الأربعاء 22 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمل الأطفال بين الحقوق النظرية والاحتياجات الفعلية

عمل الأطفال بين الحقوق النظرية والاحتياجات الفعلية
10 أكتوبر 2005

تحقيق ـ مجدى رجب:
الأطفال زينة الحياة الدنيا التى منحها الله عز وجل لعباده؛ لتظل سنة التكاثر والتناسل فى خلقه قائمة إلى أن تقوم الساعة · وقد حتمت الشرائع على كل إنسان مسلم أو غير ذلك أن يحافظ على هذه المنحة التى منحها الله له· ولأننا نجد بين حين وآخر من يثير قضية عمالة الأطفال ، وهى قضية حيوية يجب أن نأخذها بحكمة وموضوعية إذ إن هؤلاء الأطفال هم ثروة الحاضر وبناة المستقبل · بعيداً عن رطانات أولئك الذين يتشدقون بحقوق الأطفال فى المأكل الآمن والمشرب الآمن والملبس الآمن وعدم انخراطهم فى أى عمل حفاظاً على طفولتهم البريئة فى الوقت الذى يقتل فيه هؤلاء الأطفال ويشردوا في بقاع كثيرة من ارجاء عامنا العربي والإسلامي دون ان يحركوا ساكنا، نناقش هذه القضية في ضوء أحكام الشريعة وهدي الإسلام ·
يقول الدكتور عبد الرحمن الوصيفى رئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة المنصورة : إذا كان المقصود بعمالة الأطفال دفعهم الى العمالة غير المنظمة بما يجعلهم يتسربون من التعليم ، أو أن يكون هذا العمل بعيداً عن الرقابة، فهذا أمر مرفوض تماماً · لأننا ببساطة نؤهلهم للانحراف من الصغر · أما إذا كان هذا العمل بعد اليوم الدراسى وتحت رقابة الآباء، فهذا أمر مشروع، أذا دعت الحاجة الى ذلك ، لأننا نجعل منهم صناعا مهرة، والمثال الواضح لذلك ما نراه فى مدينة دمياط المصرية ، حيث نجد خريجيها الذين كانوا فى يوم من الأيام أطفالاً ولم يكن يتعارض عملهم اليومى مع مواصلة تعليمهم حتى إننا نرى منهم اليوم الأطباء والمهندسين وغير ذلك · وذلك لأنهم تعلموا مهنة آبائهم وأتقنوها ·
الرحمة أولا
ويضيف أنه يجب ان يكون هذا العمل - إذا اقتضت الضرورة- في إطار من الرحمة، يراعي ظروف الطفل، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ' إن لكل شجرة ثمرة وثمرة القلب الولد · إن الله لا يرحم من لا يرحم ولده · والذى نفسى بيده لا يدخل الجنة إلا رحيم · قلنا يا رسول الله، كلنا يرحم، قال: ليس رحمته أن يرحم أحدكم صاحبه إنما الرحمة أن يرحم الناس ' ·
وفى الصحيح عن عائشة أنها قالت : ' جاءتنى مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعماتاها ابنتاها، فشقت التمرة التى كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبنى حنانها، فذكرت الذى صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله قد أوجب لها الجنة وأعتقها بها من النار '
وينبه الى ضرورة أن يكون تدريب الأطفال وعملهم تحت رعاية الأسرة مهما كانت حالتها الاقتصادية · وإذا كانت الدول الغربية تنادى بعدم عمالة الأطفال فهذا أمر يخصهم ، لأنهم يقصدون العمالة غير المنظمة التى تكون بعيدة عن رقابة الآباء ، والظروف الاقتصادية تحتم علينا أن نتقن هذه المهن حتى ننافسهم بإنتاجنا المتميز ولن يتسنى لنا ذلك إلا بتدريب الأطفال منذ الصغر على الصناعة ·
آثار مدمرة
أما السيدة مديحة عمار مدير عام إدارة البحوث والدراسات بوزارة القوى العاملة بمصر، فتؤكد أن ظاهرة عمالة الأطفال تمثل تحدياً خطيرا أمام متخذى القرار خاصة فى الدول النامية ، وذلك لارتباطها الوثيق بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التى يصعب التغلب عليها فى المدى القصير مما يتطلب تضافر الجهود للقضاء عليها لما لها من آثار مدمرة على النمو النفسى والبدنى والعقلى للطفل · ولأن هناك ما يزيد على 2 مليون طفل عامل فى مصر بواقع 11% من قوة العمل بسبب الظروف الاقتصادية المتمثلة فى الفقر والبطالة والدخول غير الثابتة وانخفاض المعيشة، وكذلك الظروف التعليمية والاجتماعية التى تعتبر الطفل الأكبر سناً لدى الأسر الفقيرة المنقذ ؛ فإن الأمر الأكيد هو أن التشريعات الموضوعة لحماية الطفل لا تطبق بحزم وقد ترتب على ذلك آثار اقتصادية ضارة تتمثل فى عدم تلقي هؤلاء الأطفال أى قدر من التعليم أو التدريب مع حصولهم على أجور زهيدة - حيث يفضلهم أصحاب الأعمال عن العمال المهرة - مما يؤدى حتماً إلى خفض الكفاءة الإنتاجية · أضف إلى ذلك هدر قدر كبير من الاستثمار فى محو أميتهم وعدم تعاونهم مستقبلاً مع متطلبات العصر بالإضافة الى ما نراه من تشوه خَلْقى فى نموهم ، وخُلُقى فى سلوكهم تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين ·
ولا سبيل للخروج من هذه الأزمة إلا بتحسين الظروف الاقتصادية للأسر الفقيرة مع تنمية أعمال التدريب المهنى لهم · ومراعاة ألا ينخرط الأطفال فى حقل العمل إلا بعد سن 14 عاماً وتشديد العقوبة على من يخالف ذلك ·
احترام آدميته
وفى إجابة شافية يوضح فضيلة الشيخ منصور الرفاعى عبيد أن العمل ليس فيه سن معينة · فمن حق الإنسان كبيراً أو صغيراً أن يعمل فى أى مهنة تتفق مع قدراته الجسمية · وقد شرع الإسلام العمل ليقوم الإنسان بما تتطلبه الحياة من أمور له ولأسرته · ومن هنا يكون الإسلام قد أباح توظيف الأطفال وتشغيلهم خاصة إذا فقدوا عائلهم ولا يوجد من يقوم على معيشتهم ولم يكن هناك ضمان للمعاش من قبل الدولة أو الهيئات المعنية · وإذا كنا فى عصر تتنادى فيه الدول تحت علم هيئة الأمم المتحدة بعدم تشغيل الأطفال الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم فى فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها وشردوا على ارض الله وتحت سمائه ، ثم تعلن هيئة الأمم المتحدة أن تشغيلهم يخالف التشريعات الدولية، فمن أين يأكلون وكيف يعيشون ، وقد ظلموا تحت علم الهيئة، وعيون قادتها تنظر إليهم بلا مبالاة؟
ويضيف إن الإسلام عندما وضع القواعد اشترط القدرة على العمل وفاء لما يوكل إلى العامل من أمور مع اشتراط الرفق بالعامل يستوى فى ذلك الكبير والصغير ، لأن الإسلام دين يفرض الرحمة قبل القوانين ومن لم يرحم خلق الله فلن يرحمه الله · وذلك مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' اللهم من ولي من أمر أمتى شيئاً فَشَقَّ عليهم فاشقق عليه · ومن ولي من أمر أمتى شيئاً فرفق بهم فارفق به'·
ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©