الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أسرار استدعاء الرئيس الأميركي لتميم إلى البيت الأبيض

أسرار استدعاء الرئيس الأميركي لتميم إلى البيت الأبيض
9 يونيو 2019 00:17

أحمد شعبان (القاهرة)

كشف استدعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأمير قطر تميم بن حمد إلى واشنطن في 9 يوليو المقبل عن رغبة الرئيس الأميركي في توجيه رسائل حازمة للدوحة بسبب موقفها الأخير من إيران وعقب تحفظ الدوحة على قرارات قمم مكة التي دانت واستنكرت الأعمال التخريبية التي تقوم به الميليشيات التابعة لطهران في المنطقة، بحسب خبراء استراتيجيون لـ«الاتحاد». وذكر مصدر دبلوماسي عربي لـ«الاتحاد»، أن بيان البيت الأبيض في الذي ركز على مناقشة التعاون الأمني وقضايا مكافحة الإرهاب كان بمثابة رسالة مشفرة للأمير القطري بأن «واشنطن غير راضية عن استمرار دعم الدوحة لمجموعات إرهابية في الشرق الأوسط». وأكد خبراء مصريون لـ«الاتحاد»، أن الموقف القطري المرتبك تجاه مخرجات قمم مكة، كشف حجم النفوذ الإيراني على صانع القرار القطري، ما أوجب على الإدارة الأميركية التدخل واستدعاء تميم لواشنطن.
وكشف مصدر دبلوماسي عربي لـ«الاتحاد» عن توقعات داخل أروقة الدبلوماسية في واشنطن، أن يوجه ترامب توبيخاً لتميم خلال المؤتمر الصحفي عقب اللقاء بينهما أو ينتهي اللقاء من دون مؤتمر صحفي. وقال المصدر لـ«الاتحاد»، إن زيارة تميم تجيء وسط غضب أميركي واضح من معارضة الدوحة لتوجه البيت الأبيض بشأن تصنيف جماعة «الإخوان» إرهابية، وسعي قطر للعمل كوسيط بين الجماعة الإرهابية وواشنطن خلال الأسابيع الماضية لإنقاذ الجماعة الإرهابية من القرار الأميركي المرتقب. ويقول الدكتور طه علي، الباحث في الشأن الخليجي، إن العلاقات القطرية الإيرانية تمثل علامة استفهام واستنكار لواشنطن، خاصة في ظل السلوكيات التخريبية الإيرانية بمنطقة الشرق الأوسط، وتهديداتها للمصالح الأميركية في المنطقة، ما يدفع إدارة ترامب إلى اتخاذ موقفٍ حاسمٍ تجاه النظام القطري. ولهذا جاءت الزيارة الاستثنائية لتميم إلى واشنطن.
وأشار إلى أن الموقف القطري المتخبِّط تجاه مخرجات القِمَم الخليجية والعربية والإسلامية في مكة أخيراً، جاء بما يوحي أن القرار القطري ليس قراراً سيادياً بقدر ما هو مُرتهن بإرادة طهران التي دفعت الدوحة للتحفظ على إدانة السلوك الإيراني لأمن الخليج، والمنطقة العربية كلها، وهو الموقف الذي يتناقض مع الإجماع الخليجي، والعربي والإسلامي فيما يخص الأمن والسلم في المنطقة. وأكد طه علي أن نظام تميم يقف في مأزق بين تنازع الإرادات الأميركية والإيرانية ما يدفعه للقيام بدور خفي للوساطة بين واشنطن وطهران خلال زيارته المرتقبة، أو أنه ربما يحمل رسائل من الجانب الإيراني للإدارة الأميركية في محاولة للتفاوض الخفي، خاصة بعد تزايد ضغوط واشنطن، ورفع سقف العقوبات الأميركية أخيراً، والأزمة المستحكمة على كل من طهران والدوحة. وقال الباحث في الشأن الخليجي، إن الزيارة سوف تشهد ضغوطاً أميركية وتوجيهات للنظام القطري من أجل إعادة النظر في سياساتها تجاه الجماعات المتطرفة التي تدعمها وفي مقدمتها جماعة الإخوان، خاصة في ظل إعلان البيت الأبيض أنه بصدد دراسة إدراج الجماعة على القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية. وأشار طه علي إلى أنه من غير المستبعد أيضاً أن يحمل تميم رسائل من جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقع في مأزق مع واشنطن على خلفية التقارب التركي مع إيران، وإعلان واشنطن وقف تدريب الطيارين الأتراك على طائرات إف 35، فيما يمثل رفعاً لسقف الضغوط الأميركية على أنقرة. وهو ما يدفع تميم للمحاولة للقيام