السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«الاتحاد» تكشف أسرار عملية تسليم «رأس الأفعى»

«الاتحاد» تكشف أسرار عملية تسليم «رأس الأفعى»
30 مايو 2019 05:28

أحمد عاطف (القاهرة)، حسن الورفلي (بنغازي)

قالت مصادر ليبية مسؤولة لـ«الاتحاد»: إن عملية تسليم الجيش الليبي للإرهابي المصري هشام عشماوي إلى المخابرات المصرية جاءت بعد مشاورات دامت لأسابيع بين الجانبين لتسليم الإرهابيين المصريين المطلوبين للقضاء المصري. وأكدت المصادر الليبية أن الجيش الوطني الليبي أجرى تحقيقات موسعة مع الإرهابي هشام عشماوي ساعدت في ملاحقة عناصر إرهابية في شرق ليبيا، والتوصل للعناصر المتطرفة والخلايا العنقودية التي شكلتها الجماعات المتشددة في الأراضي الليبية. وأشارت المصادر إلى أن الجانب الليبي سلم السلطات المصرية نص التحقيقات التي جرت بوساطة الجيش الليبي مع عشماوي منذ أكتوبر الماضي، لافتاً إلى أن الإرهابي كشف عن مسار دخول المتطرفين من ليبيا إلى مصر والدول الداعمة للتنظيمات المتطرفة والكيانات والأفراد الذين أشرفوا على نقل التمويل المالي واللوجيستي للمتطرفين في مدينتي درنة وبنغازي.
وكشفت المصادر الليبية عن موافقة القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، خلال زيارته الأخيرة لمصر ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي على تسليم الإرهابيين المصريين المطلوبين للعدالة ومنهم هشام عشماوي، وهو الاجتماع الذي على إثره تم تحديد موعد تسليم الإرهابي المصري بوساطة الجانب المصري. وقال مصدر مسؤول في مكتب القائد العام للجيش الليبي لـ«الاتحاد»: إن اجتماع اللواء عباس كامل مع المشير خليفة حفتر شمل التشاور حول جهود مكافحة الإرهاب الذي هدد أمن واستقرار دول الجوار الليبي. وأكد المصدر - رفض الإفصاح عن هويته - أنه تم تنفيذ الاتفاق بين الجانبين المصري والليبي بتسليم الإرهابيين المصريين لدى الجيش الليبي للاستفادة من التحقيقات معهم في معرفة الجماعات والتشكيلات الإجرامية السرية التي شكلها عشماوي داخل مصر.
وبحسب مصادر رفيعة المستوى في مصر وليبيا، فإن عملية تسليم الإرهابي المصري هشام عشماوي وحارسه صفوت زيدان والإرهابي بهاء علي أبو المعاطي تمت في سرية تامة للغاية، عبر ناقلة عسكرية من طراز C-130H-30 في مطار القاهرة سبقتها طائرة الوزير عباس كامل، مدير المخابرات العامة.
وقالت المصادر لـ«الاتحاد»: إن عملية تأمين التسليم والعودة تمت بجهود مشتركة من القوات الجوية والقوات الخاصة والمخابرات العامة. وذكرت مصادر مطلعة لـ«الاتحاد» أن الطائرة الحربية التي أقلت عشماوي هبطت قرب صالة 4 بمطار القاهرة الدولي المخصصة للطائرات الخاصة، وليس بمطار عسكري، كونها عملية مخابراتية وليست عسكرية. وفرضت السلطات المصرية حالة من السرية التامة، حيث تلقى موظفو المطار تعليمات بأن وفداً إعلامياً مصرياً سيقوم بتغطية حدث مهم دون الكشف عن تفاصيله حتى نزول الإرهابيين من الطائرة بعد ساعة ونصف من وصول طائرة الوزير عباس كامل، وتلتها الطائرة الحربية بعد دقائق وعليها مجموعة من رجال القوات الخاصة GIS وهي اختصار لـ (General Intelligence Services GIS)، وهي عناصر قوات خاصة تابعة للمخابرات العامة المصرية، وتظهر للمرة الأولى. وأضافت المصادر أن ظهور عشماوي ومن معه معصوبين الأعين، إضافةً إلى وضع سماعات على أذانهم وتم تقييد أياديهم داخل الطائرة الحربية، كإجراء احترازي للمجرمين والإرهابيين الخطرين كي لا يسمع أي كلمات تتردد بين قوات التأمين وتشويشه عما يحدث فيما يجري حوله.
