دبي ـ آمنة النعيمي:
جثت كوكب على ركبيتها وهي ترسم صورة الوالد الشيخ زايد 'رحمه الله'···، صحيحٌ انها تنقلها من لوحة فنان تتفق معه في الموهبة وفي حبه للراحل الكبير، لكنها تختلف معه في قدراتها الجسدية· غير ان ذلك لم يمنع هذه 'الكوكب' المصابة بالصمم من المشاركة مع مجموعة من زملائها في معرض الرسم الأول لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث عرضوا لوحاتهم جنباً إلى جنب لوحات كبار الفنانين التشكيليين، لتثبت كوكب وزملاؤها انهم لايستسلمون لليأس والعزلة، فهم ليسوا من كوكب آخر، مثلما هم جزء من منظومة هذا الكوكب ومفردة من مفرداته الخلاقة والمبدعة·
هكذا بدا لنا المعرض الذي أقيم بمشاركة 200 طفل يحضرون بالتناوب على مدى أربعة أيام يرسمون ويلونون لنثبت بإبداعهم إيماننا بتميزهم الذي يحتاج منا إلى رعاية لا يمكننا تحقيقها إلا بدعم المؤسسات·
هنادي الجعفري- معلمة صف التأهيل المهني بمركز راشد- تشرف على عمل الاطفال المشاركين في المعرض، تقول: بالرسم يعبر الطفل عن أفكاره ويفرغ محتويات عقله وما اكتشفه من تجارب مختلفة ومن خلال التلوين يدرك مفهوم الألوان وتسميتها لتنمو عنده المهارات الحركية الدقيقة والتآزر البصري الحركي، ومشاركة الاطفال في هذا المعرض أو سواه من النشاطات الخارجية تعمل على مساعدته على التأقلم مع المجتمع والاندماج فيه ويتعلم السلوكيات والآداب التي يجب ان ينتهجوها في الأجواء العامة، كما ان وجوده ضمن مجموعة يجعله يحترم قواعد الانتماء للمجموعة·
يتعلم الاطفال في المركز المهارات الاساسية في مجموعة من المجالات كالخياطة وتناسق الألوان والطبخ والنجارة، حيت يتم السعي لزيادة نطاق معارفه ومهاراته وعند اكتشاف انجذابه ومهارته في مهارة اكثر من أخرى، يعمل المشرفون على تكثيف تنميتها، والى جانب التعليم المهني، ثمة المهارات الاكاديمية التي تتمحور إلى اشياء وظيفية·
عيسى سلمان فنان تشكيلي يشارك في المعرض بمجموعة من اللوحات النابعة من البيئة يقول: ان تعرفي على قدرات هؤلاء الاطفال الخلاقة، غيّر من نظرتي إلى هذه الفئة التي يجب عدم الاستهانة بقدراتها، كما اشعرني بالامتنان للقائمين على هذا المعرض لتقريبه المسافات بيننا وبين المتلقي واتاحة الفرصة لنا لخدمة البشرية بما وهبنا إياها الخالق من موهبة الرسم التي نتشاطرها، مثلما رأينا في المعرض مع غيرنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين نأمل ان يضعوا لوحاتهم جنباً إلى جنب مع لوحاتنا ويثبتوا إمكانياتهم·
وتشارك الفنانة التشكيلية وفاء خزندار بلوحتين في المعرض الذي تجد فيه خدمة لذاتها ولمجتمعها، وتهمس في أذني بانفعال لافت: جميل ان يعمل الفن لصالح الانسانية خاصة ان الرسم ما هو إلا رسالة وأداة اتصال بين الناس· وهذه ثاني مشاركة لي في معرض خيري يعود ريعه لصالح مركز راشد، أشعر ان تلبيتي للدعوة بمثابة تلبية لنداء انساني، هذا يشعرني بالرضا لخدمتي -ولو بشكل بسيط- لفئة من المجتمع تواجدنا معها اليوم لإثبات انها جزء لا يتجزأ من تكويناته الفاعلة· وعن مشاركتها تقول: موضوع لوحاتي من التراث الخليجي، اعبر بها عن مفهوم جديد يضم مفردات من البيئة بألوان زاهية أقرب لألوان الثوب الخليجي· وقد اخترت الأبواب الخليجية المرصعة التي ترمز لانفتاح آفاق على اشياء جديدة·
يذكر ان المعرض الذي اقيم تحت شعار 'جنباً إلى جنب نواصل الإبداع' هو معرض الرسم الأول لذوي الاحتياجات الخاصة، وكان تحت رعاية سعادة الفريق ضاحي خلفان قائد عام شرطة دبي· و يشارك في المعرض ستة فنانين تشكيليين من مصر والعراق والسودان والامارات بستين لوحة معروضة للبيع ضمن أسعار خاصة يعود 25 بالمئة من ريعها لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة التابعين للمركز·