أمجد الحياري:
بات انعقاد المجلس الاستشاري لإمارة أبوظبي في فصله التشريعي السادس عشر قريبا ليشكل سلسلة متواصلة في مسيرة الديمقراطية والشورى التي أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 'طيب الله ثراه ' لتتواصل اليوم في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة 'حفظه الله ' لتعزيز المشاركة الشعبية في دروب التقدم والازدهار التي تعيشها أبوظبي في شتى مجالات الحياة· ويشكل انعقاد الفصل التشريعي الجديد دلالة على إيمان قيادة الدولة الحكيمة المطلق بتطبيق الشورى والديمقراطية على أرض الواقع لخدمة الوطن والمواطنين، وذلك من خلال إعطاء المجلس الاستشاري الوطني دوره الرئيسي في خدمة أهداف البلاد وتحقيق آمال المواطنين والمساهمة الفاعلة في بناء منجزات الوطن وتقدمه وازدهاره·
ويسجل للمجلس الاستشاري الوطني خلال مسيرته حرصه الكبيرعلى أن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه للمساهمة في الارتقاء بإدارة الشؤون العامة في إطار التعاون الفعال بين المؤسسات الرسمية المختلفة لتحقيق الصالح العام·
تجربة رائدة
ويجسد مبدأ الشورى الذي تنتهجه قيادة البلاد الحكيمة تجربة رائدة في مفهوم الديمقراطية، حيث تستمد جميع مقومات نجاحها من خلال الالتزام بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فهي تعتمد على نهج الممارسة العملية وليس على النظريات والشعارات ·
ويرتكز مجلس استشاري ابوظبي على أداء مهامه واختصاصاته من خلال المعايشة الدقيقة والعميقة لواقع المجتمع من خلال الحرص الدائم على الالتقاء بالمواطنين في مختلف أنحاء البلاد والاستماع إلى آرائهم ومتطلباتهم، دون إغفال أولوية المصلحة العامة إنطلاقاً من حرص القيادة الدائم على توفير كل متطلبات الشعب لتحقيق حياة حرة كريمة مصانة بدولة القانون والمؤسسات ·
والمجلس الذي فضل العمل بصمت على مدى سنوات طوال يحسب له انه دائما كان السباق في طرح قضايا وطنية تهتم بكافة الجوانب الإنسانية والاجتماعية والصحية الاقتصادية ، إذ لا يكاد يخلو فصل تشريعي سابق من توصيات بشأن إحدى قضايا الوطن فآلية العمل التي تتماشى مع اختصاصاته التي حددت بقانون إنشائه دائما وأبدا· تنطلق من خدمة مصالح الوطن والمواطنين·
ففي الفصل التشريعي الأخير ناقش المجلس عدة قضايا حيوية لها أبعاد مختلفة تنوعت بين سلامة المجتمع وخدمات الرعاية الاجتماعية وقروض المواطنين ومنع استيراد لحوم المواشي من الخارج إلى جانب مشاريع التطوير في المنطقتين الشرقية والغربية من الإمارة· ولعل من أهم القضايا التي طرحها المجلس قضية مكافحة الغش التجاري في الأسواق والتي وصفها بالظاهرة التي تهدد المصلحة العامة والاقتصاد الوطني، وفي نظرة مستقبلية حذر المجلس من تفشي ظاهرة الغش التجاري والتي سوف تزداد حدتها مع زيادة تحرير التجارة الدولية وارتفاع حجم المعاملات التجارية العالمية الأمر الذي يفرض توحيد جهود المكافحة والمواجهة من خلال جهة محلية متخصصة لأن أعمال الغش والتقليد التجاري الحديثة تتخذ طابعاً تقنياً متقدماً وتعتمد على أساليب فنية لا يمكن اكتشافها إلا بواسطة جهات متخصصة تمتلك الخبرات اللازمة وتلم بالمعايير والمقاييس، داعيا إلى استحداث إدارة محلية متخصصة في دائرة البلديات والزراعة في ابوظبي والعين يسند إليها مهام تنفيذ قوانين مكافحة الغش التجاري بجميع أنواعه على أن تزود بكافة الإمكانيات والكوادر الفنية اللازمة لقيامها بذلك·
