ملف من إعداد- أيمن جمعة:
ينتفض العالم كلما صدر تحذير بشأن مستقبل أسواق الطاقة، وهو محق في ذلك، فالطاقة وقود التنمية البشرية منذ فجر التاريخ، وهي العامل الرئيسي الذي يستند إليه الخبراء في رسم خططهم لآفاق وشكل النمو الاقتصادي على الصعيدين المحلي والدولي·
ومع الارتفاعات القياسية في أسعار مصادر الطاقة، بدأ الحديث يتزايد ،على استحياء أحيانا وبقوة أحيانا أخرى، عن حقائق وملفات مرعبة كان العالم يتفادى التطرق إليها لأنها تحتوي على أسئلة لا يستطيع أحد تقديم إجابة شافية لها· ومن أبسط هذه الأسئلة، كيف يمكن توفير مصادر بديلة للطاقة وتحسين قدرة المصادر الحالية لمواجهة تنامي الطلب الدولي المتوقع أن يرتفع بمعدل 2 % سنويا خلال الفترة المقبلة، بما يعني أن استهلاك العالم سيرتفع بنسبة 57 % عن مستوياته الحالية بحلول عام ·2025 والعالم مشغول هذه الأيام بتطوير تقنيات لتحسين استخدام الطاقة وتقليل الهدر فيها، ما دفع وكالة الطاقة الدولية للمطالبة بإنفاق 16 تريليون دولار على هذه المشاريع خلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين·
·· ويظل السؤال الأخطر، الذي يرفض العالم مواجهته بشجاعة، ذلك الذي انبثق من ثنايا تحذير صدر قبل عدة سنوات من أن النفط وهو الوقود الرئيسي لقطاعي الصناعة والنقل، الذي يلبي 39 % من احتياجات العالم من الطاقة، سيبدأ رحلة النضوب الطبيعي تدريجيا بعد عام ··2030!
وإذا كان البعض يتوقع ازدهارا غير مسبوق لوقود المستقبل النظيف، ونقصد بذلك الغاز الطبيعي على أساس انه سيكون الوقود المرتبط بالتنمية في المستقبل المنظور تماما مثلما ارتبط النفط بالتنمية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فان الإحصائيات تؤكد أن احتياطيات هذا الوقود قد لا تستمر بمعدلات الإنتاج الحالي سوى 100 عام أخرى·
وإذا أضفنا إلى هذا الرقم توقعات الأمم المتحدة التي تشير إلى نفاد احتياطيات النفط خلال 100 عام أيضا، فكيف نستعد لمثل هذا الوضع؟ حتى يومنا هذا فان الرد الوحيد الذي يمكن أن تستخلصه من أي خبير هو :' حقيقة·· لا أعرف'؟
الطلــب يــزداد 2,5 % في الشــرق الأوســـــــــــــــــط و3,5 % في آسيا و2,7 % في أفريقيا
من المتوقع أن يتزايد الطلب العالمي مستقبلا على كل مصادر الطاقة بلا استثناء، لكن الوقود الاحفوري (النفط والغاز الطبيعي والفحم) سيظل مصدر الطاقة الرئيسي لإمداد العالم بأغلب احتياجاته، وسيظل النفط في المقدمة خاصة في ضوء أهميته لقطاعي الصناعة والنقل· واستناداً إلى توقعات النمو الاقتصادي فإن الاستهلاك العالمي من الطاقة سيرتفع خلال الثلاثة والعشرين عاما المقبلة (من 2002 إلى 2025) بما متوسطه 2 % سنويا مقارنة مع 1,3 % بين عامي 1990 و،2002 و 2,2 % سنويا من 1970 إلى ·2002 وستلتهم الدول الناشئة الجانب الأكبر من هذه الزيادة، حيث من المتوقع أن يرتفع استهلاكها للطاقة بأكثر من الضعف بحلول عام 2025 ليتجاوز طلب الطاقة في المتقدمة بنسبة 9 %·
