السبت 25 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعجيل الفطور وتأخير السحور والوصال بالصوم

14 أكتوبر 2005

القاهرة ـ أحمد محمود:
من الآداب والسلوكيات النبوية التي كان يحرص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، تعجيل الفطور وتأخير السحور والوصال بالصوم·· وهذه الآداب ينبغي أن نقتدي بها حتى نحصل على الدرجات العلا في الثواب والعزم والمقدرة على الصيام·
وعن هذا الخلق والسلوك النبوي·· يقول الدكتور محمد المسير -أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: يبين حديث الترمذي والنسائي عن أنس رضي الله عنه للأمة كيف كان الرسول الكريم في فطره وسحوره، فقال: 'كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء'·
ويوضح د· المسير أن هذا الأدب في الفطور، يعني تعجيل الفطر عقب تحقق غروب الشمس، فذلك أنشط للصائم لأن الإنسان بعد أداء صيام اليوم قد يعتريه فتور لا يتناسب معه أداء صلاة المغرب مع شدة الجوع·· وأيضا فإن استشعار المسلم بأداء الصوم يقتضي أن يعلم بانتهاء الوقت المحدد، وأن يخرج من الصوم لكي يفرح بتوفيق الله له·· وهذا الخروج من الصوم لا يتحقق إلا بتناول الطعام الذي كان محظورا عليه·· ويتحقق تعجيل الفطر بتناول أي شيء يقطع الصوم كتمرات أو بعض ماء ثم يصلي المغرب وبعدها يتناول طعامه كاملا·
ويقول ابن القيم إن هذا من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ونصحهم، فإن الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القوى به، وحلاوة المدينة هي التمر، وهو عندهم قوت وفاكهة·· وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع من التيبس فإن رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده·· ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب·
ويقول د· المسير: ولا بأس أن يتم الإنسان فطره كاملا ثم يصلي المغرب، إذا كان في حاجة إلى الطعام ويشق عليه إحسان الصلاة مع انتظار الطعام، بل إن الأولى في هذه الحال تناول الطعام·· وقد اخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة وابن عباس انهما كانا يأكلان طعاماً وفي التنور -الفرن- شواء، فأراد المؤذن ان يقيم صلاة المغرب فقال له ابن عباس ألا يعجل 'لئلا يعرض لنا في صلاتنا'·· وهذا هو فقه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم 'إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدأوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم'·· وروت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 'لا صلاة بحضرة الطعام'·
وإذا كان من أدب الرسول الكريم تعجيل الفطر، فإن تأخير السحور هدي نبوي كريم، وفي صميم الحديث 'تسحروا فإن في السحور بركة' والبركة في تأخير السحور ظاهرة، لأنه يقوي على الصيام ويخفف المشقة، ولأنه يتضمن الاستيقاظ والذكر والدعاء في ذلك الوقت الشريف -وقت السحر- وفيه التأهب لصلاة الفجر·
وقال زيد بن ثابت كما أخرجه الامام مسلم: 'تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة·ز فسئل: كم كان قدر ما بينهما؟·· قال: خمسون آية'·؟
ومن الخصوصيات التي كان يختص بها الرسول 'صلى الله عليه وسلم' في رمضان هي مواصلته الصيام باليومين والثلاثة دون إفطار أو سحور·· ويشير الدكتور محمد المسير إلى أن هذه خصوصية للرسول 'صلى الله عليه وسلم' وغير ملزمة للأمة، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يواصل الصيام فكان يصوم يومين فأكثر من رمضان من غير فطر أو سحور، وكان يرفض أن يقتدي به الصحابة في ذلك لأنه مقام يصعب الالتزام به ويشق على الناس·
وكان رسول الله 'صلى الله عليه وسلم' رفيقاً بأمته رحيماً بهم، ففي 'صحيح مسلم' عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم، فقيل له: 'أنت تواصل·· قال إني لست مثلكم أُبيت يطعمني ربي ويسقيني'، وحين لم يتراجع المسلمون عن الوصول نهاهم الرسول 'صلى الله عليه وسلم' بتجربة عملية، ففي صحيح مسلم: فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال، فقال عليه الصلاة والسلام 'لو تأخر الهلال لزدتكم' كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا·
وفي رواية 'أما والله لو تماد لي الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم' والمعنى ان الرسول الكريم واصل بالصحابة يومين في آخر الشهر ثم ظهر هلال شوال وانتهى صوم رمضان، فاخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم انه أراد أن يثبت لهم عملياً المفسدة المترتبة على الوصال، وهي الملل من العبادة والتقصير في بعض المأمورات الشرعية والواجبات الإجتماعية، فالعبادة إنما تكون على قدر وسع الإنسان، ومن غير إرهاق حتى يستشعر المسلم حلاوة العمل الصالح، فالوصال إذن من الخصائص التي أبيحت للرسول صلى الله عليه وسلم وحرمت على أمته·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©