تحقيق - أحمد المنصوري:
يزدهر نشاط المطابخ الشعبية خلال شهر رمضان المبارك في حين يضعف الإقبال على المطاعم الأخرى خاصة مطاعم الوجبات السريعة، نظراً لزيادة الطلب على الأكلات الشعبية، سواء للأفراد أو لتقديم خدمات التموين للمجموعات والشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة التي تقدم وجبات إفطار وسحور للعاملين في مواقع العمل طوال أيام الشهر الفضيل·
كما يلجأ بعض المحسنين وأصحاب الأيادي الكريمة إلى هذه المطابخ لتجهيز كميات كبيرة من وجبات الإفطار لتوزيعها على الصائمين في المساجد، وعلى خيام إفطار الصائمين المقامة في العديد من المواقع خلال أيام رمضان، وتتفنن المطابخ الشعبية في خدمات التموين وأصناف الوجبات التي تعدها مع خدمة التوصيل والتوزيع· التحقيق التالي يسلط الضوء على جانب من أنشطة المطابخ الشعبية واستعداداتهم لتلبية الطلبات الكبيرة في شهر رمضان، وأسعار الوجبات ومدى تأثرها بموجة الغلاء المتفشية·
يقول سالم صاحب 'مطبخ الحديقة لتجهيز الولائم' إن الشهر الفضيل يعد موسماً للخير للجميع ولأصحاب المطابخ الشعبية على وجه الخصوص، حيث يقبل العديد من المحسنين على المطابخ الشعبية لعمل طلبيات لتوزع على الصائمين· وأوضح أن مطبخه يقدم عروضاً مناسبة للجهات والأفراد الذين يريدون تقديم وجبات خيرية للصائمين وبأسعار تنافسية، رغبة منه في المشاركة في الأجر· وحول أهم الوجبات التي يزداد الطلب عليها أيام الشهر الفضيل، أوضح سالم أن الأرز مع اللحم أو الأرز مع الدجاج هي أكثر الوجبات المرغوبة خلال رمضان، يأتي بعدها الهريس حيث إنهم يعدون يومياً عدة قدور خاصة للمحسنين للتوزيع الخيري·
وحول أنواع اللحوم المستخدمة في مطبخه، أشار سالم أنهم يستخدمون اللحم الجزيري الطازج أو الاسترالي حسب رغبة الزبون، والدجاج الإسلامي، وبالنسبة للأسماك فإنهم يستخدمون الكنعد ·
أما بخصوص الأسعار، فأوضح سالم أن سعر الوجبة الواحدة من الرز واللحم الأسترالي أو مع الدجاج أو مع السمك بالإضافة إلى صحن سلطة خضار وعلبة شطة، يبلغ 8 دراهم للشخص، إضافة إلى خدمة التعبئة والتوصيل، بينما يبلغ سعر صحن الهريس 5 دراهم· وأشار إلى أن هذه الأسعار خاصة للطلبات الكبيرة للمحسنين لإفطار الصائمين ورغبة منهم في المشاركة في الأجر والثواب ·
يقول نورس حسين وهو مشرف مسؤول في 'مطابخ رويال منصور'، إن النشاط الأبرز للمطابخ في شهر رمضان هو تلبية طلبات العقود المبرمة مع مختلف الجهات لإعداد وجبات إفطار الصائمين وتوزيعها في الأماكن المحددة·
وحول طبيعة ونوع الوجبات التي يقدمها المطبخ، أوضح نورس أنهم في العادة يعدون صينية لأربعة أشخاص مكونة من أرز ولحم ودجاج كطبق رئيسي، مع ملحقات من هريس أو ثريد وتمر ولقيمات وشوربة، مع توفير خدمة التوصيل والتوزيع· ويتراوح سعر الصينية ما بين 40 إلى 50 درهماً حسب نوع اللحم المستخدم والملحقات، مؤكداً ارتفاع أســـعار اللحم والدجاج مقارنة بالأعوام الماضية ·
وقال: بعض المحسنين وأهل الخير يتحرون ما هو الأفضل من اللحم أو الدجاج لأنه يُقدم على عمل الخير ويريده أن يكون على أفضل ما يمكن ليتقبله الله منه، لذا تجده يهتم بالتفاصيل، وهناك آخرون لا يهتمون بالتفاصيل وإنما يكون قد حدد مبلغاً من المال على سبيل المثال 45 ألف درهم يريد أن يفطر به 120 صائماً في رمضان ·
مواقف محرجة··
