الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الرجل القوي في الجزائر.. من رئاسة الحكومة إلى الملاحقة القضائية بتهم الفساد

الرجل القوي في الجزائر.. من رئاسة الحكومة إلى الملاحقة القضائية بتهم الفساد
11 يونيو 2019 00:51

محمد إبراهيم (الجزائر)

اعتاد أحمد أويحيى رئيس الوزراء الجزائري السابق، أن يتصدر عناوين الأخبار منذ 1995 عندما تولى رئاسة الحكومة لأول مرة، ويبدو أنه أبى إلا أن يواصل تصدره العناوين بعد استقالته من منصبه قبل 3 أشهر، ولكن هذه المرة بسبب التحقيقات القضائية معه بتهم الفساد، فقد تحول اسم أويحيى من مرشح لخلافة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى قاسم مشترك في أغلب قضايا الفساد التي يحقق فيها القضاء الجزائري، منذ استقالة الأخير مطلع أبريل الماضي.
أويحيى (67 عاماً) الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي ثاني أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان، كان له دور كبير في الترويج لترشح بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة، وهي الخطوة التي أنهت 20 عاماً قضاها الرئيس السابق في قصر المرادية.
بوتفليقة الذي أصيب بجلطة دماغية في 2013 أفقدته القدرة على الكلام والحركة، فاز بولاية رابعة في 2014 وهو على كرسي متحرك، إلا أنه فشل في تكرار الأمر في 2019، ليستقيل تاركا البلاد في حالة من الانسداد السياسي.
وحتى اللحظات الأخيرة قبل إعلان ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة في فبراير الماضي، كان اسم أويحيى أحد البدائل المطروحة لخلافة بوتفليقة في رئاسة البلاد، إلا أن السعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس السابق الذي يتردد أنه كان الحاكم الفعلي للبلاد بعد مرض شقيقه، كان له رأي آخر.
ويتمتع أويحيى بخبرة سياسية ودبلوماسية واسعة، فهو دبلوماسي سابق عمل بسفارات بلاده في ساحل العاج، والأمم المتحدة ومجلس الأمن، وسفيراً في مالي، ومديراً للديوان الرئاسي، وانتخب عضواً في البرلمان عدة مرات، وشغل منصبي وزير العدل، والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية.
ومنذ عام 1995 تولى أويحيى رئاسة الحكومة خمس مرات كان آخرها بين أغسطس 2017 واستمر حتى استقال في 11 مارس الماضي، على خلفية الحراك الشعبي الذي اندلع في 22 فبراير الماضي.
وحتى يوم استقالته دافع أويحيى عن ترشح بوتفليقة، وأعلن أكثر من مرة تأييده وتأييد حزبه لقرار بوتفليقة سواء بالترشح من عدمه، مفضلاً بذلك البقاء في مركز الرجل الثاني في الدولة، وهو التأييد الذي استغله النشطاء ضده، واتهموه بالتدليس، لأنه في 2014، وبحسب لقطات مصورة (فيديو) على موقع «يوتيوب» رفض ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة بسبب مرضه.
وقال النشطاء، إن أويحيى عارض ترشح بوتفليقة في 2014؛ لأنه كان خارج الحكومة، ولكن في 2019 أيد نفس الخطوة لكونه رئيس الحكومة، معتبرين أنه فضل مصلحته على مصلحة البلاد.
