الأحد 2 ابريل 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د. عبد الباسط سيد محمد: الصيام يحقق التقوى الإيمانية والسلامة الجسدية

22 أكتوبر 2005
القاهرة ـ أحمد مراد:
'الصوم' كنز إسلامي كل يوم تظهر إحدى لآلئه هذا الرأي هو أبرز ما علق به د عبدالباسط محمد السيد -أستاذ التحاليل الطبية بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة- على جملة الفوائد الإيمانية والطبية التي يجنيها الصائم من صيامه والتي عكف على دراستها في بحث له صدر مؤخراً تحت عنوان 'أوجه الإعجاز العلمي في الصيام' والذي تناول فيه بالشرح والتحليل فوائد الصيام على الناحية النفسية والجسمية، انطلاقاً من قوله 'صلى الله عليه وسلم': 'صوموا تصحوا'
؟ بداية يعتقد كثير من الناس أن للصيام تأثيراً سلبياً على صحتهم، وينظرون إلى أجسامهم نظرتهم إلى الآلة الصماء التي لا تعمل إلا بالقوة، واصطلحوا على أن تناول ثلاث وجبات يومياً أمر ضروري لحفظ حياتهم فكيف ترى علاقة الصيام بصحة الإنسان؟
؟؟ لقد فرض الله تعالى علينا الصيام لنكتسب به التقوى الإيمانية التي تمنعنا عن المعاصي والآثام، ولنتقي به كذلك كثيراً من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، وقد ثبت من خلال الأبحاث الطبية بعض الفوائد الوقائية للصيام ضد كثير من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: الصيام يقوي جهاز المناعة فيقي الجسم من أمراض كثيرة، حيث يتحسن المؤشر الوظيفي للخلايا 'الليمفاوية' عشرة أضعاف، كما تزداد نسبة الخلايا المسؤولة عن المناعة النوعية زيادة كبيرة، وترتفع بعض أنواع الأجسام المضادة في الجسم، وتنشط الردود المناعية نتيجة لزيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة
ثانياً: الوقاية من مرض السمنة وأخطارها، حيث إنه من المعتقد أن السمنة كما قد تنتج عن خلل في تمثيل الغذاء، فقد تحدث نتيجة ضغوط بيئية أو نفسية أو اجتماعية، وقد يؤدي الاضطراب النفسي إلى خلل في التمثيل الغذائي، وكل هذه العوامل التي يمكن أن تنجم عنها السمنة، يمكن الوقاية منها بالصوم من خلال الاستقرار النفسي والعقلي الذي يتحقق بالصوم، نتيجة للجو الإيماني الذي يحيط بالصائم وكثرة العبادة والذكر وقراءة القرآن والبعد عن الانفعال والتوتر، وتوجيه الطاقات النفسية والجسمية توجيهاً إيجابياً نافعاً
ثالثاً: يقي الصيام الجسم من تكون حصيات الكلى إذ يرفع معدل الصوديوم في الدموع، فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم، كما أن زيادة مادة 'البولينا' تساعد في عدم ترسب أملاح البول التي تكون حصيات المسالك البولية
رابعاً: يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه وبين أنسجته من جراء تناول الأطعمة المحفوظة، وتناول الأدوية واستنشاق الهواء الملوث بهذه السموم وصدق رسول الله 'صلى الله عليه وسلم' حينما قال: 'الصيام جنة' أي وقاية وستر هذا إلى جانب أن الصيام له دور كبير في علاج كثير من الأمراض
؟ وماذا عن الأمراض التي يعالجها الصيام؟