وكشفت مصادر ليبية مطلعة عن أن سبب تأجيل عملية تسليم الإرهابي هشام عشماوي حتى الآن لنحو أكثر من 7 أشهر لمصر، هو أن التحقيقات معه بإحدى القواعد التابعة للجيش الوطني الليبي كشفت عن اعترافات بمعلومات مهمة وأدلة ملموسة للجماعات الإرهابية التي كان على علاقة بها، لافتةً إلى أن الاعترافات طالت كيانات وشخصيات أجنبية وعربية متورطة بدعم وتمويل تنظيمات إرهابية في المنطقة، وخاصةً في مصر وليبيا، وكذلك طالت الاعترافات شخصيات ليبية رفيعة المستوى، وتفاصيل تنقلاته بين عدة دول في المنطقة على رأسها السودان وليبيا ومصر ودول أخرى. وأوضحت المصادر الليبية لـ«الاتحاد» أنه ارتكب جرائم على أراضي الدولة الليبية وضد الأمن الليبي بالإضافة لاستغلاله لأراضيها لشن هجمات إرهابية على مصر وتخطيط هجمات على دول أخرى، وكان لابد من التحقيق معه ومحاكمته في ليبيا، لكن التنسيق بين القيادتين الليبية والمصرية انتهى إلى تسليمه لمحاكمته عسكرياً في مصر.
ونوهت المصادر إلى أنه تم إجراء الكشف الطبي عليه من قبل الأمن المصري قبل استلامه، كذلك بدلوا ملابسه بأخرى، قبل وصوله للقاهرة. وعلمت «الاتحاد» من مصادر طبية ليبية أن عشماوي كان مصاباً خلال مواجهته مع الجيش المصري في سيناء، نتيجة إطلاق نيران من رشاش متعدد الأغراض، وأن عملية فحص جسد عشماوي إثر القبض عليه، أظهرت وجود إصابة في قدمه اليسرى، تطلبت إجراءه عملية جراحية وتركيب شريحة بلاتين، لكن لم يتم التعرف على ما إذا كانت العملية الجراحية التي خضع لها عشماوي قد أُجريت بمصر، أو دولة أخرى. وذكرت المصادر الطبية أن الجراحة - كما أظهرها الفحص- لم تتم بمكان به تجهيزات متطورة، ويبدو أنها تمت داخل مكان صغير، ربما عيادة، لأنها لم تكن ناجحة، حيث إن طبيعة الإصابة التي تعرض لها الإرهابي عشماوي، كانت تتطلب زراعة عظام، غير أن من أجراها اكتفى بتركيب شريحة البلاتين لتثبيت القدم المكسورة، مما يعكس صِغر مكان إجراء الجراحة، وهو الأمر الذي أثر على حركته.
ويقول اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني، نائب رئيس جهاز أمن الدولة المصري الأسبق، وعضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، إن الإرهابي هشام عشماوي يمثل كنز معلومات بالنسبة للأجهزة الأمنية المصرية، لما يحتله من موقع هام داخل التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تستهدف مصر، موضحاً أن خطورة «عشماوي» تكمن في أنه كان ضابطًا في القوات المسلحة المصرية، فضلاً عن تمرسه في القيام بأعمال إرهابية لسنوات عدة في أكثر من بلد.
