إعداد ـمحمد عبدالرحيم:
في الوقت الذي استمرت فيه كبرى شركات الاتصالات الهاتفية الأوروبية تتصيد الصفقات خارج حدودها، اصطدمت في الوقت ذاته بمجموعة كبيرة من الشركات الخاصة في الشرق الأوسط والتي تتمتع بفورة في أموال النفط، فشركة أوجر للاتصالات في السعودية ومؤسسة البحرين للاتصالات الهاتفية بالإضافة الى مؤسسة الإمارات للاتصالات 'اتصالات' ما هي إلا بعض تلك الشركات التي أخذت تشكل صداعاً مزمناً لنظرائها الأوروبيين في المناقصة على الأصول والموجودات القيمة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط·
وقال باولو بريرا رئيس إدارة الموجودات في مصرف مورجان ستانلي الأوروبي لصحيفة 'الفايننشيال تايمز': أصبح البحث عن النمو في الأسواق الناشئة لعبة تمارسها جميع الشركات الأوروبية المتنافسة، لكن هنالك العديد من المنافسين الجدد الذين ظهروا داخل هذه الأسواق مثل اللاعبين الجدد في منطقة الشرق الأوسط المتسلحين بكميات هائلة من الأموال بسبب إيرادات النفط العالية، الذين أصبحوا قادرين على الفوز على منافسيهم الأوروبيين في الصفقات الأخيرة، وكانت تركيا قد وافقت الشهر الماضي على أكبر صفقة للخصخصة على الإطلاق حيث باعت حصة مقدارها 55 في المئة في شركة تيرك تيليكوم الى مجموعة تقودها شركة اوجر تيليكوم السعودية بقيمة 6,5 مليار دولار بمقدار يزيد بنسبة 15 في المئة مما دفعه المناقصون الروس، والآن فإن الحكومة التونسية التي تعرض بيع حصة بنسبة 35 في المئة في شركة التونسية تيليكوم قد تلقت مذكرتين تتضمنان الرغبة في الشراء من الشركات المشغلة في أوروبا وفي الخليج العربي على حد سواء، والى الآن تم تضمين 14 شركة أوروبية في القائمة المختصرة بما في ذلك فرانس تيليكوم وتليفونيكا الإسبانية بالإضافة الى أوراسكوم المصرية وشركة اتصالات هاتف الموبايل الكويتية على أن تجري المناقصة الرسمية في الخامس من ديسمبر المقبل ويتم إعلان الفائز في الثالث عشر من الشهر نفسه·
وفي ظل تخوف وعدم رغبة شركات الاتصالات الأوروبية في دفع مبالغ باهظة فإن شركات الاتصالات في الشرق الأوسط أخذت تشكل أكثر المنافسين شراسة، ويقول سين كارني رئيس قسم الاتصالات العالمية في مصرف اتش اس بي سي 'أحد أكبر الظواهر والتطورات التي طرأت على ساحة الاتصالات الهاتفية في العامين الأخيرين هي بروز مشغلين أكثر تقدماً تكنولوجياً ونفوذاً مالياً في منطقة الشرق الأوسط وهم يتطلعون بشراسة الى اكتساب فرص إضافية للنمو خارج حدودهم·
ومضى يقول 'في مزادات جرت مؤخراً في السعودية وتركيا وباكستان شهدنا مشغلين من الشرق الأوسط تمكنوا من إحراز النجاح بسهولة على منافسيهم الذين جاءوا من أسواق أكثر رسوخاً وخبرة'· وأصدق مثال على ذلك ان مؤسسة الإمارات للاتصالات 'اتصالات' استطاعت في النهاية الحصول على رخصة الموبايل جي اسم ام الثانية في المملكة العربية السعودية بقيمة 3,4 مليار دولار بعد أن عرضت ضعف المبلغ الذي كانت شركة فودافون مستعدة لدفعه في الصفقة التي اجتذبت 'دستة' من كبار المناقصين بما فيهم أكبر الشركات المشغلة في غرب أوروبا، ويقول بول جيبسي رئيس قسم البحوث والتطوير في مصرف جي بي مورجان 'أصبحت شركات الاتصالات الهاتفية تستخدم الآن معايير بالغة المحافظة عندما يتعلق الأمر بتقييم قيمة الصفقات كما ان القليل فقط من هذه الشركات أصبح مستعداً للمخاطرة بدفع مبالغ باهظة في هذه الموجودات'·
وكذلك فإن أعداداً كبيرة من المستثمرين لا يمكن أن تنسى مستويات التنافسية العليا في المناقصات الخاصة بالاتصالات الهاتفية والإنترنت والأجهزة الإعلامية المتعددة التي تسيدت الساحة في أواخر حقبة التسعينات عندما أنفقت الشركات مبالغ هائلة على شبكات هواتف الجيل الثالث والتي تركت ميزانيات هذه الشركات تنوء بأثقال الديون المتضخمة· لكن بالنسبة الى الشركات الأوروبية فإن الانجذاب الى المناقصة على الموجودات في الشرق الأوسط يرتبط ارتباطاً كلياً بما يمكن أن يتحقق في المستقبل من نمو كبير في أعداد المشتركين في هذه الخدمات في نفس الوقت الذي وصلت فيه معظم الأسواق الأوروبية الغربية الى مرحلة التشبع· وأصبح الطريق الرئيسي للدخول الى هذه الأسواق يمر، إما عبر عمليات الخصخصة أو المنافسة على التراخيص· وقد لخص جورما أوليلا المدير التنفيذي لشركة نوكيا مشاعره وانطباعاته عن المنطقة بعد زيارة قام بها مؤخراً وهو يقول 'إن الجلبة التي تحدث الآن في الشرق الأوسط والخليج وأفريقيا هي نفسها التي كنا قد شهدناها في الصين قبل سبع أو ثماني سنوات من الآن في الجزء الأعلى من دورة السوق وهي أيضاً التي شهدناها في أميركا اللاتينية قبل عامين من الآن'·
ومازال هناك عدد من الصفقات التي لم تحسم في العديد من الأسواق النامية المهمة، فإلى جانب تونس حيث بات من المتوقع أن تواجه الشركات الأوروبية مجدداً منافسيها الجبابرة من منطقة الشرق الأوسط فقد بات من المتوقع أن تدخل حوالى 15 شركة في منافسة بالغة الشراسة على تملك حصة مقدرة في شركة تيلسيم، ثاني أكبر مشغل في الدولة التركية·