؟؟ يعالج الصيام عدداً من الأمراض الخطيرة، أهمها الأمراض الناتجة عن السمنة كمرض تصلب الشرايين، وضغط الدم، وبعض أمراض القلب، كما يعالج الصيام أمراض الدورة الدموية الطرفية مثل مرض 'الرينود' ومرض 'برجر'، ويعالج أيضاً مرض التهاب المفاصل 'الروماتويد' وارتفاع حموضة المعدة، وبالتالي يساعد في التئام قرحة المعدة مع العلاج المناسب
؟ وهل هناك فوائد أخرى للصيام يجنيها الصائم؟
؟؟ فوائد لا تعد ولا تحصى، فالصيام يُمكن آليات الهضم والامتصاص في الجهاز الهضمي وملحقاته، من أداء وظائفها على أكمل وجه، وذلك بعدم إدخال الطعام والشراب على الوجبة الغذائية أثناء هضمها وامتصاصها، ويتيح الصيام راحة فسيولوجية للجهاز الهضمي، وذلك بمنع تناول الطعام والشراب لفترة زمنية تتراوح من 9-11 ساعة بعد امتصاص الغذاء، كما تستريح آليات الامتصاص في الأمعاء طوال هذه الفترة من الصيام، وتتمكن الانقباضات الخاصة بتنظيف الأمعاء من عملها المستمر دون توقف
ويُمكن الصيام الغدد الصماء ذات العلاقة بعمليات الاستقلاب في فترة ما بعد الامتصاص، من أداء وظائفها في تنظيم وافراز هرموناتها الحيوية على أتم حال، وذلك بتنشيط آليات التثبيط والتنبيه لها يومياً ولفترة دورية ثابتة ومتغيرة طوال العام، وبالتالي يحصل توازن بين الهرمونات المتضادة في العمل، مثل هرموني النمو والانسولين، كهرمونات بناء من ناحية وهرموني 'الجلوكاجون' و'الكورتيزول' كهرمونات هدم من ناحية أخرى، والذي يتوقف على توازنها الدقيق تركيز الأحماض الأمينية في الدم وتوازن الاستقلاب كذلك يستفيد الإنسان من العطش أثناء الصيام استفادة كبيرة، حيث يساعد في إمداد الجسم بالطاقة وتحسين القدرة على التعليم وتقوية الذاكرة
الصيام والمجهود البدني
؟ هناك بعض الباحثين يزعمون أن للصيام تأثيرا سلبيا على الأداء العضلي وتحمل المجهود البدني فهل هذا صحيح؟
؟؟ هذا غير صحيح على الاطلاق حيث ثبت بالدليل العلمي القاطع أن الصيام ليس له أي تأثير سلبي على الأداء العضلي وتحمل المجهود البدني، بل بالعكس أظهرت نتائج البحث الذي أجراه د أحمد القاضي وزملاؤه بالولايات المتحدة الأميركية أن درجة تحمل المجهود البدني، وبالتالي كفاءة الأداء العضلي قد ازدادت أثناء الصيام بنسبة 200 في المئة عند 30 في المئة من أفراد التجربة و7 في المئة عند 40 في المئة منهم، وتحسنت سرعة دقات القلب بمقدار 6 في المئة، وتحسنت حصيلة ضغط الدم مضروباً في سرعة النبض بمقدار 12 في المئة، وتحسنت درجة الشعور بضيق التنفس بمقدار 9 في المئة، وتحسنت درجة الشعور بإرهاق الساقين بمقدار 11 في المئة، وهذا يبطل المفهوم الشائع عند كثير من الناس من أن الصيام يضعف المجهود البدني ويؤثر على النشاط فيقضون معظم النهار في النوم والكسل
إبطال مفعول السموم
؟ ذكرتم أن الصيام يقي جسم الإنسان من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه وأنسجته كيف ذلك؟