ومن المتوقع أن يظهر الجانب الأكبر من تزايد الطلب على الطاقة بين الاقتصاديات الآسيوية الناشئة وفي مقدمتها الصين والهند اللتان سيرتفع الطلب فيهما لأكثر من المثلين· وإجمالا فمن المتوقع أن ينمو طلب الاقتصاديات الناشئة بنسبة 3,2 % سنويا حتى عام ،2025 ومن بين هذه الأسواق، ستسجل آسيا أعلى معدل نمو وقدره 3,5 % مقارنة مع 2,5% في الشرق الأوسط و2,7 % في أفريقيا و2,3 % في أميركا الوسطى والجنوبية·
ومن المنتظر أن يكون نمو الطلب على الطاقة معتدلا نسبيا في الدول المتقدمة (1,1% خلال العقدين القادمين) بفضل تزايد الاعتماد على أنظمة متقدمة لتقليل الهدر في استهلاك الطاقة، والتحول من الصناعات التي تعتمد بقوة على الطاقة إلى صناعة الخدمات· ورغم توقعات النمو القوية في الاقتصاديات الانتقالية، التي تتحول نحو اقتصاد السوق وهي دول أوروبا الشرقية والجمهوريات السوفيتية السابقة وروسيا، فإنها ستسجل معدل نمو معتدل بنسبة 1,6 % سنويا بسبب تحسن البنى الأساسية· ومن أفضل طرق استشراف مستقبل الطاقة، دراسة أوضاع مختلف قطاعات الاقتصاد ودرجة اعتمادها على مصادر الطاقة· ويتوقع الخبراء أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3,9 % سنويا خلال الفترة من 2002 و2025 على أن تنمو الدول المتقدمة بمعدل 2,5 % والاقتصاديات الانتقالية بنسبة 4,4 % والدول الناشئة بنسبة 5,1 %· ويتحرك هذا النمو مدعوما باتجاهات الإنتاجية في مختلف قطاعات الاقتصاد، ونظرا لتباين مصادر الطاقة التي يعتمد عليها كل قطاع فإن تقديرات نمو الطلب على الطاقة يعتمد إلى حد كبير على تقدير حجم التوسع في كل قطاع اقتصادي·
مستقبل الطاقة
وباستثناء قطاع النقل الذي يعتمد بشكل شبه كامل حالياً على مشتقات النفط، فإن معدل استخدام الطاقة في باقي القطاعات سواء السكنية أو التجارية أو الصناعية يتفاوت من دول إلى أخرى وذلك استناداً إلى عدة عوامل إقليمية مثل درجة توفر مصادر الطاقة ومستوى التطور الاقتصادي والأوضاع السياسية والاجتماعية والسكانية ·
وعلى المستوى الدولي، من المتوقع أن يسجل قطاعا النقل والصناعة أعلى نمو في الطلب على الطاقة بمعدل 2,1 % سنويا، وتقل النسبة في القطاعين التجاري والسكني إلى 1,5 و1,9 % على الترتيب· وفي الدول المتقدمة حيث ينمو السكان بمعدل ضعيف وأحيانا سلبي، فمن المتوقع أن يكون معدل نمو استخدام القطاع التجاري للطاقة الأعلى (1,3 % سنويا) بسبب توقعات بزيادة سريعة في استخدام تقنيات الاتصالات الجديدة ومعدات المكاتب مع استمرار تحول هذه الدول إلى اقتصاديات الخدمات ·
وفي الاقتصاديات الانتقالية، من المتوقع أن ينمو الطلب على الطاقة في قطاعي الصناعة والنقل بمعدل 1,6 % سنويا بين عامي 2002 و،2025 وأن يتراجع الإقبال على الطلب في القطاعين التجاري والسكني بسبب معدل الزيادة السكنية البطيء أو السلبي إضافة إلى التطورات في تحسين كفاءة استخدام الطاقة ·
