يُطلق على الغاز الطبيعي لقب 'الوقود النظيف للمستقبل'، ومهما تباينت التوقعات فلا شك في انه سيكون الوقود المرتبط بالتنمية في المستقبل المنظور تماما مثلما ارتبط النفط بالتنمية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية· ورغم أن العالم كان ينتج كميات كبيرة من الغاز، فإن معظمها لم يكن يستغل تجارياً، إذ كان يتم إحراقه بسبب عدم وجود سوق اقتصادية له· وهكذا ظل وهج الغاز المنبعث من الحقول يضئ ظلام الليل لسنوات طويلة منذ عام ·1945 ولم تتغير نظرة العالم إلى الغاز إلا في بداية السبعينيات بسبب ارتفاع أسعار النفط· ولم يبدأ تغلغل الغاز الطبيعي في الأسواق إلا عام ،1979 واليوم تؤكد كل التقديرات الدولية أن الغاز الطبيعي سيسجل أعلى معدل نمو بين كل مصادر الطاقة، وسط توقعات بأن يرتفع استهلاكه بنسبة 70 % من 92 تريليون قدم مكعب عام 2002 إلى 156 تريليون مكعب عام 2025 أي بمعدل 2,3 % سنويا مقارنة مع 1,9 % لقطاع النفط و2 % للفحم، لتزيد حصته في مصادر الطاقة إلى 25 % من 23 %، ويصبح المصدر الثاني للطاقة عالمياً متقدماً على الفحم·
ويرى أنصار الغاز انه سيتحول من النطاق المحلي والإقليمي إلى الدولي خلال المستقبل المنظور بفضل الطلب القوي في كل دول العالم بما في ذلك ارتفاع حجم تجارته ثلاث مرات بحلول عام ،2015 بفضل اكتشاف احتياطيات ضخمة مثبتة وتشجيع جماعات البيئة له على أساس انه مصدر لا يسبب تلوث البيئة· ويساعد على هذا التحول الكبير، تطور تقنيات استخراجه وتسييله وتراجع تكاليف استغلاله اقتصادياً· فقد تقلصت النفقات الرأسمالية من أكثر من 100 ألف دولار لكل برميل في الطاقة الإنتاجية للمشروع إلى حوالي 25 ألف دولار اليوم بل أن شركة 'رويال دتش شل' تتوقع أن تقل التكلفة مستقبلاً إلى 20 الف دولار·
وسيلتهم قطاع الكهرباء 51 % من إجمالي النمو العالمي على الغاز الطبيعي بسبب صورته الذهنية كبديل مفضل لتوليد الطاقة الكهربائية في كثير من دول العالم في ضوء كفاءة استخدامه مقارنة مع باقي مصادر الطاقة إضافة إلى انه من أنظف أنواع المواد الهيدروكربونية، كما يعد مصدراً مهماً للقطاع الصناعي الذي سيستحوذ على 36 % من إجمالي الطلب العالمي خلال الفترة من 2002 إلى ·2025
؟ ومن المتوقع أن يرتفع استهلاك الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط إلى المثلين بين عامي 2002 و2025 وستزيد حصة الغاز في إجمالي استهلاك المنطقة من الطاقة من 39% عام 2002 إلى 45% عام 2025 وذلك على حساب النفط الذي ستتراجع حصته من 53 % إلى 48 % لكن الأخير سيظل مصدر الطاقة الرئيسي· ومن المتوقع أن يحتفظ الغاز الطبيعي بهيمنته على قطاع الكهرباء في المنطقة بمعدل نمو يبلغ 1,9% سنوياً كما سيرتفع طلب قطاع الصناعات على الغاز بنسبة 0,4% سنوياً تزيد نسبة اعتماده على هذا المصدر إلى 59% عام 2025 من 46 % حالياً وبهذا سيلتهم القطاع الصناعي أكثر من 66% من إجمالي الزيادة المتوقعة على الغاز في المنطقة· ويتراجع الاعتماد على النفط من 41% إلى ما دون 30% عام ·2025 ورغم حالة عدم الاستقرار في بعض دول المنطقة فإن هناك خططا لضخ استثمارات طائلة في العديد من الدول العربية مثل مصر وليبيا والجزائر في حين تعتزم قطر تشييد أكبر محطتين لتسييل الغاز الطبيعي في العالم بطاقة إنتاجية قدرها 7,8 مليون طن متري سنوياً·
؟ وستكون الدول الانتقالية والنمور الآسيوية الأكثر إقبالاً على استخدام الغاز الطبيعي حيث يتوقع أن يرتفع استخدامه في دول شرق أوروبا والجمهوريات السوفيتية السابقة بنسبة 63 % مقابل 300 % تقريباً في الأسواق الآسيوية الناشئة· وفي الدول المتقدمة التي شهدت بالفعل قفزات كبيرة في استخدام الغاز الطبيعي، فمن المتوقع أن ينمو طلبها بمعدل متواضع 'نسبياً ' قدره 1,6 % سنوياً·