الرعاية الاجتماعية
ولم يغفل المجلس قضية الرعاية الاجتماعية لأبناء الأمارة والتي اعتبرها بأنها تهدف إلى خدمة المصلحة العامه للمجتمع وصيانة كيان الأسر لرعاية القيم والعادات والتقاليد التي تحمى الناشئين من الوقوع في مخاطر السلوكيات الضارة أو الجنوح ، وبالتالي عدم التعرض للمساءلة القانونية والعقاب ، ويتحقق ذلك عن طريق قيام الرعاية الاجتماعية بدور وقائي وتربوي ، يتصدى لأسباب الجنوح والانحراف قبل وقوعها ، بدلا عن أساليب الإصلاح العقابية اللاحقة على ارتكاب الأخطاء والوقوع في المشاكل القانونية ·
قروض المساكن الخاصة
وفي هذه القضية أكد المجلس ان قروض المساكن متاحة بموجب القانون لجميع المواطنين دون تحديد لفئاتهم أو دخولهم وشدد المجلس على قضية هامة جدا تتعلق بالظروف المالية والاجتماعية للحاصلين على قروض المساكن والتي قد تكون عرضه للتغيير خلال فترة سداد الأقساط الطويلة الأجل مما قد يؤثر على مقدرتهم على الاستمرار في السداد بسبب انخفاض دخولهم لأسباب متعددة كالتقاعد أو فقدان مصادر الدخل الأخرى، مؤكدا أن ذلك يستدعى ان تشمل إمكانية الإعفاء من السداد مثل هذه الحالات أيضاً إلى جانب حالة وفاة المقترض التي نصت عليها المادة 24 من قانون قروض المساكن، مطالبا بالإعفاء الكامل من سداد بقية الأقساط المستحقة في حالة وفاة المواطن الحاصل على القرض والذي لم يترك لورثته مصدر دخل يفيض عن احتياجاتهم المعيشية·
سرعة البت في القضايا
حظيت قضية تسهيل إجراءات التقاضي وصولا لسرعة البت في القضايا المرفوعة أمام المحاكم في امارة ابوظبي مؤكدا أن إجراءات التقاضي أمام المحاكم تحتاج إلى المزيد من الجهد بما يتناسب مع نوع وحجم القضايا التي تعرض عليها وتحتاج إلى دعم يسهل عملها ويحقق سرعة الفصل في القضايا وفي نفس الاتجاه دعا المجلس إلى تقديم دعم محلي لتزويد المحاكم في أمارة ابوظبي بما تحتاج إليه من وظائف القضاة والمعاونيين، مشددا على ضرورة الاستفادة من نظام المنح الدراسية لتشجيع الطلاب المواطنين على الالتحاق بكلية الشريعة والقانون وإعدادهم لتوطين الوظائف القضائية في أمارة ابوظبي ، في الوقت الذي شدد فيه على ضرورة إسناد مهمة الإعلانات القضائية إلى جهة متخصصة وإنشاء وحدة محليه للشرطة القضائية لتحقيق سرعة الإجراءات القضائية وتنفيذ الأحكام·
الازدحام المروري
حذر المجلس من الآثار السلبية لمشكلة الازدحام المروري في مدينة ابوظبى على مختلف القطاعات والأنشطة، مؤكدا أن الاهتمام بإيجاد حل مناسب لها ليس مقصوراً على جهات الاختصاص المباشر وحدها بل ان شمولية تأثير المشكلة يدعو إلى إفساح المجال أمام مختلف الجهات والقطاعات الرسمية والخاصة لإبداء رأيها بشأنها وإتاحة الفرصة بذلك لمشاركة أوسع في البحث عن الأسباب وتقديم الحلول المناسبة لمعالجتها وذلك مراعاة لاحتياجات مختلف القطاعات والأنشطة ولاعتبارات تحقيق المصلحة العامة للوطن والمواطنين·
دعم الصناعة المحلية
يمكن اعتبار قضية دعم الصناعة المحلية التي أثارها المجلس من ابرز القضايا الاقتصادية على مستوى إمارة ابوظبي حيث شدد المجلس على ضرورة إيجاد المزايا والشروط التي تساعد القطاع الصناعي المحلي على البقاء والنمو والربحية في مواجهة المنافسة القوية من المنتجات الصناعية المستوردة ·