وذكر علام لـ«الاتحاد» أن عشماوي تنقل بين مصر وسوريا وليبيا، كما انضم إلى تنظيم القاعدة، وأسس تنظيماً إرهابياً خاصاً به، فضلاً عن إشرافه على العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت مدنيين وعسكريين، ما يكشف حجم الأهمية البالغة التي يمثلها القبض عليه، حيث يمثل الأمر ضربة قاصمة للإرهاب. وعلى الرغم من مساهمة القبض على هشام عشماوي في تحجيم العمليات الإرهابية في مصر، إلا أن علام حذر من قيام العناصر التابعة له بأعمال انتقامية في مصر، كدليل على أنهم ما زالوا متواجدين على الساحة، وأن القبض عليه لم يقض عليهم، لافتًا إلى أنه يتمتع بقواعد قد تسعى إلى القيام بمثل هذه الجرائم.
وتمكنت قوات الجيش الوطني الليبي من اعتقال الإرهابي هشام عشماوي في حي المغار بمدينة درنة يوم 8 أكتوبر الماضي، وذلك بعد عملية نوعية نفذتها قوات الجيش الليبي، أسفرت عن اعتقال أخطر القيادات في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب. وعشماوي ضابط صاعقة مفصول من الخدمة بالقوات المسلحة، وكانت شهرته الإرهابية «أبو عمر المهاجر» وكان أميراً لجماعة تدعى «المرابطين» التابعة لتنظيم القاعدة، كما كان المسؤول العسكري في مجلس شورى ثوار درنه الإرهابي، والمسؤول عن التخطيط والمشاركة والتنفيذ في عملية الفرافرة، وقائد التنظيم المسؤول عن عملية الواحات وكان ذراعه اليمين هو «الشيخ حاتم» وهو ضابط الصاعقة المصري المفصول من الخدمة يدعى عماد الدين عبدالحميد، والذي قُتل أثناء عملية تمشيط لمنطقة الواحات. وتتخطى جرائم عشماوي نحو 54 عملية إرهابية، أبرزها محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم، واستهداف الكتيبة 101 حرس حدود، واستهداف «كمين الفرافرة» الذي أسفر عن استشهاد 28 ضابطاً ومجنداً، والمشاركة في عملية الهجوم على كمين كرم القواديس قبل انشقاقه عن تنظيم أنصار بيت المقدس المعروف، كذلك تورطه في موقعة عرب شركس، حيث استهدف قوات الأمن في عرب شركس بالقليوبية واشتبك معهم، وهو المتهم التاسع بأمر إحالة المتهمين في قضية أنصار بيت المقدس. ويواجه عشماوي أيضاً مع 212 آخرين اتهامات بارتكاب 54 عملية إرهابية، منها تفجير مديريتي أمن القاهرة والدقهلية واستهداف مقرات أمنية وعسكرية، كما أن المحاكم العسكرية أصدرت أحكاماً غيابية بالإعدام بحقه.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد ذكر اسم عشماوي خلال كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة، بعد القبض عليه في أكتوبر2018، وقارنه بالشهيد أحمد منسي، قائلاً: «على الرغم من أنهما بدآ حياتهما ضابطين في الجيش، إلا أن أحدهما تشوش أو ربما خان، والثاني استمر على العهد والفهم، ده قدم حياته ونصفق له ونبصله ونملي عنينا منه، والتاني عايزينه علشان نحاسبه». في السياق ذاته، علمت «الاتحاد» أن الفترة المقبلة ستشهد تسلم القاهرة لشخصيات إرهابية وقيادات تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، مدرجة بقوائم الإرهاب، ومحكوم عليها غيابياً من السودان تم ضبطهم والتحقيق معهم، وسيتم تسليمهم لاحقاً بعد التنسيق الذي تم على أعلى مستوى بين البلدين، خلال استضافة رئيس المجلس الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان في القاهرة الأسبوع الماضي.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©