؟؟ يتعرض جسم الإنسان لكثير من المواد الضارة والسموم التي قد تتراكم في أنسجته وخلاياه، وأغلب هذه المواد تأتي إليه عبر الغذاء الذي يتناوله الإنسان بكثرة، وخاصة في هذا العصر الذي عمت فيه الرفاهية مجتمعات كثيرة، وحدث وفر هائل في الأطعمة بأنواعها المختلفة، وجميع هذه الأطعمة تقريباً تحتوي على كميات قليلة من المواد السامة، وهذه المواد تضاف للطعام أثناء إعداده أو حفظه كالنكهات والألوان ومضادات الأكسدة والمواد الحافظة، أو الإضافات الكيميائية للنبات أو الحيوان، كمنشطات النمو والمضادات الحيوية والمخصبات بالإضافة إلى السموم التي نستنشقها مع الهواء من عادم السيارات وغازات المصانع، وسموم الأدوية التي يتناولها الناس بغير ضابط، كذلك السموم الناتجة عن مخالفات الاحتراق الداخلي للخلايا والتي تسبح في الدم كغاز ثاني أكسيد الكربون واليوريا والأمونيا والكبريتات ومخلفات الغذاء المهضوم والغازات السامة التي تنتج من تخمره وتعفنه مثل 'الأندول' و'الكاتول' و'الفينول'
وكل هذه السموم جعل الله تعالى للجسم منها مخرجاً، فيقوم الكبد بإبطال مفعول كثير من هذه المواد السامة، بل قد يحولها إلى مواد نافعة مثل 'الكرياتين' وأملاح 'الأمونيا'، غير أن للكبد جهدا وطاقة محدودة، وقد يعتري الخلايا بعض الخلل لأسباب مرضية، فيترسب جزء من هذه المواد السامة في أنسجة الجسم وخصوصاً في المخازن الدهنية، ويقوم الكبد بتحويل مجموعة واسعة من الجزيئات السُمية، والتي تقبل الذوبان في الشحوم إلى جزيئات تذوب في الماء غير سامة ويمكن أن يفرزها الكبد عن طريق الجهاز الهضمي أو تخرج عن طريق الكلى
وفي الصيام تتحول كمية هائلة من الشحوم المختزنة في الجسم إلى الكبد، حتى تؤكسد ويُنتفع بها وتستخرج منها السموم الذائبة فيها وتُزال سميتها، ويتخلص منها مع نفايات الجسد، كما أن هذه الدهون المتجمعة أثناء الصيام في الكبد والقادمة من مخازنها المختلفة يساعد ما فيها من 'الكوليسترول' على التحكم، وزيادة انتاج مركبات الصفراء في الكبد، والتي بدورها تقوم بإذابة هذه المواد السامة والتخلص منها مع البراز
ويؤدي الصيام خدمة جليلة للخلايا الكبدية، بأكسدته للأحماض الدهنية، فيخلص هذه الخلايا من مخزونها من الدهون، وبالتالي تنشط هذه الخلايا فتعادل كثيراً من المواد السامة بإضافة حمض الكبريت أو حمض الجلوكونيك حتى تصبح غير فعالة ويتخلص منها الجسم·
؟ وكيف ترى المدة الزمنية للصيام؟ وهل تحمل وجهاً إعجازياً وخاصة مع تأكيدات الرسول بضرورة تعجيل الفطر وتأخير السحور؟
؟؟ الصيام يعتبر تمثيلاً غذائياً فريداً، إذ يشتمل على مرحلتي البناء والهدم، فبعد وجبتي الإفطار والسحور يبدأ البناء للمركبات المهمة في الخلايا، وتجديد المواد المختزنة، والتي استهلكت في إنتاج الطاقة، وبعد امتصاص وجبة السحور يبدأ الهدم، فيتحلل المخزون الغذائي من 'الجليكوجين' والدهون، ليمد الجسم بالطاقة اللازمة أثناء الحركة في نهار رمضان، لذلك كان تأكيد الرسول على تناول السحور 'تسحروا فإن في السحور بركة'، وذلك لإمداد الجسم بوجبة بناء يستمر 4 ساعات، كما أن النبي حث على تعجيل الإفطار وتأخير السحور وهذا من شأنه تقليص فترة الصيام حتى لا يتجاوز الحدود المسموح بها وبالتالي لا يسبب الصيام شدة ولا يشكل ضغطاً نفسياً ضاراً على الجسم البشري ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©