الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

معهد «جيتستون»: خسارة أردوغان لإسطنبول تفتح «عش الدبابير» على نظامه

معهد «جيتستون»: خسارة أردوغان لإسطنبول تفتح «عش الدبابير» على نظامه
11 يونيو 2019 00:07

دينا محمود (لندن)

في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات في تركيا، أن مرشح المعارضة لرئاسة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، استطاع ضم آلاف الأتراك إلى حملته الانتخابية التي تكتسب زخماً متصاعداً يشير إلى إمكانية فوزه مجدداً بمقعد رئيس البلدية الذي فاز به في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس الماضي، ثم إذعان اللجنة العليا للانتخابات لضغوط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم وإعلانها إعادة الانتخابات، يبدو أن حملة بن علي يلدريم، مرشح حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، تعاني ارتباكاً واضحاً، وهو ما سيمثل ضربة قوية لأردوغان نفسه.
فقد كشف محللون سياسيون أتراك النقاب عن أسباب إصرار أردوغان ونظامه على رفض التخلي عن السيطرة على بلدية مدينة إسطنبول، كبرى مدن البلاد والمركز التجاري والثقافي البارز فيها، موضحين - في تصريحاتٍ نقلها الموقع الإلكتروني لمعهد «جيتستون» الأميركي للأبحاث والدراسات - إن أردوغان وأعوانه يخشون من أن يؤدي فقدان الهيمنة على هذه المدينة، التي يسيطر عليها المتشددون من أنصارهم منذ ربع قرن تقريباً، إلى فتح «عش الدبابير» الذي سيُميط اللثام عن «الاستثمارات (المشبوهة) وممارسات الفساد واستغلال السلطة»، التي تورط فيها حزب «العدالة والتنمية» والأحزاب الأخرى التي كانت بمثابة أسلافٍ سياسيةٍ له، طيلة الأعوام الماضية.
وشددوا على أن ذلك هو ما جعل تحقيق المعارضة التركية انتصاراً في الانتخابات البلدية في إسطنبول «خطراً داهماً» على النظام التركي وبقائه، ما يفسر إقدام قيادات هذا النظام على ضرب مبادئ الديمقراطية عرض الحائط، وإعادة الاقتراع هناك في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، من دون أي مبرراتٍ منطقية.
وفي مقالٍ حمل عنوان «كابوس إسطنبول الذي يواجه أردوغان»، أشار المحلل السياسي التركي بوراك بكديل إلى ما خَلُصَت إليه شخصياتٌ تركيةٌ بارزةٌ مؤخراً من أن قرار إلغاء الانتخابات في هذه المدينة - والذي اتُخِذَ بضغوطٍ من نظام أردوغان - أدى إلى «تقريب الديمقراطية في البلاد خطوةً أخرى من الموت».
وشدد بكديل - وهو مؤسس مركز «سيجما» للأبحاث الذي يتخذ من أنقرة مقراً له - على أن مقامرة أردوغان المتعلقة بإعادة الاقتراع ستعود عليه بالوبال، مؤكداً أنه حتى إذا حقق مرشح الحزب الحاكم الفوز في الانتخابات المُعادة «فإن ذلك لن ينفي أن الرئيس التركي قد خسر الفتات القليلة المتبقية من مصداقيته على الساحة الدولية».
واعتبر المحلل السياسي المخضرم أن الانتكاسة الهائلة التي مُني بها أردوغان وحزبه في انتخابات إسطنبول، فضحت الوهم الذي سعى هذا الرجل لترسيخه في أذهان مواطنيه طيلة 17 عاماً، تقلد فيها السلطة في البلاد سواءٌ رئيس للوزراء أو رئيس للجمهورية بعد ذلك، إذ عَمِلَ خلال هذه الفترة على إيهام الأتراك، بأنه حوّل وطنهم إلى «قوةٍ دوليةٍ كبرى» وأن حكمه حقق المعجزات على الصعيد الاقتصادي.
وأشار بكديل في المقال إلى أن ذلك هو ما جعل حزب «العدالة والتنمية» يفوز بكل عمليات الاقتراع التي خاضها منذ عام 2002، وهو ما تحطم مع الخسارة المدوية التي تكبدها في إسطنبول.
وذَكَّر الكاتب بالمقولة التي دأب أردوغان على التشدق بها طوال السنوات الماضية، وهي «من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا»، في إشارةٍ إلى أهمية هذه المدينة، التي تضم 15% من ناخبي البلاد، وتسهم بـ 31% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لها.
وسخر الكاتب من تصور الرئيس التركي بأن مقامرته الخاصة بإعادة الانتخابات البلدية في تلك المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، لن تكلفه شيئاً «عن وهمٍ بأن خسارة الاقتراع مرةً أخرى، لن تضره كثيراً في ضوء أن حزبه كان قد مُني بالهزيمة هناك بالفعل في التصويت الأول الذي أُجري في 31 مارس الماضي، بل وإن لديه هذه المرة فرصةً للظفر بالانتخابات المُعادة، نظراً لأن مرشح المعارضة فاز قبل نحو شهرين من الآن بفارق 13 ألف صوت لا أكثر، في مدينةٍ تضم نحو 10.5 مليون ناخب مسجل».
ولكن تصورات أردوغان في هذا المجال أبعد ما تكون عن الصحة حسبما قال بكديل، الذي أشار إلى أن «تكبد الرجل (الذي قال من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا) خسارةً ثانيةً هناك سيكون محرجاً له. وأن تحقيقه الفوز حتى، سيشعل احتجاجاتٍ واسعةً قد تفضي إلى تفاقم أزمات الاقتصاد التركي، وتشويه سمعة أردوغان (بشكلٍ أكبر) في الغرب بوصفه ديكتاتوراً منتخباً، وجعل صورته هناك أقرب إلى صورة حليفه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو».
وأبرز المحلل السياسي التركي في هذا الإطار الغضب الشديد الذي انتاب الاتحاد الأوروبي بعد قرار إلغاء انتخابات إسطنبول، والذي بلغ حد مطالبة الاتحاد للسلطات الحاكمة في أنقرة بأن يُشرف مراقبون دوليون على الاقتراع المُعاد المزمع هناك.
وأكد الكاتب أن المأزق الذي يحاصر أردوغان حالياً في هذا الصدد يعود لكونه فشل في التعامل على نحوٍ سليمٍ أخلاقياً وسياسياً، مع خسارة حزبه للانتخابات البلدية، ما أدى إلى «وصمهما معاً بشكلٍ يصعب معه تصور أنهما سيجنيان أي فوائد من الموقف الراهن»، خاصةً في ظل تأزم الأوضاع المعيشية للمواطنين الأتراك.
وأشار بكديل في هذا السياق إلى أن قرار إعادة الاقتراع في إسطنبول أدى إلى أن تهوي قيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية العام الماضي، وذلك في وقتٍ قفزت فيه معدلات البطالة إلى 14.7% في الفترة ما بين ديسمبر 2018 وفبراير 2019، وهو المستوى الأعلى من نوعه على مدار عقدٍ كاملٍ من الزمان، مما قاد إلى حدوث مزيدٍ من الانكماش للاقتصاد التركي، وهو ما يُتوقع أن يؤدي إلى خسارة أردوغان مزيداً من الأصوات التي كانت داعمةً له في السابق.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©