الإثنين 20 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخطاء عالجتها السنة - التواكــل

16 أكتوبر 2005
أفسد التواكل على المسلمين حياتهم من خلال الفهم الخاطئ لمعنى التوكل على الله وبات الخلط واضحا بين التوكل والتواكل·· وحول موقف القرآن والسنة النبوية من هذه الإشكالية أوضح الدكتور محمد الشحات الجندى عميد كلية الحقوق جامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الفهم المغلوط لحقيقة التوكل والإيمان الصحيح بالقضاء والقدر يسود لدى عدد غير قليل من المسلمين، فعطلوا حقائق الإيمان ونواميس الكون وأسباب التقدم والحضارة وآيات المدنية والعمران، وأغرقوا أنفسهم ومجتمعهم فى مجادلات لفظية وأفكار سقيمة ليس لها نصيب من صحيح الإسلام وفلسفته فى الكون والحياة ولا أدل على ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث التى تناقض هذا الفهم، فى مثل قوله تعالى 'وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون' وقوله 'وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى'·
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم 'لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا'·
وأشار د· الجندي إلى أن هذا الهدى النبوي يصحح المفهوم المغلوط لدى كثير من المسلمين حول معنى التوكل الحقيقي وأنه إيمان بالله ، وأخذ بالأسباب ، وجدية فى طلب الرزق الحلال وسعى فى توفيره وزيادة مصادر الرزق للمسلم وأهله، ذلك أن الفهم الصحيح والتدبر العميق لحقيقة التوكل يعد من الفرائض الإسلامية التى يتعين على بعض المسلمين الذين يفهمون التوكل ويتعاملون مع أسباب الحياة خطأ أن يفهموه وفق صحيح الإسلام ومنظومته فى العقيدة والتشريع والحضارة وأن يراجعوا أنفسهم فيما جناه هذا الفهم المغلوط للتوكل والإيمان بالقضاء والقدر من نتائج مدمرة، وعليهم أن يدركوا أن هذا السلوك والفهم الخاطئ يأباه الإسلام ومسيرة المسلمين فى عصر الإسلام الأول·
وقال د· الشحات الجندي: إن المسلمين الأوائل كانوا يعقلون أن التوكل إيمان وأخذ بالأسباب وعمل جاد للوصول إلى الهدف المنشود حتى قال عمر رضى الله عنه 'لو جاء غير المسلمين بعمل وجئنا بغير عمل لكانوا أولى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - منا' · فهذه هى حقيقة رسالة الإسلام كما جسدها محمد عليه الصلاة والسلام بعمله وسلوكه طوال حياته·
ويؤكد محدثنا : أنه بات على المتواكلين خاصة والمسلمين عامة أن يصححوا مفاهيمهم حول التواكل والقضاء والقدر، وأنه بغير توكل حقيقي بما يعنيه من سلوك الأسباب ، والعمل المقترن به ـ فلن يبلغوا شيئا لأن التواكل الذي عليه كثير من المسلمين الآن لم يورثهم غير المهانة والمذلة والكسل والإهمال، والتخلف عن ركب الحضارة الحديثة وهو الذي جعلهم عالة على غيرهم فى المأكل والمشرب والعلاج والتعليم وجعل قرارهم فى يد أعدائهم، وكل ذلك لم يرض عنه الإسلام أو يرض رسوله صلى الله عليه وسلم·
ولم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا التواكل الذى انغمس فيه المسلم المعاصر حتى أذنيه استنادا إلى مفاهيم غير صحيحة من الشعارات التى أفسدت على المسلمين حياتهم وجعلتهم متكاسلين لا يرجون الفضل الإلهي ولا يسعون إلى تصحيح حياتهم والخروج من مذلة التخلف والهوان الذى أصبح فيه المسلم عالة على غيره من الأمم المعاصرة، وبرر ذلك بالقضاء والقدر حيث فهم المقصود بهما فهما لم يقصده الإسلام وإنما لجأ إليه النفر المتخاذلون من الأمة لتبرير عجزهم وتعطيلهم لفريضة السعى والتوكل والسبق ·
ويمضى د· الجندى فى حديثه قائلا أكدت السنة النبوية على أهمية العمل ورفض التواكل والدعوة إلى تحقيق الخير والتنمية بمعناها الشامل فى قول الرسول- صلى الله عليه وسلم- 'اعملوا فكل ميسر لما خلق له'· كما ورد فى السنة أن شابا كان فى طاعة الله عز وجل دائم العبادة ولزم المسجد فى كل صلاة لا يخرج للعمل بينما كان أخوه يأتيه بالطعام والشراب فى المسجد فعلم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال 'أخوك أعبد منك' وفى هذا دليل قاطع على نهي السنة النبوية على التواكل والاعتماد على الآخر·
محمود عشب
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©