الآثار حائرة بين حاميها وحراميها

القاهرة - 'الاتحاد': لا تكاد قضايا سرقة الآثار تهدأ قليلا حتى تثور من جديد من خلال سرقة قطع أثرية أو اختفائها أو تدمير تماثيل·· وتبقى الأمور دائما بلا حلول جذرية·· مجرد مسكنات وقتية للصداع الذي ما يلبث ان يعود من جديد ليدق الرؤوس بعنف·· والقضايا المتعلقة بالآثار غالبا ما يفرق دمها بين جهات كثيرة تتنازع الاختصاص ولا تتكامل·· مثل وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار·· وشرطة السياحة والآثار·· وتتشكل كالعادة في كل قضية لجان رئيسية وفرعية ومنبثقة وينتهي الأمر دائما إلى لا شييء·· وتهدأ الأمور اعتمادا على الذاكرة الضعيفة للناس ثم ما تلبث ان تعود إلى الأضواء وينفجر البركان من جديد مع قضية سرقة أو اتلاف أو تدمير أو اختفاء لقطع اثرية· وقد عاد صداع الآثار يدق الرؤوس من جديد خلال الأيام الماضية عندما تحطم تمثال من الحجر الجيري أثناء نقله في احد المتاحف وقبل ذلك اختفت ثلاثة تماثيل من المتحف المصري عقب احتفالية 'الجيزة عبر العصور' ووقعت حادثة سرقة بمخزن جامعة بيزا الإيطالية بسقارة· واعترف الدكتور زاهي حواس أمين المجلس الأعلى للآثار بان سرقات الآثار مازالت مستمرة وان التعديات على هذه الآثار في مختلف المناطق والمتاحف بلغت أربعة آلاف حالة خلال السنوات الثلاث الماضية وان آثار بدروم المتحف المصري لا تزال غير مسجلة·· كما ان الاثريين غير مؤهلين وتقع السرقات نتيجة لاخطائهم·
وعندما كان الدكتور زاهي حواس يتحدث عن اختفاء القطع الاثرية الثلاث بالمتحف المصري ويفسره على انه مجرد اختفاء لا سرقة أعلنت الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار ان اختفاء القطع الثلاث جريمة سرقة وليس مجرد اختفاء وان عاملين بالمتحف المصري وراء السرقة·
وعاد حواس ليقول ان القطع الاثرية سرقت عن طريق عمال احدى شركات النظافة العاملة بالمتحف·· فقد استطاع العمال تهريب القطع في شكائر وان السرقة ناجمة عن ثغرة في الاجراءات الأمنية وانه اتخذ قرارا بتفتيش كل من يدخل المتحف أو يخرج منه حتى المدير نفسه·· وتم تعيين لواء مسؤولا عن الاجراءات الجديدة لتأمين المتحف·
وقال حواس ان هناك حالة من الاهمال في المتحف المصري نتج عنها ان الاثريين لم يسجلوا محضر ايداع للقطع في البدروم·· كما أن الاثار مكدسة في البدروم وكثير منها غير مسجلة لذلك نسعى لاعادة تخزين الاثار بمخازن جديدة·
وأكد ان هناك اهمالا في كل اثار مصر منذ نصف قرن فالمخازن وحالتها سيئة للغاية وبدأنا نحل المشكلة بالتدريج وانشأنا 33 مخزنا على مستوى عال ومجهزة الكترونيا وفتحنا المخازن المغلقة منذ نصف قرن·· وهناك سرقات كثيرة في عدة اماكن اثرية على مدى السنوات الثلاث الماضية منها سرقة في مارينا واخرى في الاقصر وهناك ثلاثون الف موظف بالاثار ولابد ان يكون بينهم لصوص لكنهم قلة والغالبية منهم شرفاء· وقد تضاربت اقوال الدكتور محمود مبروك رئيس قطاع المتاحف مع اقوال الدكتور زاهي حواس بشأن التمثال المكسور في المتحف المصري فقد قال مبروك انه لملك فرعوني غير معروف واقر بما قاله حواس حول تخلخل مسامير الذراع واعادة تثبيتها مرة اخرى·· لكن المشكلة مازالت باقية بشأن هوية صاحب التمثال فقد قال حواس مرة انه للملك بيبي ثم قال مرة اخرى انه للملك بيرت رع· وقال اثريون انه للملك خوفو وقال اخرون انه للملك خفرع واخيرا قال الدكتور مبروك انه لملك غير معروف· وقال الدكتور أحمد الصاوي عضو اللجنة الدائمة للآثار ان المتحف المصري تعرض للسرقة خمس مرات في العشرين عاما الاخيرة والامر برمته يثير الدهشة ويتطلب اعادة نظر في كل الاجراءات الامنية والادارية·