حاوره ـ محمود الربيعي:
قدر السركال دائماً أنه عندما جاء رئيساً لاتحاد كرة القدم كان في داخله شعور جارف بالتحدي·
كان يردد بينه وبين نفسه أو مع من يحب أنه يريد أن يضع كرة الإمارات في الواجهة مرة أخرى·
منذ منتصف الثمانينات وحتى منتصف التسعينيات كانت الإمارات ملء الآذان والأسماع: ذهبت لكأس العالم 90 وضاع منها كأس الخليج ثلاث مرات: في البحرين 86 وفي السعودية 88 وفي أبوظبي 94 ثم ضاع منها اللقب الآسيوي الكبير عام (96) بضربات الجزاء·· وكانت في كل ذلك أقرب الى البطولة من الآخرين ولكن(!)
هاجس التحدي واستعادة تلك الفترة الذهبية كان ولا يزال الشغل الشاغل لهذا الرجل·
قدره أن فترة رئاسته تمازجت تماماً مع هاجسه وأصبح عنوانها بالفعل التحدي·
عن الشكل والمضمون أصبح مسئولاً·
الشكل يكمن في أنه أول إماراتي من بسطاء الناس يتحمل المسؤولية في أعقاب مرحلة طويلة تولى فيها شيوخنا الكرام المسؤولية·· ويا له من تحول (!)·
والمضمون يكمن في مرحلة فارقة وشديدة الحساسية تتحول فيها كرة الإمارات حالياً من الهواية الى الاحتراف·· ويا له من تحول!
وفوق كل هذه الأحمال الهائلة التي تنأى بحملها الجبال جاءت استضافتنا لدورة الخليج هي الأخرى في فترة ولايته وكأنها تضعه فوق أسنة الرماح·· فماذا أنت فاعل يا سيدي·· لقد اكتملت منظومة التحدي!
ولأننا نعيش في هذه الفترة أياماً يصعب معها التوصيف·· فمن قائل إنها فترة خصوبة ومن قائل إنه حمل كاذب·· وآخرون يقولون إننا نعيش الفوضى والتحايل والهروب وسطوة الأندية الغنية·· وفي ظل هذه الدوامة أشارت أصابع الاتهام الى اتحاد الكرة الذي لم يبادر بشيء·· بل كان أداة لردة الفعل·· ضاع في الطوشة·· من منطلق ان ما يحدث أكبر منه·· فالزمن هو زمن الأندية التي تملك·· هي التي تسيّر وتقود وتقرر·· وما على اتحاد الكرة سوى التنفيذ·· فمن لا يملك لا يحكم!
حملنا كل أوجاع المرحلة الدقيقة والفارقة وذهبنا الى السركال إذ ربما نجد عنده ما لا نعرفه·· إذ ربما نجد إجابة شافية تقول لنا أين نحن الآن والى أي طريق نحن سائرون؟
قلت له في البداية أين اتحاد الكرة مما يحدث·· هل من المنطق ألا تتحرك إلا عندما تحدث مشكلة·· ولو كان ذلك مقصوداً فهل ذلك يعني شيئاً آخر سوى أنك اتحاد ضعيف لا يملك المواجهة ولا يصنع المبادرة·· أين الخطط·· أين البرامج التي تعطي الشرعية لزمن احتراف موضوعي لا يصنعه هروب لاعب ولا يتحكم في مقدراته ناد بعينه أو حتى مجموعة من الأندية؟!
