الخميس 30 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د·أحمد نوفل: انتصارنا في معركة الأمعاء طريقنا للنصر على الأعداء

د·أحمد نوفل: انتصارنا في معركة الأمعاء طريقنا للنصر على الأعداء
21 أكتوبر 2005

عمان ـ توفيق عابد:
يصنف بأنه من أبرز الدعاة في الاردن، سمعته الطيبة تسبقه الى أي مكان يتواجد به، ثابت على المنهج والموقف لا يتلون بتغير الظروف ولا يلتفت الى مصلحة خاصة بل نذر نفسه وعلمه لربه ودينه وامته·
أنه الدكتور أحمد نوفل الداعية الاسلامي المعروف والاستاذ في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية حاليا الذي يلقب بـ 'معلم الأجيال' لتواضعه وسعة علمه وعمق اجتهاده وتفكيره وتفوقه على نظرائه بتقديم الفكرة والمعلومة مرفقة بالنكتة لجذب انتباه مريديه وتركيزهم فهو صاحب الكلمة 'الحراقة' والاسقاطات الكوميدية·
استضفناه على مدى ساعتين في حوار موسع تمحور حول قضايا رمضانية وفكرية وكان هذا الحصاد·
؟ قبل الخوض في التفاصيل، ماهي معاني الصوم وفلسفته من وجهة نظرك؟
؟؟ الصيام ركن عظيم في الاسلام وقسم كبير من المسلمين يركزون خلال الشهر الفضيل على الأحكام وأنا أركز على الحكم لأنني اعتبرها الجوهر والغاية، والله تعالى لم يفرض علينا أمرا الا لحكم عالية جدا وسامية جدا، ذكر بعضها وترك لنا أن نبدع بعقولنا استنباط واستنتاج باقي هذه الحكم أو ما أطلقت عليه فلسفة الصيام فأقول في مناسبات كثيرة ينتهي رمضان ولا ينتهي الحديث عن رمضان، أول هذه الحكم أن نثبت ونعزز الايمان لأنه كالشجرة أن لم تسق يبست مع الأيام ولا بد من سقايتها باستمرار بالعمل والفرائض والأركان والعبادات·
الأمر الثاني الذي نص الله تعالى عليه في كتابه وقال 'كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون' لذا فإن تحصيل ملكة التقوى والرقابة الذاتية من خلال الصوم بجهد ذاتي بمعنى الامتناع عن أشياء هو عمل سلبي أو عمل امتناعي لا يعلمه الا الله تعالى ولذلك جاء في الحديث القدسي 'الا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به'·
لذلك فان تثبيت التقوى يكون من خلال عدة أشياء فالرقابة الذاتية تتم من المواظبة على العبادات وقيام الليل وتلاوة القرآن والاستغفار·· هذه بإذن الله تعالى تنشأ ملكة التقوى في القلوب وهي جوهر الدين·
الامر الثالث أن نشكره على نعمة المنهج الذي به أصبحنا خير أمة فالله تعالى حدد بصيام هذا الشهر وقال 'لعلكم تشكرون' أنا أقول أن الصيام يختزن الأركان الخمسة كلها ونلاحظ أن الناس الذين لا يصلون في الأيام العادية يصلون في رمضان فكأن الصوم أحضر معه الصلاة ويحرص كثيرون على أن يعتمروا في رمضان فالعمرة تشوقك الى فريضة الحج، وهناك زكاة الفطر التي لا يقبل الصيام الا بها وكأنها طوابع ان لم تثبت على الرسالة فلا تذهب الى صاحبها فزكاة الفطر هي الطوابع على رسالة الصيام·· هذه كلها تغذي الايمان والشهادتين وكأن الاركان الخمسة قد اختزلت في الصيام ثم هناك سياج النسيج الاجتماعي بتقارب الناس وتواصلهم وتراحمهم وتصالحهم في الشهر الفضيل كذلك هناك تذوق حلاوة قيام الليل فمن لا يقوم في أيام السنة يقوم في رمضان هذا يعطيك تذوقا يجعلك تعود اليه كلما اتيحت أو سنحت لك فرصة أخرى·