وعلى النقيض من ذلك فإن الدول النامية ستشهد إقبالا قويا على الطاقة في كل القطاعات وبمعدلات تتراوح بين 3,1 % في القطاع السكني إلى 3,6 % في القطاعين التجاري والنقل· وتعكس معدلات النمو المتزايدة، التوقعات السائدة على نطاق واسع بأن تحقق هذه الدول نموا اقتصاديا سريعا نسبيا ومعدلات مرتفعة في الزيادة السكنية ·
الاستهلاك المنزلي·· متباين
وفي لمحة مفصلة عن مستقبل الطاقة في كل قطاع، نستعرض أولاً القطاع السكني، الذي نقصد بالاستهلاك فيه ما يستخدمه الناس من مصادر طاقة في منازلهم، ولا يشمل هذا وقود السيارات ووسائل النقل· والعامل الرئيسي هنا هو حجم المنزل، فالمنازل الكبيرة التي تنم عن مستوى معيشة مرتفع تحتاج قدرا كبيرا من الطاقة لتوفير احتياجات السكان من أجهزة التبريد والإضاءة، وعادة ما تضم عددا كبيرا من الأجهزة الكهربائية، والعكس صحيح·
ومن المتوقع في أغلب دول العالم أن يتواصل نمو هذا القطاع، لكن يختلف نوع وحجم الطاقة المستخدمة في المنازل من دولة لأخرى، استنادا إلى مستوى المعيشة والمصادر الطبيعية وتوفر البنية الأساسية للطاقة ·
؟ وبصفة عامة فإن المنازل في الدول المتقدمة تستخدم طاقة أكبر من مثيلاتها في الدول الانتقالية والناشئة لأسباب منها أنها عادة ما تضم عددا كبيرا من الأجهزة الكهربائية، ويكون مستوى الدخل مرتفعاً· وعلى سبيل المثال فمن المتوقع أن ينمو استخدام القطاع السكني للطاقة في المكسيك إلى الضعف تقريباً خلال الفترة من 2002 إلى ،2015 وسيكون تزايد استخدام الأجهزة الكهربائية، المسؤول الأول عن هذه القفزة· وفي أميركا، أكبر مستهلك للطاقة في القطاع السكني، من المتوقع أن ينمو الاستهلاك بمتوسط 1,6 % سنويا·
أما في منطقة غرب أوروبا والاقتصاديات الآسيوية المتقدمة فمن غير المتوقع أن تطرأ زيادة كبيرة على استخدام الطاقة في القطاع السكني، وذلك لعدة أسباب أهمها أن زيادة استهلاك الكهرباء يعادلها تراجع في استخدام الوقود الاحفوري في المنازل إضافة إلى أن سكان هذه المناطق من المتوقع ان يزيدوا بمعدلات تقل عن 1 % سنويا·
؟ وفي الاقتصاديات الانتقالية، يتوقع مع تحول هذه الدول إلى اقتصاديات السوق، أن تشهد توسعا في استخدام الأجهزة والخدمات المستهلكة للطاقة، ولذا فمن المتوقع أن يتضاعف استهلاك الطاقة في المنازل خلال الفترة من 2002 إلى ،2025 وان يرتفع استهلاك الغاز الطبيعي في هذا القطاع بمتوسط 1,2 % سنوياً·
؟ أما في الاقتصاديات الناشئة، فمن المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة للأغراض المنزلية بمعدل أسرع في الدول الناشئة مثل الهند والصين بسبب النمو السكاني والتطور الحضري· وهناك تقديرات بأن يقفز الطلب على الكهرباء في الصين ليصل في 2025 إلى أكثر من ثلاثة أمثاله عام 2002 وذلك في ضوء نمو اقتصادي بمعدل 6 % سنويا· ومع هذه القفزات ينتظر أن يقفز استهلاك هذه الاقتصاديات للطاقة في المنازل ليتساوى مع الدول المتقدمة في عام ·2025
القطاع التجاري
وفيما يتعلق باستهلاك الطاقة في القطاع التجاري، نجد أنه يستهلك الجانب الأكبر من طاقته في المباني أو المنشآت التي تقدم خدمات مثل التدفئة والتبريد والإنارة ·