يقول السركال: سندخل في صلب الموضوع مباشرة دون مقدمات وأقصد بالموضوع موضوع الاحتراف·· فلو كان اتحاد الكرة قد أخذ المبادرة وقرر تشكيل لجنة من أجل الاحتراف·· هل تعرف ماذا كان سيحدث·· كانت كل الأندية الأعضاء ستأتي وتقول لك نحن موافقون وعليك إذن توفير الميزانية التي من شأنها أن تجعل هذا الاحتراف يرى النور·· ولو كان هذا السيناريو قد حدث لكانت الأندية معها كل الحق لأنك باختصار صاحب المبادرة·
هذا السيناريو غير واقعي بالمرة لأنني لا أملك موازنة أصرف من خلالها على الاحتراف·· وكان البديل الواقعي الذي لا مفر منه إزاء المتغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم حالياً أن تتحرك الأندية في اتجاه الموضوع نفسه وهو الاحتراف لكي ترتقي بمستوى فرقها في المقام الأول ولكي تحمي لاعبيها الهواة بتحرير عقود تربطهم بها بدلاً من أن يكونوا عرضة للانتقال الخارجي كما تسمح وتبيح لوائح الاتحاد الدولي·
الذي حدث بعد ذلك لأن اتحاد الكرة تعامل بواقعية حيث أن الأندية هي التي جاءت لك وقالت لك أرجوك يا اتحاد ضع لنا اللوائح المنظمة لهذا التطور الجديد·
يجب أن يكون معلوماً، وقلت هذا الكلام مراراً وتكراراً، قرار احتراف اللاعب ليس من مسؤولية اتحاد الكرة، بل هو قرار ثنائي بين النادي واللاعب·
اللاعب في الأساس هو الذي يقرر·· هو الذي يقول ببساطة لناديه أنا لا أريد أن أظل هاوياً·· أنا أريد أن أصبح لاعباً محترفاً·
دائماً نحن هكذا نخلط الأمور، فالفارق شاسع بين احتراف اللاعب مع ناديه وبين أن يتم تنظيم دوري للمحترفين·
تنظيم دوري للمحترفين مسؤولية مشتركة بين الاتحاد وأنديته·· هنا تكمن مسؤوليتنا وهي مسؤولية ضخمة نحن لسنا مهيأين لها الآن·· لكننا بالتأكيد سنقتحمها في المستقبل·
دورنا الآن باختصار هو تنظيم عملية الاحتراف من خلال وضع لائحة تعريفية تحدد المسميات الجديدة وتحدد أطر التعامل· هذا ما نسعى إليه حالياً·· فاتحاد الكرة استجاب للمستجدات الجديدة التي طرأت ويسارع الآن من أجل إيجاد آلية تخدم هذه المستجدات وتحمي كل أطرافها·
ونحن حالياً نحاول الاجتهاد الى أقصى درجة من أجل أن تكون هذه الآلية متوافقة ومتكاملة وتفي بكل الأغراض اللازمة من التحول من مرحلة الهواية الى مرحلة الاحتراف·
نحن لن نتسرع، بل ندرس تجارب الآخرين ونخاطب الفيفا ونسأل ونتحرى عن كل صغيرة وكبيرة حتى تكون الآلية مضبوطة ومتوافقة مع القواعد العامة التي ينطلق من خلالها الاتحاد الدولي·
وبمجرد أن تنتهي هذه اللائحة ستعرض على مجلس إدارة اتحاد كرة القدم لإقرارها ومن بعد ذلك ستعرض على الجمعية العمومية من أجل التصديق عليها لتصبح سارية المفعول·
هكذا نرى الخطوة الأولى·
أما الخطوة الثانية فستكون كما ذكرت لك تنظيم دوري للمحترفين وهو كما يعرف الجميع عمل ضخم وهائل لا يأتي بين يوم وليلة بل يحتاج الى سنوات·· وأنا لن أعطي تاريخاً محدداً·· لكن بالتأكيد لن نتقاعس عن عام 2009 وهو العام الذي حدده الاتحاد الآسيوي لتنظيم دوري المحترفين على مستوى القارة·
يجب أن يكون مدركاً أن دوري للمحترفين يحتاج الى عملية تجارية ضخمة، هو في مفهومه شركة أو شراكة ما بين الاتحاد والأندية·· ولكي ننظم دورياً للمحترفين نحن في حاجة الى دراسات ومستشارين وخبراء لأنه في مضمونه سيكون أشبه بترخيص تجاري أو بشركة استثمارية كبرى ما بين اتحاد الكرة والأندية المنضوية تحت لوائه·
أتصور أنه في خلال فترة زمنية سيتوفر لدينا (8) فرق تكون قد أبرمت عقوداً احترافية مع لاعبيها·· ومن الممكن أن تكون البداية بهذه الفرق·
مرة أخرى أقول دوري للمحترفين الآن لا نستطيع·· دعنا نر أولاً الى أي مدى ستصل بنا التجربة الجديدة·· دعنا نر كيف ستكون العلاقة ما بين الأندية واللاعبين·· دعنا نر ما سوف يطلبه الاتحاد الآسيوي مثلاً من معايير وشروط للدخول في منظومته الجديدة·· نعم نحن في مرحلة مهمة وهي مرحلة التحول ووضع الضوابط والآليات·· وعندما تنتهي هذه المرحلة ستكون الحاجة هي أم الاختراع·· هو ليس حلماً بعيد المنال، وفي نفس الوقت ليس مستحيلاً·· لكنه في حاجة لوقت ودراسة واستشارات ورؤوس أموال ومستشارين·
سألته وهل ستتم هذه المرحلة - وقتما ستحدث - بمعزل عن الحكومة؟!
قال السركال: بالعكس الحكومة ستكون معنا بنسبة 100%·
نحن لسنا بمعزل عن الحكومة·· نحن نعمل بخطط وأهداف الحكومة·· دائماً نحن جنباً الى جنب نتشاور ونحقق أهدافنا معاً·
نعم لابد وأن توافق الحكومة على إقامة دوري للمحترفين·· وأقولها من الآن ان الحكومة لابد وأن توفر دعماً لهذا المشروع الكبير وهذا الدعم حيوي وهام، ولا غنى عنه على الأقل في البدايات·