كما أن رمضان فرصة للصيانة العامة فالانسان قلعة حصينة تعاني من نقطة ضعف هي الشهوات ومنها أوتينا من عدونا أول مرة وهو أول امتحان رسبنا به 'قصة خروج سيدنا آدم من الجنة' لذلك لا بد من صيانة نقطة الضعف بالصيام فمثلما كنا 'نطين الجدران' أيام زمان لنقويها فالله يريد أن يقول لنا 'رسبتم في امتحان الطعام·· امنعكم من الطعام' من اجل أن أقوي نقطة الضعف فيكم·
وهناك فرصة لمضاعفة الثواب لأن الله تعالى يعدنا بالجنة 'أعمالنا قليلة وقاصرة' لذا أعطانا موسما يضاعف لنا فيه الأعمال وأجورها من أجل أن يدخلنا الجنة بل اعلى درجاتها والحكم لا تنتهي·
القرآن يؤصل ويترك التفاصيل
؟ قلت أن الله تعالى أوضح لنا أشياء وترك لنا أشياء أخرى ما الذي تركه لنا لنكتشفه بأنفسنا؟
؟؟ هذا منهج مضطرد في ديننا فالقرن الكريم دائما يؤصل التأصيل ويترك لنا التفصيل فأمرهم شورى بينهم على سبيل المثال قاعدة كبيرة تمثل روح الاسلام لكن التفاصيل حول مدة المستشارين وكيف ينتخبون ونسبة التمثيل تركت للمسلمين ·
كذلك 'وان كنتم مرضى' نحن الذين نحدد المرض وكثير من سور المعاملات متروك تفصيلها لنا كالعقود وغيرها فالله تعالى اعطانا القاعدة العريضة ' ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر 'فقد أعطانا الله تعالى القاعدة الرئيسة وترك لنا ان نستنبط من حكم الصلاة ما يفتح علينا ابواب التقرب الى الله ونيل مغفرته ورضوانه·
وعلى سبيل المثال فان الآيات التي تتحدث عن الميراث لا تتجاوز صفحتين في قرآننا الكريم لكن يكتب مجلدات في أحكامه·
الصيام تكريم
؟ يصف بعض الفقهاء الصيام بأنه تكريم من الله تعالى للمسلمين·· هل تضم صوتك الى اصواتهم؟
؟؟ اقول نفس الكلام فالصلاة والصوم والعبادات هدايا من الله عز وجل الذي أعطانا أن نناجيه متى نشاء ونرفع اليه حاجاتنا متى نشاء 'اذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي أذا دعان' فالصوم هدية ومكرمة من الله تعالى وليس 'تاكس' مفروضة على الانسان·
عمارة المساجد
؟ رمضان شهر النور·· كيف تقيم السلوك العام في الاردن على وجه الخصوص؟
؟؟ هناك مظاهر ايجابية عديدة جدا مثل عمارة المساجد وقيام الليل وختم القرآن وندوات الذكروالاقبال على الله ورغم ذلك هناك مظاهر سلبية فقد حولنا العبادات الى عادات للأسف فالمساجد 'مليانة' لكن الزحام غير مبرر والاقبال على الاستهلاك يتضاعف مع أنه يجب أن ينخفض خلال الشهر الفضيل·
واود القول أن آفة التدين باستمرار هي أن نحول الدين الى طقوس ومظاهر وشكليات 'هذه الآفة ضربت الأمم السابقة' وقد حذرنا القرآن من أن تضربنا لكنها أصابتنا فالذين حولوا رمضان الى موسم الأكل لم يفهموا حكمة الصوم ولم يستحضروا فلسفته التي هي تعزيز الارادة والتحليق بجناحين الى الأعالي فالله تعالى خلقنا من طين لكي نحلق الى عليين بأجنحة العبادة·
العنف أسوأ طريق للتغيير
؟ يبدو لي أنك توجه رسالة واضحة لبعض التيارات الاسلامية التي ترى العنف طريقا للتغيير؟
؟؟العنف أسوأ طريق للتغيير يمكن أن يسير عليه الناس فقد مكث نبينا محمد وهو الاسوة 13 عاما في مكة المكرمة وقد منعه الله تعالى من أن يرد الاساءة لا بالكلمة ولا باليد وأزعم أن أمتنا لن تتغير الا بالنفس الطويل والحكمة البالغة والرشد 'لا تغيير ان لم يكن بالسعة والرحمة والاقناع'، دييننا ليس دين اخضاع ونحن لا نخضع أحدا ولا نكره أحدا على المنهج·
