القاهرة - جميل حسن:
ليس كل ما يصوره المخرج تشاهده على الشاشة، فهناك عشرات المشاهد تلتقطها عدسة الكاميرا ويتم حذفها في المونتاج لأنها لا تتسق والبناء الدرامي للعمل الفني، وليس كل ما يحدث في الاستديو تنقله الكاميرا، لأنها لا تدخل الكواليس مع الفنانين ولا تقتحم الغرف الخاصة بهم في الاستديو، وحتى تكتمل صورة العمل الفني·
اقتحمنا الكواليس وراقبنا حركة الممثلين، ودخلنا الغرف المغلقة، لننقل الجزء الخفي الذي تكتمل به الصورة، دخلنا كواليس مسلسل 'المرسى والبحار' الذي يعرضه تليفزيون أبوظبي على شاشته الرمضانية فكانت متعتنا بما شاهدناه، تعادل متعتنا بمشاهدة المسلسل على الشاشة، وحتى تكتمل الصورة ننقل لمشاهدي شاشة أبوظبي ما لن يشاهدوه في هذا المسلسل:
للفنان يحيى الفخراني بطل المسلسل طقوس خاصة، لا يحيد عنها تحت أي ظرف، وقد اعتاد الجميع احترامها وأهم هذه الطقوس عدم الحديث فيما يخص السيناريو، ويرفض الفخراني الزيارات اثناء العمل وعليك الانتظار، إذا أردت التحدث معه لحين انتهائه من تصوير كل مشاهده، أما إذا تحدثت مع الفخراني، فتحدث في أي شيء لا يخص المسلسل، فالحديث عنه مؤجل لحين انتهاء التصوير·
وأبرز المشاهد التي التقطناها من كواليس المسلسل، مشهد الحريق الذي شب في احدى معدات التصوير نتيجة ماس كهربائي، كان أحمد صقر مخرج المسلسل يصور مشهد سفر 'العربي' بطل المسلسل وزوجته في القطار، وأثناء التصوير انتشرت رائحة حريق وأوقف أحمد صقر التصوير لمعرفة مصدر الرائحة ثم شاهد الجميع بعض الأسلاك تحترق، وتعطل التصوير ساعتين ثم استأنف الفخراني ومحسنة توفيق الجلوس في مقعديهما أمام الكاميرا بعد ان لبى سائق القطار طلب المخرج وزوده بطفاية حريق احتياطية· والمشهد الذي لم تلتقطه عدسة الكاميرا خاص بالمخرج أحمد صقر، حيث كُسرت ذراعه أثناء قفزه من احد المراكب القديمة عندما كان يوجه الكومبارس الذي يظهر مع يحيى الفخراني في أحد المشاهد، وإلتوت ساق صقر، وسقط على الأرض، وتوقف التصوير فترة طويلة ، وأحاط الجميع به واضطر صقر لاستكمال التصوير قبل غروب الشمس بعد أن ربط ذراعه، وبعد التصوير، انتقل المخرج الى المستشفى ليضع ذراعه في الجبس·
مشهد آخر التقطته الكاميرا ، وحذفه المخرج في المونتاج، وهو الخاص بالوجهين الجديدين حسين المصري وشيرين عادل، اللذين يقفان أمام الكاميرا لأول مرة، حيث طلب المخرج أحمد صقر رسم الحزن على وجهيهما عندما يسمعان نبأ الحرب وحاول الاثنان تنفيذ التعليمات، ونجحا في البداية وعندما قال المخرج، أكشن انفجر الاثنان بالضحك ، فضحك الجميع ، واكتفى احمد صقر بالابتسامة وطلب منهما التماسك وإعادة المشهد ، الا ان الاعادة لقيت نفس المصير، وضحك الجميع فاحتد احمد صقر قائلا، عايز أخلص من المشهد، مش عايز دلع لو سمحتم وأعيد التصوير والتزم الوجهان الجديدان فصفق لهما الجميع الا احمد صقر الذي قال: ' المشهد اللي بعده، ياالله عايزين نخلص'·