وقد يحدث أن لايمر يوم العمل في المطابخ أو أثناء عملية توصيل وتوزيع الطلبات بسلام ، رغم الاستعداد التام من قبل المشرفين عليها للمفاجآت المتوقعة والتي تتطلب سرعة التصرف، خاصة عندما يتعلق الأمر بإفطار الصائمين بعد يوم من الجوع والتعب، فيذكر نورس بعض المواقف المحرجة التي حدثت له وهي خارجة عن الإرادة·· فقبل عدة سنوات كانوا يعدون طعام الإفطار لألف شخص في أول أيام رمضان في غياثي في المنطقة الغربية لنقلها إلى خيمة كبيرة في السلع، وفي الطريق انفجر إطار سيارة النقل التي تقل الوجبات· وقال: 'تأخرنا عن موعد الإفطار لنصف ساعة وبعد أن غادر كثير من الصائمين مما سبب لنا حرجاً كبيراً مع الجهة المسؤولة وخصم منا يومها مبلغ 15 ألف درهم ·
وأضاف: في مرة أخرى·· كنا نهم بإنزال الإفطار في إحدى الخيم في يوم عاصف، وسقطت الخيمة بسبب الرياح الشديدة وكاد أن يتلف الطعام، ووضعنا أيدينا على قلوبنا خاصة وأن أعين الصائمين المتعبين كانت تترقب، لكن الله سبحانه وتعالى سترها معنا، فقمنا بتوزيع الوجبات داخل المسجد ·
من جهته قال عمر من أحد المطاعم الشعبية المشهورة في منطقة المرور بأبوطبي، إن مطعمة يلبي طلبات المحسنين والجهات الحكومية وغيرها، إضافة إلى العزائم والولائم والمناسبات المختلفة، سواء في رمضان أو في غيره، مشيراً إلى أن العمل في رمضان يتضاعف، ويستدعي منهم العمل بالطاقة القصوى لتلبية جميع الطلبات·
أما بخصوص الارتفاع العام في أسعار الوجبات التي يقدمها مطعمه، أوضح عمر أنهم يشترون البضائع والسلع من الموردين وتجار الجملة، الذين قاموا بدورهم برفع أسعار اللحوم والبضائع الأخرى الأمر الذي اضطرهم إلى رفع أسعار الوجبات التي يقدمونها ·
الجزيري·· سيد الموقف
يقول أشرف عبدالله من 'مطبخ عبّود لخدمات الأفراح' موضحاً أن نشاط المطبخ في شهر رمضان يتركز بالكامل لتلبية طلبات المحسنين وأهل الخير لتموين موائد رمضان التي تقام في العديد من المساجد والخيام الرمضانية في أبوظبي· أما بخصوص أنواع الوجبات المقدمة وأسعارها، أشار إلى أنهم في رمضان الماضي كانوا يعدون وجبة كاملة للصائم عبارة عن أرز ولحم وهريس وخضار مع تمر وعصير وفاكهة بـ 22 درهماً، ونصف وجبة بـ 15 درهماً·
وحول ارتفاع الأسعار، أوضح أشرف أن الحالة الوحيدة التي تؤثر على أسعار الوجبات هي ارتفاع أسعار اللحم الجزيري لأنه وكما جرت عليه العادة في كل رمضان يرفع موردو اللحم الجزيري من أسعار الذبائح، مؤكداً أن الارتفاع الأخير في أسعار الوقود لم يؤثر على أسعار المواد الأخرى بعكس ما يدّعيه بعض التجار الآخرين الذين رفعوا أسعار كل المواد تقريباً·
وقال أشرف: 'إننا نصدُقُ في كل الوعود الذي نقدمها للزبائن في كل أيام العام، وبشكل خاص في رمضان حيث إن زبائننا من الخيرين والمحسنين الذين يبتغون من هذا العمل الأجر من الله··
وذكر أشرف موقفاً حصل معه بأن جاءت سيدة إليه مشككة في أنهم يستخدمون اللحم الجزيري، وعندما جلب إليها ذبيحة من الثلاجة قالت إذا كانت الذبيحة بالفعل جزيرية ومذبوحة محلياً فأين هو ختم الطبيب الذي كشف على الذبيحة في المسلخ ؟ فقال لها إن اللحام أزال ختم الطبيب قبل وضعها في الثلاجة·· فلم تقتنع حتى رأت بأم عينيها في زيارة قامت بها إلى المسلخ الذي يتعامل معه المطبخ، وتأكدت من أن العملية تتم بمنتهى الأمانة كما ذكرنا لها، إذ يتم تحمّيل الذبيحة في سيارة المطبخ ·