أقبل شهر رمضان بنفحاته وفوائده وفضائله·· أقبل بأنفاسه العطرة وثغره الباسم ووجه المشرق·· أقبل وهو ينادي: يا باغي الخير أقبل·· ويا باغي الشر أقصر·
فيا له من شهر عظيم، وموسم كريم، وتجارة رابحة لن تبور·· فيا أيها المقصر هذا الشهر فرصة للتوبة والإنابة والرجوع الى الله عز وجل· فمن أراد الله به خيراً حبب إليه الإيمان، وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، فصار من الراشدين· ومن أراد الله به شراً خلا بينه وبين نفسه، فأتبعه الشيطان وحبب إليه الكفر والفسوق والعصيان، فكان من الغاوين· والصيام له الكثير من الحكم الجلية، والفوائد العظيمة، فالصيام عبادة يتقرب بها العبد الى ربه بترك شهواته ولذاته التي يقبل المرء عليها من طعام وشراب ونكاح، ليتقرب الى ربه، فينال الأجر العظيم على ذلك، وهو أيضاً ضبط النفس والسيطرة عليها والأخذ بزمامها، فالصائم مأمور بتقوى الله واجتناب نواهيه، فمن ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ولذلك كان الصيام سبباً للتقوى·
ومن حكم الصيام: ان الغني يعرف قدر نعمة الله عليه، فيتقي ربه، ويتذكر أخاه الفقير فيتصدق عليه، مما يؤدي الى تقوية الروابط في المجتمع، والحد من انتشار الجريمة التي تنتج عن الفقر في كثير من الأحيان·
أيضاً فالصيام يعود الإنسان على الصبر والتحمل والجلد ويرقق القلب ويلينه لذكر الله ويقطع عنه الشواغل·
وقد يحدث في قلب العبد محبة للطاعات، وبغض للمعاصي بصفة مستمرة، ويخفف من حدة الشهوات· ومن فوائد الصيام اعتياد النظام ودقة المواعيد، مما يعالج فوضى الكثيرين لو عقلوا·
أما عن الفوائد الصحية التي يجنيها الصائم من الصيام، فتقليل الطعام يريح الجهاز الهضمي لفترة معينة· إذاً فالصيام منهج رائع، فهو يقوي الإرادة وينشئ الأخلاق الرفيعة ويحقق الاطمئنان النفسي، وهو مظهر عظيم من مظاهر قوة المسلمين وشدة بأسهم، وقد خص الله الصيام بإضافته الى نفسه دون سائر الأعمال، فقال: 'إلا الصيام فإنه لي'· وقد ذكر في ذلك وجهين أولهما: ان الصيام هو ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جلبت على الميل لله عز وجل ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام·
ثانيهما: ان الصيام سر بين العبد وربه، لا يطلع عليه غيره، لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله·
أحمد منصور الشحات
أبوظبي
عدد اليوم
