أمر الإسلام بحسن الخلق ورتب عليه أجراً عظيما ومقاما كريماً وعليه التزم الصحابة والتابعون بالخلق الحميد والذوق الرفيع بل سطروا نماذج راقية فيما هو فوق الأخلاق من سمو المشاعر ودقة الأحاسيس وذوقيات قلما تجد لها مثيلاً في التاريخ ومضت الأيام حتى وصلت البشرية إلى حالة يرثى لها من سوء الخلق وانعدام الذوق إلا من رحم الله تعالى وقليل ما هم·
إن المستقرئ لحال البشرية في واقعنا المعاصر يرى سلوكيات أبعد ما تكون عن الذوق السليم ومن أهم الأسباب:
الأول: غياب القدوة
إن الجيل الذي يتقلب في مواقف ياتي في أغلبها قلة الذوق في القدوات سيكون أبعد ما يكون عن الخلق، هذا الجيل الضحية، كيف بعد هذا نطالبه بترجمة المعاني الذوقية ولم يتشربها بل لم تعرض عليه قط بل رأى عكسها تماماً، بدءاً من والد يتعاطى الدخان، ووالدة ترمي القمامة في الطرقات، ومدرس يتلفظ بقبيح القول وسيئ العبارة، وواعظ لا يلتفت إلى ذوقيات الدعاة في مظهره ولا في أسلوبه·
الثاني: سلبية المؤسسات الفاعلة في المجتمع
الأهلية منها والرسمية الإيجابية منها والسلبية، فانظر إلى بعض مطاراتنا ومدارسنا ودوائرنا سترى دورات المياه فيها مثالا تدعو إلى قضاء الحاجة واقفاً كاشفاً العورة، وبعض الوسائل الإعلامية تهون من تداول الكلمة النابية وتشعل الخيال الماجن ونزع قنابل مؤقتة·
ثالثاً: عدم تهذيب الطبائع:
إن التربية الإسلامية تقر أنصاف الناس بطبائع متفاوتة ولأسباب متعددة منها اختلاف البيئات، فالأعرابي غير القروي، غير البحري، غير المدني، ومنها اختلاف الأجواء فأهل البلاد الحارة غير أهل البلاد الباردة غير أهل البلاد الرطبة، ومنها اختلاف الأطعمة، فآكلو اللحوم غير آكلي الأسماك، غير آكلي الخنازير، ومنها اختلاف المهن، فطبائع السمّاك غير طبائع النجار غير طبائع الحجام، ومنها اختلاف الأعراف، لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: زتخيروا لنطفكم··س·
وفي النهاية إن الناس يتصفون بطبائع متفاوتة بعضها محمود والأخرمنها مذموم، المحمودة نؤكد عليها ونوجهها والمذمومة ندافعها ونسعى للقضاء عليها·
سلطان بشير خلف العبري
جزير دلما