وعلى صعيد الإنتاج، يتوقع أن تشهد الدول الناشئة أعلى معدل نمو بزيادة 4,1 % سنوياً مقابل 2,3% في الاقتصاديات الانتقالية و0,6% فقط في الدول المتقدمة·
؟ وهناك ملاحظة جديرة بالانتباه بشأن استراتيجيات الغرب في التعامل مع هذا المصدر من الطاقة، فقد قدمت الدول المتقدمة 42 % من إجمالي الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي والتهمت 50% من إجمالي الاستهلاك العالمي في عام ·2002 لكن التوقعات تفيد أن معدل الإنتاج سيتراجع إلى 29 % فقط في عام 2025 وعندها ستعتمد الدول المتقدمة على العالم في إمدادها بنحو ثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي مقارنة مع 15 % حالياً· وبينما تعتمد دول أميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) حالياً على نفسها لتلبية تقريباً كل احتياجاتها من الغاز الطبيعي فإنها ستكون بحاجة لاستيراد 5,7 تريليون قدم مكعب بحلول 2015 والى ثمانية تريليونات قدم مكعب في ·2015
وسيرتفع إقبال أوروبا الغربية على الغاز الطبيعي بمعدل 1,8 % ليقفز من 15 تريليون قدم مكعب عام 2002 إلى 22,4 تريليون عام ·2025 وسيتم استخدام أكثر من 60 % من هذه الزيادة لتلبية احتياجات مشاريع توليد الكهرباء· وباستثناء النرويج، سيتراجع إنتاج أوروبا الغربية من الغاز، ليرتفع اعتماد المنطقة على الغاز المستورد لتلبية أكثر من 40 % تقريباً من احتياجاتها بحلول عام 2015 و50 % عام ·2025 وهذا التناقص في معدلات الإنتاج في الغرب رغم تزايد اعتماده على الغاز يكشف عن استراتيجية جديدة تقضي بالاعتماد على دول الشرق في إمداده باحتياجاته من هذا المصدر·
ويرى خبراء أن تزايد الطلب على الغاز في أوروبا الغربية واليابان (1,5%) والصين ( 7,8 %) والهند (5,1 %) وغيرها من الأسواق الآسيوية الواعدة، يقدم فرصة ذهبية لدول الشرق الأوسط لزيادة مواردها من المواد الخام· وهم يتوقعون أن تعمد الدول المصدرة للنفط لزيادة اعتمادها على الغاز الطبيعي وتطوير مشروعات للاستفادة منه اقتصادياً، وتتقدم قطر هذا الاتجاه التي تسعى لرفع إجمالي صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى 77 مليون طن متري سنوياً·
وتتزايد التقديرات الدولية لإجمالي الاحتياطيات المثبتة من الغاز الطبيعي بأطراد منذ منتصف السبعينيات، وتقول مجلة 'أويل اند جاز جورنال' إن هذه الاحتياطيات بلغت بحلول الأول من يناير ،2005 حوالي 6040 تريليون قدم مكعب منها 1680 تريليوناً (27,8 %) في روسيا و940 تريليوناً (15,6 %) في إيران و910 تريليونات (15,1) في قطر و235 تريليوناً (3,9 %) في السعودية و212 تريليوناً (3,5) في الإمارات و110 تريليونات في العراق و57 تريليوناً في مصر· وهناك اكتشافات ضخمة خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط حيث رفعت السعودية تقديراتها لاحتياطياتها 4 تريليونات قدم مكعب، ورفعت ليبيا احتياطياتها بنحو 6 تريليونات قدم مكعب ·
ومن غير المتوقع أن تنضب احتياطيات الشرق الأوسط قبل 100 عام إذا واصل الإنتاج بمعدلاته الحالية· ورغم معدلات الاستهلاك المتزايدة، فإن التوقعات تؤكد أن الاحتياطيات الدولية تكفي لتلبية المطالب لمدة 66,7 عام· وهناك توقعات بوجود احتياطيات لم تكتشف حجمها 4301 تريليون قدم مكعب أي أكثر من مثلي الاستهلاك الدولي خلال الفترة بين عامي 2002 و·2025
الغاز الطبيعي