محمد عبدالرحيم:
أضحت فلادلفيا في طريقها لأن تصبح أول 'مدينة لاسلكية' كبرى في العام المقبل بعد أن اعتمدت مشروعاً يجعل من السهل على جميع المواطنين الدخول إلى الويب وبطريقة باتت تهدد معظم شركات تزويد خدمات الكابل والهاتف والانترنت·
وبلاشك فإن القرار الذي اتخذته السلطات في المدينة لاستئجار شركة 'ايرث لينك' رابع أكبر شركة لتزويد خدمة الانترنت في الولايات المتحدة الاميركية بهدف تغطية المدينة بتكنولوجيا (واي فاي) اللاسلكية، بات فيما يبدو بمثابة النذير بحدوث ثورة غير مسبوقة يمكن أن تؤدي إلى توفير مليارات الجنيهات الاسترلينية التي يتم استثمارها في البنية التحتية التكنولوجية·
ويقول بين سكوت مدير الحملة اللاسلكية التي أطلقتها بلدية مدينة فيلادلفيا: 'لقد بدأ المسؤولون في المدينة ينظرون باستمرار إلى الموجة العريضة في القرن الحادي والعشرين تماماً كما كانوا ينظرون إلى الكهرباء قبل مائة عام وإلى الهاتف قبل خمسين عاماً من الآن· ولقد بدأ الأمر يندرج تحت تصنيف الخدمة الاجتماعية الضرورية العاجلة·
والآن فإن فلادلفيا أصبحت ضمن أكبر عشرات المدن التي شرعت في بناء غطاء لاسلكي كامل يعمل على توسعة 'النقاط الساخنة' الصغيرة المتواجدة أصلاً مع عشرات أجهزة ارسال الراديو بحيث تؤدي إلى تكوين شبكة تغطية شاملة بعد أن بات الدخول السريع للانترنت يعتبر أمراً ضرورياً وحاسماً في تحقيق النمو الاقتصادي والتقدم في مجال التعليم· بل إن تزويد المناطق المنخفضة الدخل بالدخول الأقل تكلفة للانترنت أصبح يحظى بمرتبة الأولوية في خطط واضعي السياسات والسلطات الحكومية· وفي سان فرانسيسكو التي تخطط أيضاً لانشاء شبكة لاسلكية عالمية في العام المقبل ذكر العمدة جافين تيزوم أنه يعتبر الدخول إلى الانترنت أحد الحقوق المدنية للمواطنين·
وفي الأسبوع الماضي أصيبت شركات تزويد الخدمة وشركات الاتصالات الهاتفية بالصدمة عندما تنامى إلى سمعها أن شركة جوجل عملاق محرك البحث التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً عرضت تزويد مدينة سان فرانسيسكو بغطاء لاسلكي مجاني على أن يتم تمويله فقط من ايرادات الاعلانات في المستقبل· وذلك لأن المواطنين عندما يتمكنون من الدخول مجاناً أو بتكلفة رخيصة جداً على الانترنت فمن المؤكد أنهم سوف ينأون بأنفسهم عن خدمات الشركات المزودة التي تفرض الرسوم·
أما شعار 'أميركا اللاسلكية' فقد أخذ هو الآخر يبعث بتهديدات غير مسبوقة في كامل ساحة الاتصالات الهاتفية وبخاصة لتلك الشركات التي درجت على توفير الرابط الأخير في السلسلة الحالية للبيانات مثل الشركات المشغلة للكابل والخط الأرضي وهاتف الموبايل بالاضافة إلى شركات تزويد خدمة الانترنت· وعبر استخدام تكنولوجيا بروتوكول الصوت عبر الانترنت التي اضطلعت بريادتها شركة سكايب، فسوف يصبح أيضاً بإمكان المستخدمين تجاوز الشركات المزودة لخدمة هاتف الموبايل واجراء المكالمات المجانية إلى أي مكان في العالم· وكانت شركة 'اي باي' المتخصصة في المزاد على الانترنت قد أثارت زوبعة قبل شهر من الآن عندما عمدت إلى شراء شركة سكايب في صفقة بلغت 4,1 مليار دولار· وكذلك فإن رخص تكلفة تكنولوجيا الواي فاي من شأنها أن تؤدي أيضاً إلى النأي عن مزودي خدمات تلفزيون الكابل والأقمار الاصطناعية·
وإلى ذلك تعكف مدينة سان فرانسيسكو الآن على دراسة 24 مقترحاً إلا أن عرض جوجل المجاني بالدخول إلى الانترنت ما زال هو الأعلى تنافسية· وكما يقول ديفيد جاريتي مدير البحوث في مصرف انفيسيتك الاستثماري 'من الصعب جداً أن تنافس عرضاً مجانياً· لقد أصبحت الحياة أكثر اثارة وتحدياً لشركات الاتصالات الهاتفية· أما ديفيد ماكلير الرئيس التنفيذي لاتحاد صناعة الانترنت الاميركية المجموعة التجارية التي تمثل مزودي خدمة الانترنت فقد راح يقلل من أهمية المبادرة قائلا انها غير ضرورية لأن السكان أصبحوا أصلاً يتمتعون باتساع خدمات تكنولوجيا الموجة العريضة · "broadband" ولكن بعض المحللين في الصناعة أشاروا أيضاً إلى العديد من العوائق الفنية التي يتعين تجاوزها قبل أن يتم ضمان الدخول الجماعي للانترنت· فتكنولوجيا 'واي فاي' على سبيل المثال تتسم بقصر كبير في المدى مما يجعل من الضروري انشاء آلاف نقاط اعادة الترحيل حتى يتم التمكن من تغطية مدينة كبرى·
أما مدينة فلادلفيا التي تخطط لتدشين شبكتها في الخريف المقبل فإن السكان سوف يتم منحهم سرعة للموجة العريضة بطيئة في أول الأمر لا تزيد على واحد ميجابايت· وسوف يدفع المستخدمون 20 دولاراً في الشهر مقابل الخدمة· أما المستخدمون الأقل دخلاً فسوف يفرض عليهم رسم بمقدار 10 دولارات فقط·
أما الزائرون والسياح فبإمكانهم شراء الدخول بالساعة بينما سوف تدفع شركة ايرث لينك مبلغاً يصل إلى 15 مليون دولار على أمل أن تبدأ في استدرار الأرباح بعد عامين من الآن·
عدد اليوم
