الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الإنجليز وأوروبا.. "بريكست سياسي" و"احتلال كروي"

الإنجليز وأوروبا.. "بريكست سياسي" و"احتلال كروي"
1 يونيو 2019 00:01

محمد حامد (دبي)

يبدو الاكتساح الكروي الإنجليزي للقارة الأوروبية ببلوغ 4 أندية نهائي يوروبا ليج ودوري الأبطال، فضلاً عن تصدر البريميرليج قائمة أقوى دوريات العالم وأكثرها تنافسية، وكأنه أحد الأدلة على أن إصرار الإنجليز على الخروج من الاتحاد الأوروبي له ما يبرره، صحيح أن السياسية والاقتصاد والتجارة وحرية التنقل بين دول القارة العجوز، يظل أمراً يفوق في أهميته وتفاصيله عالم كرة القدم، إلا أن الساحرة تبدو في اللحظة الراهنة وكأنها تمنح الإنجليز مبرراً إضافياً للعودة إلى العزف المنفرد سواء سياسياً أو اقتصادياً.
الأوروبيون ومعهم العالم شعروا بالدهشة حينما صوت البريطانيون في عام 2016، بالموافقة على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعرف منذ هذا الوقت باسم «بريكست»، وهي اختصار لـ «British exit» أي الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة، تسمح بحرية التحرك والحياة والعمل والتجارة وكأنها دولة واحدة، وتتعدد أسباب ودوافع تصويت الإنجليز على خيار الرحيل عن أوروبا، وعلى رأسها الحفاظ على استقلالية وتفرد وتاريخ الشخصية البريطانية، وعدم الاقتناع بوجود جدوى اقتصادية حقيقية من البقاء مع دول القارة، فضلاً عن أسباب أخرى دفعت الغالبية للتصويت على قرار وداع أوروبا، ومن المرجح أن يتم حسم هذا الملف في أكتوبر المقبل، حتى وإن حدث الخروج بدون اتفاق.
المفارقة المثيرة للدهشة، أنه في الوقت الذي يسعى الإنجليز لاعتزال أوروبا، ومقاطعته سياسياً، فإن الأندية الإنجليزية تحتل القارة العجوز كروياً، بل إن هذا الاحتلال الكروي لم يحدث له مثيل في تاريخ الكرة الإنجليزية أو حتى الأوروبية، فقد تأهل آرسنال وتشيلسي إلى نهائي بطولة يوروبا ليج، وتوج البلوز باللقب القاري، ليدخل خزائن الإنجليز الكروية، كما تتجه الأنظار الليلة صوب واندا ميتروبوليتانو لمتابعة موقعة الختام في دوري الأبطال بين ليفربول وتوتنهام، والفائز المؤكد في موقعة الليلة حتى قبل أن يطلق سكومينا صافرة انطلاقة المباراة هو الكرة الإنجليزية.
4 أندية وهي توتنهام وليفربول وتشيلسي وآرسنال في نهائيين قاريين في موسم واحد، مما يجعل الأمور تبدو في اللحظة الراهنة، وكأن الإنجليز ليسوا في حاجة إلى أوروبا ليس سياسياً، واقتصادياً فحسب، بل ليسوا في حاجة إليها كروياً، فقد سيطروا على كرة القدم في القارة الأوروبية بكافة أشكال السيطرة بالتتويج بلقبين قاريين، هما الأكبر والأهم، والأكثر شعبية وجاذبية وعالمية، وبدا الصراع وكأنه جزء من مباريات البريميرليج، على الرغم من أنه تنافس قاري في الأساس.
اللافت في الأمر أن العالم يسير بقوة في طريق الاعتراف بأن البريميرليج هو الدوري الأقوى والأكثر تنافسية في القارة العجوز، فقد كانت هناك قاعدة جماهيرية كبيرة في مراحل سابقة تتعلق بالدوري الإيطالي، ثم أتى عصر ميسي ورونالدو في البارسا والريال ليجذب الملايين حول العالم، ومع رحيل رونالدو صوب اليوفي، وظهور مؤشرات لنهاية الصراع المثير بين النجمين الأسطوريين، بدأ الأنظار تتجه بما يشبه الإجماع صوب دوري الإنجليز، الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة، وانتشار عالمي ملفت في الأساس، إلا أنه في جذب قواعد جماهيرية جديدة في العام الأخير، لأسباب عدة منها تتلخص في 5 محاور رئيسة يتعلق أولها بتراجع إثارة الليجا بنهاية حقبة الصراع الناري بين ليو والدون.
وهناك 4 أسباب أخرى ترفع من درجة الإثارة والجاذبية في دوري الإنجليز، أولها تأثير بيب جوارديولا على أداء السيتي، وعلى بقية الأندية الإنجليزية، فقد تغيرت تقاليد الدوري الإنجليزي، وأصبح أكثر جاذبية وأقل وقوعاً في فخ الأداء الكلاسيكي، كما أن عودة ليفربول مع كلوب واشتعال أجواء الكرة الإنجليزية، يمثل سبباً آخر، فمع السيتي وليفربول يتألق توتنهام رفقة المدرب الأرجنتيني بوكيتينو، ويقدم تشيلسي وآرسنال عروضاً متفاوتة، وتتعلق أنظار الجميع بمان يونايتد ترقباً لعودته لمكانته التي تتناسب مع تاريخه وجماهيريته.
ويتفرد الدوري الإنجليزي بتألق لافت للثنائي العربي محمد صلاح ورياض محرز بين ليفربول والسيتي، مما يزيد من المتابعة العربية للبطولة.
وبالنظر إلى المدرجات في دوري الإنجليز فهي كاملة العدد، والعوائد المالية سواء من البث التليفزيوني أو مبيعات التذاكر أو الشركات الراعية تدر مبالغ طائلة على جميع الأندية، مما يجعل البريميرليج الدوري الأكثر قوة مالية في العالم، ويتيح لجميع الأندية دعم صفوفها بصفقات من العيار الثقيل، وبالنظر إلى كل ما سبق كانت المحصلة وجود 4 أندية إنجليزية في النهائيين القاريين سواء يوروبا ليج أو دوري الأبطال، وظهور هذا الشعور بالتفوق الكاسح على أوروبا، وجاء ذلك متزامناً مع مناقشات وأزمات البريكست أو الانفصال عن أوروبا، ليجعل الإنجليز يشعرون بأنهم أكبر القارة العجوز، حتى وإن بدا هذا الشعور «مؤقتاً» إلا أنه له ما يبرره في الوقت الراهن على الأقل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©