شعيرات الأصابع الدموية تُضيق الخناق على التحايل الإلكتروني

إعداد- محمد عبدالرحيم:
ضمن الحملة العالمية الشرسة ضد عمليات الاحتيال فإن الوقت قد حان فيما يبدو لكي تنسى كل ما يتعلق بصحة التوقيع أو كلمة السر أو بصمة الإصبع أو حتى أجهزة مسح قرنية العين لأنها جميعا يمكن تزويرها بقدر قليل من المهارة أو العبقرية، أما الجديد فإن مستقبل الأمن بات يعتمد على الشعيرات الدموية المتقاطعة داخل الإصبع الأوسط ليدك اليمنى·
وكما ورد في صحيفة 'التايمز' البريطانية مؤخراً فإن أكثر من 200 مهندس في شركة هيتاشي اليابانية العملاقة في مجال التكنولوجيا عكفوا أعواماً طويلة على دراسة وتطوير نظام للتحقق والمصادقة يهدف إلى إحداث ثورة في المجال المصرفي، وبهذا النظام الذي يعتمد على وحدة لتحديد هوية الشعيرات الدموية، ، وتحمل اسم 'جوهمن' فإن ماكينات صرف النقود وتلك التي تقرأ تفاصيل بطاقة الائتمان لن يعود باستطاعتها أن تعمل إلا إذا تم ضغط إصبع صاحب البطاقة على زر جهاز الاستشعار، وفي أقل من ثانيتين سيتمكن جهاز القراءة من مسح تفاصيل ودقائق تركيبة الشعيرات الدموية في الجزء المركزي للإصبع الأوسط قبل أن يخلص إلى أن النتائج تتفق مع التفاصيل الواردة في البطاقة· وما يزال النظام مازال في رحم المستقبل إلا أن نسخة منه سوف تبدأ عملها في أحد البنوك في الريف الجنوبي لليابان في هذا الأسبوع في الوقت الذي تخطط فيه معظم البنوك الأخرى في الدولة لإدخال هذه التكنولوجيا، ويعمل الجهاز عبر إشعال سلسلة من الأحزمة الإشعاعية فوق الحمراء على الإصبع من عدة زوايا مختلفة حالما يتم وضعه على الاستشعار، وتحت هذا الضوء تتمكن الماكينة من كشف الشعيرات الدموية في شكل نسق ثلاثي الأبعاد· ويتم بعد ذلك الاستحواذ على الصورة وتحويلها إلى أشكال يمكن مقارنتها مع السجلات الموجودة في قاعدة البيانات الخاصة بالبنك· وإلى ذلك فإن البنوك في جميع أنحاء العالم بدأت تتطلع إلى مراقبة تجربة جوهاشي بنك في ناجزاكي عن قرب، التي أطلق عليها اسم 'بايو جارد' أو الحارس البايلوجي، وبحلول نهاية العام المقبل فإن جميع البنوك الثلاثة الرئيسية في اليابان سوف تستخدم نوعاً من أشكال الأنظمة البايومترية، إذ أن بنك ميتسوى سوميتومو العملاق في مجال التمويل شرع مسبقاً في إعادة تغيير الأجهزة والمعدات في شبكته الخاصة بماكينات النقد بحيث تستوعب أجهزة قراءة الشعيرات الدموية بحلول نهاية العام· ومن جانبه فإن بنك ميزوهو يخطط لتركيب هذا النظام في يوليو عام ،2006 أما بنك طوكيو ميتسوبيشي فيعكف على إدخال نظام يقرأ كامل الكف·
وبرغم أن اليابان تتمتع بانخفاض نسبي في معدلات الجريمة إلا أن عمليات التحايل والتزوير ازدادت بحدة في السنوات الأخيرة وأدت المخاوف المتنامية من الجريمة بالاشتراك مع الشغف المتزايد بالأجهزة التكنولوجية إلى تحفيز الاستثمار المفاجئ في آخر ما يتم إنتاجه في مجال أنظمة السلامة والأمن· إلى ذلك فإن إدخال جهاز قاري الشعيرات الدموية سوف يجعل قيمة كل ماكينة للصرف الآلي تبلغ نحو 18,000 جنيه إسترليني·
وكشفت دراسة أجراها مؤخراً بنك اليابان أن إنفاق الصناعة المالية للدولة سوف تقفز إلى ملياري دولار خلال العام المقبل، بل إن مكتب البريد الياباني الذي تبلغ مدخراته 1,7 تريليون جنيه إسترليني سوف يعمد أيضا إلى تركيب قارئات الشعيرات الدموية في جميع أفرع شبكته المكثفة بحلول أكتوبر من العام المقبل، ولكن الباحثين التكنولوجيين في شركة هياتشي كانوا قد أعربوا عن مخاوفهم من فكرة إمكانية أن يقوم أحد المتحايلين بعد أن يسرق بطاقة مالية لأن يتعامل مع الجهاز بإصبع مقطوع، لذا فإن المهندسين عمدوا إلى تركيب التكنولوجيا بحيث لا تتعامل مع الإصبع المبتور لأن النظام لن يعمل إلا مع الشعيرات الدموية التي تتمتع بدماء حارة يجري ضخها عبر الإصبع، أما الاتحاد التجاري البريطاني 'اياكس' المعني بالتكنولوجيات الجديدة في مجال الدفع والأنظمة المضادة للتزوير والتحايل فقد ذكرت بأنها تراقب التجربة اليابانية الخاصة بقراءة الشعيرات الدموية بشكل لصيق لكنها مازالت تعتقد بأن تطبيق التجربة في بريطانيا 'ربما يحتاج إلى عشر سنوات أخرى'·