ويشار إلى هذا القطاع على انه قطاع الخدمات أو الخدمات والمؤسسات، ويضم الشركات والمؤسسات والمنظمات التي تقدم خدمات، ويسيطر على نماذج واسعة من المباني ونطاق عريض من الأنشطة والخدمات المتعلقة بالطاقة· ويشمل هذا القطاع، المدارس والمتاجر والمطاعم والفنادق والمستشفيات والمتاحف والمكاتب الحكومية والمصارف وصولا إلى الملاعب الرياضية ·
ويضاف لاستهلاك هذا القطاع، الطاقة المستخدمة لخدمات بعيدة عن المباني والمنشآت مثل أنوار إشارات المرور· وعادة ما يدفع النمو الاقتصادي والسكاني لتوسع القطاع التجاري وزيادة استهلاكه للطاقة لتلبية الاحتياجات المتزايدة· فالحاجة للخدمات تتزايد مع تزايد عدد السكان، وتلبية هذه الاحتياجات يتوقف على توفر الموارد الاقتصادية وشكل النمو الاقتصادي ·
؟ ومن المتوقع أن ينمو طلب القطاع التجاري في الدول المتقدمة على الطاقة بمعدل معتدل قدره 1,9 % سنويا بين عامي 2002 و2025 وذلك بفضل استمرار تراجع معدلات الزيادة السكنية في هذه الدول، والتقدم التقني الذي يقلل الهدر في مصادر الطاقة إلى أدنى حد ممكن· ويساهم في زيادة الطلب، التوسع الاقتصادي الذي يعزز النمو في القطاع التجاري بما في ذلك مبيعات التجزئة والجملة وأعمال الشركات والخدمات المالية والترفيهية· ومن المتوقع أن تستمر عمليات إحلال الغاز الطبيعي محل المشتقات النفطية والفحم خاصة في أوروبا الغربية واليابان·
؟ أما في الدول الانتقالية، فيتوقع أن تتراجع معدلات الزيادة السكانية خلال الفترة حتى ،2025 ومع ذلك ستؤدي زيادة الأنشطة التجارية وارتفاع الدخول إلى زيادة استهلاك القطاع التجاري من الطاقة بنسبة 1,1 % سنوياً· ويقود الغاز الطبيعي هذا النمو مع ارتفاع حصته بأكثر من 50 % مقارنة مع 2% للكهرباء·
؟ ويختلف الأمر في الاقتصادات الناشئة، إذ يتوقع الخبراء زيادة في عدد السكان، ونمواً تجارياً واقتصادياً كبيرين في هذه الدول، ما سيشعل الطلب على الخدمات ومن ثم تزيد احتياجاتها من الطاقة· ومن المتوقع ارتفاع طلب القطاع التجاري على الطاقة بنسبة 3,6 % ليقفز إلى حوالي الضعف تقريباً عام ،2025 وسيشمل الصعود كل مصادر الطاقة كون الغاز الطبيعي سيكون الفائز الأكبر·
الصناعة تلتهم الموارد
وفي القطاع الصناعي، يلاحظ أنه يلتهم الطاقة عبر مجموعة متنوعة من الصناعات، ونطاق واسع من الأنشطة المتعلقة بها· وبوجه عام فإن الطلب العام على الطاقة في هذا القطاع يتفاوت من منطقة لأخرى، ودولة لأخرى، باختلاف عوامل منها الأنشطة الاقتصادية والتطور التكنولوجي والسكان ·
ومن المتوقع ارتفاع استهلاك العالم من الطاقة في القطاع الصناعي بنسبة 2,1 % سنوياً من 2002 إلى ،2025 وأن تكون الزيادة عامة في كل الدول والمناطق، وللمفارقة فإن الدول المتقدمة ستشهد أقل نسبة نمو في استهلاك الطاقة في هذا القطاع (1 % سنوياً) مقارنة مع الدول الناشئة وفي مقدمتها الصين ودول منطقة الشرق الأوسط (3,3 % على الأقل)·