بدور وساطة خفي بين واشنطن وأنقرة. وأكد أن كل هذه التحليلات السابقة ربما تدفع الإدارة الأميركية لممارسة المزيد من الضغوط على النظام القطري، وهوما يستتبعه بالضرورة تنازلات أكبر من جانب الدوحة. ويقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة أمير قطر لتميم تصب في أمرين، الأول يتعلق بالدعم الأميركي لقطر، حيث إن الإدارة الأميركية دائماً ما تتحدث بمعايير مزدوجة مع منطقة الخليج، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي طلبت أميركا من قطر المشاركة في قمم مكة بمستوى عالٍ من رئيس الوزراء القطري؛ إلا أن قطر خرجت باعتراضات وتحفظات على البيان بعد صدوره وهذه سابقة دبلوماسية لم تحدث من قبل، مؤكداً أن هذه رسالة من قطر بأنها لن تغير من سياستها الإقليمية في المنطقة في الفترة المقبلة. وأضاف، الأمر الثاني من الزيارة هي أبعادها الاقتصادية والاستراتيجية ومراجعة مذكرة التفاهم بين البلدين بشأن مواجهة الإرهاب لافتاً إلى أن هذه المذكرة التي لم يعلن عن تفاصيلها حتى الآن. وأكد فهمي أن استدعاء تميم أمير قطر إلى واشنطن تأتي في إطار الضغوطات التي تمارسها أميركا على قطر كمحاولة منها لتغيير قطر مسارها السياسي والإقليمي في المنطقة، وإنهاء المقاطعة بينها وبين السعودية والإمارات ومصر والبحرين منذ 3 سنوات بسبب دعمها للإرهاب. وكذلك يأتي هذا الاستدعاء من قبل ترامب للضغط على تميم لمراجعة قراراته السياسية وتغيير سياسته الإقليمية، خاصة التي تتعلق بدول الجوار وخاصة بعد قيام القطريين بمراوغة سياسية لمحاولة تجميل الدور القطري مرة أخرى في الإقليم خاصة في الملف الليبي أو السوري.
وقال طارق فهمي، إن الإعلام الأميركي أشار إلى أن الإدارة الأميركية ستوجه رسائل عدة إلى تميم منها أن المصالح الخليجية تأتي في المقام الأول بالنسبة لأميركا، وأن قطر يجب أن لا تمثل خطراً على الأطراف الإقليمية الأخرى، خاصة دول الخليج العربي، خاصة بعد تحفظ قطر على البيان الختامي للقمم السعودية والذي دان إيران. وأوضح فهمي أن هناك تحذيراً أميركياً لقطر بعدم تعلية الخيارات الإقليمية على حساب الخيارات العربية والخليجية، وتحذيراً مباشراً في عدم التركيز على الجانب الإيراني، وعدم التفكير في إنشاء تحالفات إقليمية مناوئة للتحالف الأميركي خاصة مع إيران، مؤكداً أن هذا ستكون له تبعاته، وهذه من الأمور التي لن تتنازل عنها الإدارة الأميركية خلال هذه الزيارة، مشيراً إلى أن هناك خطوطاً حمراء لن تسمح أميركا لتميم بتجاوزها، وأهمها عدم العودة إلى كنف السياسة الإيرانية، أو بناء تحالف في هذا التوقيت يشمل قطر تركيا وإسرائيل.
من جانبه، أكد محمد محسن أبو النور، الباحث في الشأن الإيراني، أن قطر دولة ليست صانعة للسياسات، ولكن هي دولة مطبقة للسياسات، وأن قطر دولة ضعيفة خاصة في مواجهة أميركا، مؤكداً أن زيارة تميم لواشنطن تأتي في إطار التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة والتي تتعلق بالمفردات الأميركية الإيرانية، خاصة بعد القرارات التي خرجت بها قمم مكة الثلاث التي دانت الأعمال التخريبية التي قامت بها إيران في المنطقة الفترة الماضية، مشيراً إلى أن قطر ستقوم بدور الوساطة بين واشنطن وطهران، خاصة أن وزير الخارجية القطري سافر إلى طهران الأسبوع قبل الماضي، وهناك اتصالات قطرية إيرانية على أعلى مستوى، مشيراً إلى أن قطر صندوق رسائل متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران. وتوقع أبو النور يوجه ترامب اللوم إلى تميم خلال المؤتمر الصحفي المرتقب على تحفظ قطر على قرارات القمم العربية والخليجية، خاصة فيما يتعلق بإيران.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©