وفي توصية تدل على فهم عميق لواقع الاقتصاد المحلي طالب المجلس بمنح دائرة الاقتصاد الصلاحيات الكاملة في المجال التجاري والصناعي لتكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن إجراءات ومعاملات الرخص التجارية والصناعية وعن تنفيذ القوانين والنظم المتعلقة بالقطاع الخاص في جميع المجالات ولتقوم بدورها كاملا في تسهيل إجراءات ومعاملات الترخيص ووضع خطة شاملة لدعم وحماية الصناعة المحلية·
مشاريع الكهرباء والماء في 'الشرقية'
أكد المجلس ان استمرار وجود الأبراج الكهربائية ذات الطاقة الفائقة والخطوط الكهربائية الهوائية في مدينة العين يشكل مصدراً لمخاطر صحية يمكن ان تنعكس آثارها على الصحة العامة وتلحق الضرر بالمناطق السكنية والمزارع المحيطة بها·
وقد شدد المجلس على أهمية أبعاد الأبراج والخطوط الكهربائية الهوائية عن المناطق السكنية والزراعية بمدينة العين أو استبدالها بخطوط أرضية تفادياً للأضرار الصحية المحتملة ولتأثيرها على المظهر الجمالي للمدينة·
وأكد انه مع الامتداد العمراني بالمنطقة الشرقية أصبحت أبراج الكهرباء الهوائية ذات الجهد الفائق مجاورة للمساكن الأمر الذي لا يخلو من مخاطر ويسبب تشويها للوجه الحضاري لمدينة العين ، ولقد بات ضرورياً استبدال هذه الخطوط بأخرى أرضية، مؤكدا أهمية إعفاء المواطنين من نفقات وتكاليف توصيل التيار الكهربائي إلى المساكن الخاصة ومزارع المواطنين، كما دعا إلى إعادة العمل بنظام صيانة المساكن الشعبية حفاظاً عليها وإقرار حق ورثة المنتفعين بهذه المساكن للتصرف فيها أسوة بأصحاب المساكن الخاصة· والنظر في تعويض المواطنين أصحاب العزب في حالة نزعها للصالح العام·
مشاريع التطوير بالغربية
وفي مجال متابعة أحوال واحتياجات المواطنين في مختلف مناطق إمارة ابوظبي ناقش المجلس ابرز احتياجات ومتطلبات التطوير في المنطقة الغربية حيث طالب بالعمل على إيجاد دوائر حكومية مستقلة ومتكاملة في المنطقة الغربية تتبع للمجلس التنفيذي الموقر وتتولى مهام ومسؤوليات إدارة الخدمات العامة والزراعة والإسكان والنشاط التجاري والاستثماري وتشرف على تنفيذ مشاريع التنمية والتطوير وذلك أسوة بالمنطقة الشرقية·
ودعا إلى توزيع المزيد من المساكن الشعبية والأراضي السكنية لحل مشكلة الزيادة السكانية وضمان الاستقرار الأسري بعد الزيادة الكبيرة في عدد أفراد الأسر وهدم المساكن الشعبية القديمة وإعادة بنائها وتوزيعها على أصحابها مع تعويضهم أسوة بالمواطنين الآخرين·
وطالب بإنشاء مؤسسة تعليمية عليا للدراسة الجامعية لإستيعاب فئة الشباب في مدن ومحاضر المنطقة الغربية نظراً لأن مركز الانتساب الموجه الموجود حالياً بمدينة المرفأ مخصص للطالبات كما ان عدم وجود جامعات أو معاهد عليا بالمنطقة يمنع بعض الطلاب من الالتحاق بالدراسة الجامعية·
كما دعا إلى العمل على توزيع المزيد من الأراضي التجارية والاستثمارية على مواطني المنطقة الغربية بهدف دعم وتشجيع النشاط الاقتصادي فيها وتحسين مستوى معيشة مواطنيها و إيجاد حل لمشكلة توفير سكن للعمالة الوافدة وتشجيع الشركات والمستثمرين للإقبال على المنطقة والإسهام في سرعة تنفيذ مشاريع التنمية والتطوير·