؟ وفي الدول المتقدمة، يذكر أن العقدين الماضيين شهدا تحولاً في استراتيجيات الصناعة الغربية· وعلى سبيل المثال ففي أميركا هناك تراجع مطرد في نصيب قطاع التصنيع في إجمالي الناتج المحلي، في حين ازداد نصيب الصناعات الخدمية بما في ذلك القطاع التجاري· أضف إلى ذلك انه حتى في قطاع التصنيع فإن حصة صغيرة من الإنتاج كان مصدرها الصناعات الثقيلة مثل الصلب التي تتطلب طاقة كبيرة· ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه، وأن يتسع ليشمل باقي الدول المتقدمة، فاليابان تقلص إنتاجها من الصناعات الثقيلة في ضوء توجه لسد الطلب من منتجات هذه الصناعات بالاستيراد من الصين ودول آسيوية أخرى·
؟ ومن المتوقع في الدول الانتقالية أن ينمو طلب قطاع الصناعة في هذه المجموعة على الطاقة بنسبة 1,6 % سنوياً ليسجل أدنى نمو في العالم، فقبل انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت دول هذه المجموعة تعاني من وطأة الإدارات المركزية القوية والمصادر الضخمة، ما أدى لظهور قواعد صناعية تهدر الكثير من الطاقة أثناء العمل· ومع التحول إلى الاقتصاد الحر واستبدال البنى القديمة بأخرى حديثة أكثر تطوراً، سيتراجع بشدة استهلاك هذه الدول للطاقة في مجال التصنيع· وتمتلك روسيا أكبر احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي ومن ثم من المتوقع أن يسد هذا المصدر 40 % من الطلب على الطاقة في قطاع التصنيع بالدول الانتقالية في شرق أوروبا ·
؟ وفي الدول الناشئة، تتوقع الاحصائيات أن تسجل الدول النامية أسرع معدل نمو في الطلب على الطاقة لسد حاجة القطاع الصناعي خاصة مع تحول الدول المتقدمة عن الصناعات الثقيلة إلى صناعة الخدمات· وتتوقع الإحصائيات نمواً في الطلب نسبته 3,9 % سنوياً حتى عام 2015 على أن يتراجع قليلاً إلى 2,4 % خلال السنوات العشر حتى ·2025
قطاع النقل
وتهيمن مشتقات النفط على تسيير قطاع النقل في كل بقاع العالم، وإذا لم تحدث ثورات تكنولوجية مثل إنتاج سيارات اقتصادية تعمل بالطاقة الهيدروجينية، فسيظل استخدام مصادر بديلة أمراً مستبعداً· ولذا يتوقع الخبراء نمواً في طلب قطاع النقل على مشتقات النفط بمعدل 2,1 % سنويا خلال الفترة من 2002 إلى ·2025 ومن المتوقع أن تسجل الاقتصاديات الآسيوية الناشئة اكبر معدل نمو على الطاقة في هذا القطاع، وستكون الصين هي المحرك الرئيسي لهذا النمو تليها الهند ثم الأسواق متوسطة الحجم مثل تايلاند واندونيسيا· ومع ارتفاع عدد السيارات في الصين بنسبة 20 % سنوياً، فإن استمرار هذا المنوال يعني أن معدل ملكية السيارات في الصين سيفوق نظيره في اميركا بحلول عام 2030
؟ وفي الدول المتقدمة، يلاحظ أن قطاع النقل متكامل الأبعاد إلى حد كبير في هذه الدول بفضل بنية أساسية قوية تشمل طرقاً سريعة، ومنشآت مطارات، وأنظمة للسكك الحديد· ومن المتوقع أن ينمو الطلب على الطاقة في قطاع النقل بالدول المتقدمة بمتوسط 1,2 % سنويا· وفي أميركا، أكبر مستخدم للطاقة في قطاع النقل بين الدول المتقدمة، يلتهم القطاع حوالي خمس إجمالي استهلاك البلاد من الطاقة· ومن المتوقع أن تستهلك أميركا 56 % من إجمالي طلب الدول المتقدمة على الطاقة في قطاع النقل بحلول عام ·2025