ومنذ استقالته، يواجه أويحيى عدة اتهامات بالفساد مثل بسببها أمام قاضي التحقيق بمحكمة «سيدي أمحمد» بالجزائر العاصمة، برفقة وزراء حاليين وسابقين ومسؤولين ورجال أعمال. وأبرز قضيتين متهم فيهما أويحيى حتى الآن قضية رجل الأعمال علي حداد، حيث يواجه أويحيى اتهامات بتقديم امتيازات غير مشروعة لحداد الذي يعتبر أحد أفراد الدائرة المقربة من الرئيس السابق بوتفليقة وشقيقه السعيد، ويملك حداد مجمعا للإنشاءات العامة وآخر إعلامياً وشركات صغيرة أخرى وعقارات وطائرة خاصة، ويعرف بأنه أحد أكبر ممولي الحملات الانتخابية لبوتفليقة. وبناءً على التحقيقات في تلك القضية، أعلن مجلس قضاء الجزائر في 26 مايو الماضي، أن النيابة العامة أحالت ملفات أحمد أويحيى وعبد المالك سلال رئيسي الوزراء السابقين و10 وزراء يستفيدون من قاعدة امتياز التقاضي إلى المحكمة العليا تمهيدا لمحاكمتهم.
ويتمتع رؤساء الحكومة والوزراء الحاليون والسابقون في الجزائر بميزة قضائية تقصر إجراءات محاكمتهم على جرائم ارتكبوها خلال توليهم مناصبهم على المحكمة العليا، بدلاً من المحاكم الابتدائية أو الجزائية الأخرى.
والقضية الأخرى المتهم فيها أويحيى هي قضية الفساد الخاصة برجل الأعمال محيى الدين طحكوت، أحد المقربين من أويحيى، حيث استمعت المحكمة أول أمس الأحد لأقوال أويحيى، بينما قررت أمس إيداع طحكوت قيد الحبس المؤقت على ذمة التحقيقات في القضية. وكان طحكوت قد مثل برفقة أفراد من عائلته أمام المحكمة في قضايا تتعلق بالاستفادة غير المستحقة من امتيازات منحت له من طرف موظفين بالديوان الوطني للخدمات الجامعية ووزارة النقل في القضية المتعلقة بالخدمات الجامعية، ومن طرف موظفين بوزارة الصناعة والوكالة الوطنية لترقية الاستثمار في القضية المتعلقة بشركة (سيما موتورز) التي يملكها، حيث مثل برفقته أمام المحكمة عدد من موظفي هذه الهيئات.
كما مثل كل من الوزير الأول السابق أحمد أويحيى ووالي العاصمة السابق عبد القادر زوخ أمام نفس المحكمة في اليوم نفسه.
ويقول المحلل السياسي إبراهيم رشيد لـ«الاتحاد»، إن أويحيى ظل على مدار 25 عاماً أحد أهم رجال السياسة في الجزائر، واستطاع كسب ثقة بوتفليقة، والمؤسسة العسكرية لفترة. وأضاف أن هذه الثقة ظهرت جلية عندما استقال عبد المالك سلال في 2017 من رئاسة الحكومة ليخلفه عبد المجيد تبون الذي استمر في المنصب لثلاثة أشهر فقط، قبل أن يقال ليحل محله أويحيى.
وأشار إلى أن بقاء أويحيى على رأس ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحاكم في البلاد لأكثر من 16 عاماً منحته خبرة سياسية لا يستهان بها، وقال «ظل اسم أويحيى مطروحاً في كل انتخابات رئاسية، إلا أنه لم يقدم على هذه الخطوة». وأضاف «الفرصة جاءت لأويحيى عندما أراد بوتفليقة الترشح لفترة خامسة، لكنه رفض الترشح، وبدلاً من أن يكون واقعياً ليعلن أن الرئيس المريض لا يصلح لفترة خامسة، اختار صف العصابة، وها هو يدفع الثمن».
ويستخدم الفريق أحمد قايد صالح مصطلح «العصابة» للإشارة إلى الدائرة المقربة من الرئيس السابق بوتفليقة.
وقال رشيد: «أويحيى اختار أن يخرج من الباب الضيق بدلاً من الباب الواسع، وسيتذكر التاريخ ذلك». وأضاف «فترة رئاسة أويحيى للحكومة اتسمت بتغلغل رجال الأعمال في مفاصل الدولة وتأثيرهم على القرارات الاقتصادية والسياسية والاستحواذ على عدد كبير من الشركات الحكومية في إطار الخصخصة». وأوضح أن رجال الأعمال حصلوا على امتيازات وإعفاءات ضريبية مما سمح لهم بتحقيق أرباح كبيرة، بعد إصدار قوانين مالية تم تفصيلها من أجلهم، وقال: «إن التضخم الكبير الحالي بالجزائر يتحمل أويحيى مسؤوليته، بعدما بدأت حكومته في 2017 طباعة العملة المحلية من دون غطاء نقدي كحل لمواجهة عجز الخزينة وسداد الدين الداخلي، تحت اسم «مشروع التمويل غير التقليدي».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©