنه تجري في ظله ندوات مهمة وتوقع خلاله تصاريح للملكية الفكرية، فإن هذا المعرض يحظى باهتمام الإمارات عموماً وإمارة الشارقة على وجه التحديد، حيث كانت أولى مشاركات الشارقة في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب عام 1998م وإلى الآن. ومنذ ذلك الحين آمن صاحب السمو حاكم الشارقة بقيمة أن تكون لدينا مقومات مؤسسية ثقافية تضاهي هذه الفعاليات العالمية في المجال الثقافي والفكري، فأصبح معرض الشارقة الدولي للكتاب وسيلة مناسبة لدور النشر الألمانية والخبرة الألمانية أيضاً في صناعة النشر والكتاب وتوكيلات البيع والشراء لأن تستثمر في المعرض، نظراً لحجم التسهيلات الكبيرة الممنوحة من خلال مدينة النشر في الشارقة المصاحبة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، والإعفاء الكامل لهذه المدينة كمدينة حرة في النشر من التكاليف الصعبة التي يتكلفها الناشر عادة في هذا المجال. ويستضيف صاحب السمو حاكم الشارقة، طيلة العام نخبة من العلماء والباحثين ودارسي الحضارات والفكر الإنساني والمخطوطات القديمة الجغرافية والتاريخية، من خلال اطلاع هؤلاء الباحثين، وخصوصاً الباحثين الألمان، على هذا التبويب الذكي لطبيعة المنطقة وأطيافها السكانية وحضورها التاريخي بين الأمس واليوم، حيث تتم استضافة هؤلاء الباحثين في دارة سلطان، الدارة التي تعد غاية في الروعة والترتيب والتبويب والتصنيف لسير الحضارات الإنسانية ولكل المعارف والعلوم والكتب القيّمة والفريدة في مواكبة عالية الدقة وعلى مدار الساعة.

تظاهرات ثقافية ورسائل حضارية
تشارك الفرق الفلكلورية الألمانية في أيام الشارقة التراثية، من خلال ما تزخر به هذه الدولة من عادات غنائية وموسيقية أصيلة وإرث ثقافي عريق كدولة أوروبية صديقة تعترف وتهتم بتبادل الأفكار المؤسسية للاحتفاء بالتراث، وقد عبر ضيوف أيام الشارقة التراثية عن اهتمامهم بهذه القرية التراثية السنوية التي تتاح بكل حيويتها للضيوف ليشاهدوا مدى التطور والعزم والتصميم في الإمارات على أكثر من صعيد.
ويهتم الجمهور الألماني بكل ما تنتجه الإمارات من تظاهرات ثقافية تمرر خلالها الرسائل الحضارية والفكرية المصاحبة، لذلك فقد حظيت باهتمام كبير مسرحية «النمرود» على سبيل المثال كعرض مسرحي راقٍ ألفه صاحب السمو حاكم الشارقة، وقوبل بتفاعل كبير من الجمهور الألماني في أكثر من مدينة ألمانية، نظراً للفكرة الذكية والتوليفة الفكرية التي اشتملت عليها المسرحية نصاً وعلى مستوى الأداء والحضور الإنساني والإسقاطات الذكية لكاتب النص في قراءة التاريخ واستذكاره، كما قام سموه بتوقيع روايته الجديدة «بيبي فاطمة وأبناء الملك» بمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
وينسحب على الحضور التراثي والفلكلوري الألماني أيضاً الحضور الشعري والترجمة والفنون التشكيلية التي لا يخلو منها رواق أدبي أو فني إماراتي على مدار العام.

شراكة استراتيجية
تشير الإحصائيات إلى متانة العلاقات بين برلين وأبوظبي، فالإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي وصلت إلى شراكة استراتيجية في علاقاتها مع ألمانيا، إذ تعمل في الإمارات أكثر من 9000 شركة ألمانية، وبذلك أصبحت الإمارات أكبر شريك تجاري لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط، علاوة على التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والاستدامة والتسامح وغيرها من المجالات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©