وتقول وزارة الطاقة الأميركية إن عوامل الاقتصاد الكلي وتزايد عدد السكان سيؤديان إلى زيادة الطلب على السيارات الأكبر حجماً وأكثر سعة في حجم الموتور، بيد أن التقنيات المتقدمة قد تتيح إنتاج سيارات بالمواصفات المطلوبة وتكون في نفس الوقت اقتصادية في استهلاك الوقود· ومن المتوقع أن يكون نمو الطلب في أوروبا الغربية أكثر بطئاً ليسجل 0,4% سنويا (من 2002 إلى 2025) لعوامل منها بطء الزيادة السكانية والضرائب المرتفعة على وقود السيارات والسياسات البيئية التي تدعو للحد من استخدام الوقود الاحفوري· ومن المتوقع أن يحتفظ قطاع النقل بحصته من إجمالي الطاقة الإجمالية المستخدمة في الدول المتقدمة (24 %) ·
ويحتفظ النفط بلقب المصدر الرئيسي للنقل في أوروبا الغربية حيث يزداد الطلب عليه بنسبة 0,3 % سنوياً· ويظل النقل هو القطاع الرئيسي لالتهام النفط في أوروبا الغربية· وسيكون قطاع الملاحة الجوية صاحب أكبر نمو في الطلب على الوقود في قطاع النقل بالمنطقة، وسيكون الإقبال على الديزل أقوى من البنزين لأن غالبية دول أوروبا الغربية من المتوقع أن تبقى ضرائب الديزل أقل من ضرائب البنزين ·
كما يرتفع استخدام الطاقة في النقل بنسبة 0,2 % سنوياً في اليابان بسبب ارتفاع متوسط عمر الشعب الياباني والضرائب المرتفعة على السيارات، فهناك تسع ضرائب على السيارات في خطوات تستهدف تقليص الصادرات النفطية وضمان موارد حكومية لمشاريع البنية الأساسية ·
؟ وفي الدول الانتقالية، من المتوقع أن ينمو طلب قطاع النقل في هذه الدول على الطاقة بمعدل 1,6 % سنويا مدعوما أساسا باتساع نطاق الملكية الخاصة للسيارات وتزايد دور عربات الشحن العملاقة في النقل ·
؟ وفي الأسواق الناشئة، ينمو استهلاك الطاقة في قطاع الطاقة بالدول الناشئة بنسبة 3,6 % سنويا لتسجل بذلك أعلى معدل على مستوى العالم، حيث تقفز حصتها من الطاقة الدولية المستخدمة في قطاع النقل من 31 % عام 2002 إلى 43 % في عام ·2025 وستكون الزيادة كلها على المشتقات النفطية· ويقود هذا النمو القوي، الصين بفضل النقل البري (هناك 7,5 مليون سيارة و6,4 مليون سيارة أجرة مقارنة مع 136 مليون سيارة و89,4 مليون سيارة أجرة في أميركا)، وانتعاش معدلات السياحة الداخلية خلال العقدين الماضيين· وتفيد الأرقام أن طلب قطاع النقل على الطاقة في الصين سينمو بنسبة 6 % وفي الهند بنسبة 4,7 % سنويا· أما في منطقة الشرق الأوسط، فالكثافة السكانية صغيرة نسبياً وهي ليست بالدول المستهلكة للطاقة بل مصدرة لها، ومع هذا فإن الزيادة السكانية السريعة من المتوقع أن تؤدي إلى زيادة في استخدام الطاقة في قطاع النقل· ورغم أن المنطقة حالياً من مستوردي خام البنزين فمن المتوقع أن يختفي هذا الوضع بحلول عام 2010 عندما تدخل توسعات مصافي التكرير حيز الخدمة·