ولو عرف الغرب العطشان المتلهف على الحقيقة منهجنا على حقيقته لزاحمنا عليه وسبقنا على التمسك به لكننا شوهنا جماله وصورته فالغرب ازداد نفورا من ممارساتنا وكتابات كتابه ومستشرقيه·
؟ بصراحة هل شباب اليوم مخدرون ومتعطشون لمخرجات الحضارة الغربية وما هو دورنا لأستعادتهم؟
؟؟ الشباب هم المستقبل ونحن أصبحنا من الماضي، مسكين من لم يخطط للمستقبل، والشباب كالماء يروي ويمكن أن يصبح مثل الفيضانات المغرقة المهلكة وان لم يوجهوا تحولوا الى طوفان ·
ولا ابالغ اذا قلت ان قسما من الشباب بحاجة الى رعاية زائدة لأنهم لم يجدوا الفرصة لا من البيت او المدرسة لتوجيههم الوجهة السليمة· الشباب ضحية لا يجب ان نعامله كمجرم بل يحتاج الى تجربة وخبرة وتوجيه وهناك فجوة أجيال، لا الكبار يتفاهمون مع الشباب ولاالشباب يقدرون تجربة الكبار، من يملك الطاقة ليس عنده تجربة ولو تواصل الماضي بالمستقبل، الخبرة مع الطاقة، لأنطلقت المركبة بسرعة وأمان·
الفضائيات وتسخيف الذوق
؟ من الملاحظ وجود حالة من الاستنفار في الفضائيات خلال الشهر الفضيل وتسابقها في الترفية والمسابقات؟
؟؟ يمارس الفن البيات الشتوي طيلة العام فيصحو قبل رمضان بشهر أو شهرين ويبدأ باعلان برامج ومسلسلات ليتها تستحضر روح رمضان بل ان هدفها تتفيه العقل وتسخيف الوجدان والهبوط بالذوق والانحطاط بمستوى الفكر·
الوقت اثمن من الذهب وهو الحياة والعبادات والحضارة فكيف يستهلك في أمور هابطة وتافهة تقدمها بعض الفضائيات وربما يكون الوضع أكثر خطورة اذا قدمت قيما سلبية أو معلومات مغلوطة او اساءة للدين بطريقة وأخرى·
أنه - أي الوقت - اثمن من أن يسرقه مني هؤلاء فرمضان موسم للتوبة لا يتكرر فاذا تنقل الصائم من مسلسل الى آخر خرج بلا أجور 'من المولد بلا حمص' كما جاء في امثالنا الشعبية·
عبدة الشيطان·· ضحايا
؟ هناك ظواهر سلبية برزت مؤخرا كـ 'عبدة الشيطان' في مناطق راقية بعمان بما نفسر ذلك؟
؟؟ ربما يظن البعض أن ظاهرة 'عبدة الشيطان' وهمّ وقد تعرفت مؤخرا على واحد من خيرة المتحمسين للاسلام وقال ليّ 'أنا كنت من عبدة الشيطان ثم هداني الله تعالى' فالظاهرة موجودة وأزعم أن هؤلاء ايضا ضحايا لو وجدوا أن الاسلام يملأ قلوبهم أكانوا يملأؤنها بالتفاهات والأمور التي تنحط بهم في الدنيا لكن قلة الوعي والتواصل مع علماء الدين قادتهم الى هذه الجماعة الهدامة·
واستطيع القول ان 'عبدة الشيطان' ضحايا علينا أن نأخذ بأيديهم ليصبحوا عبدة للرحمن، مهمتنا أن نجعل الناس يفوزون ويفلحون ويربحون ويسعدون في الدنيا والآخرة لذا نريد أن نصل اليهم دون ان نسيء او ننفرهم بوصف التكفير بل نعتبرهم مرضى يحتاجون الى علاج وضحايا يحتاجون الى انقاذ ·· هؤلاء لو واجهناهم بالكلمة الطيبة والصدر الحاني لاستطعنا استعادتهم دون ضجيج·ولا أبالغ اذا قلت أن عددا كبيرا من هؤلاء يعانون من أزمات نفسية ومشكلات عاطفية فاقدي الحنان والرحمة الأبوية القدوة الصالحة جربوا تناول الخمر والمخدرات والفواحش والآن يبحثون عن شيء جديد لأثبات ذاتهم بطريقة هدامة ومخربة لأنهم لم يتعلموا بالطريقة البناءة·
وأرى أن التصدي لهذه الظاهرة من مسؤوليتنا نحن كمؤسسات مدنية وعلماء وآباء ومعلمين ومصلحين ووسائل اعلام مختلفة 'هؤلاء أبناؤنا وليسوا من المكسيك'·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©