تجمهر
عندما سافر فريق عمل المسلسل الى بورسعيد لتصوير بعض المشاهد الخاصة بالفنان يحيى الفخراني، التفت الجماهير حول اسرة المسلسل، وبدأوا مصافحة الفخراني، حتى ان الصيادين في البحر تجمعوا حوله، وجلس معهم الفخراني ساعة كاملة يتحدث في أمور فنية خاصة بالصيد، لكن الذي اندهش له الفخراني، هو اسم 'رحيم' الذي كان يناديه به المارة في شوارع بورسعيد، ورحيم اسم الشخصية التي جسدها الفخراني في مسلسل 'الليل وآخره' العام قبل الماضي، الفخراني علق قائلا: والله كويس ان الناس فاكره المسلسل حتى الآن، أما الفخراني تلميذا مجتهدا، فشاهدناه عندما استعان المخرج أحمد صقر بأحد الصيادين في بورسعيد ليعلمه لهجة الصيادين، وكان الفخراني يتحدث لهجته القاهرية ثم يعيد الصياد صياغة الجمل باللهجة البورسعيدية، ورغم انبهار الصياد بالفخراني، فان الأخير ظهر كالتلميذ الذي يذاكر حتى ينجح، أما الفخراني استاذا وأبا ومعلما، فشاهدناه ايضا في الكواليس، عندما جلس مع الممثلين الشباب قبل بدء التصوير، وتحدث معهم في أمور كثيرة، ثم تناول معهم وجبة الغداء، وبادلهم الإفيهات والنكات، ثم تحدث عن التمثيل وما يتطلبه من حب وتعايش مع الشخصية ونسيان كل شيء الا المشهد الذي يقدمه الممثل أمام الكاميرا، ونصح الفخراني الممثلين الشباب، بحب وحرص ، وقال لهم:' من يعط الفن··· فسوف يعطيه الفن'·
أما الجلسة المغلقة التي طالت لأكثر من ساعتين، فجمعت الفخراني بالوجهين الجديدين شيرين عادل وحسين المصري، فقد شعر الفخراني برهبة الاثنين منه ومن الكاميرا، فطلب الجلوس معهما في غرفته ثم خرج الثلاثة وكأنهم اصدقاء منذ سنوات· واعيد أول مشهد بين الفخراني والوجه الجديد حسين المصري خمس مرات، حتى أن الفخراني أخذ المصري في حضنه لفترة طويلة ثم قال له:' لا تنظر الى الكاميرا وتعامل معها على انها غير موجودة وعليك أن تركز في عيني ولا تتذكر الا انك ابني'، وبعد المشهد، صفق له الفخراني وأخذه مرة ثانية في حضنه·
وفي مشهد آخر يجمع بين الفخراني ومحسنة توفيق، صاح الفخراني: ' ستوب' وتوقف التصوير، قال الفخراني انه شعر بصوت يخترق أذنه فما كان من المخرج أحمد صقر الا ان اخرج كل الموجودين في ' البلاتو' ، ولم يبق الا على مساعديه، واعتذر للفخراني الذي استأنف التصوير·
الممثلة راندا البحيري جمعها مشهد بالفنانة محسنة توفيق وبعد تصوير المشهد، اكتشفت محسنة عندما شاهدته على الشاشة الموجودة أمام المخرج، أن ملابس راندا البحيري لم تكن مناسبة، وطلبت اعادته بملابس اخرى، واقتنع احمد صقر برأي محسنة واستبدلت راندا ملابسها بملابس أخرى، وأعيد تصوير المشهد·
وفي اثناء تصويرها لمشهد يجمعها بالفنانة محسنة توفيق، صرخت الفنانة سلوى خطاب ، بسبب كوب سقط على الأرض وكان أحد الفنيين قد وضعه على لوح خشبي، وقالت سلوى: 'حرام عليكم أنا قلبي وقع' ، وطلبت سلوى خطاب من المخرج أحمد صقر حذف جملتين من مشهد لها أعيد ثلاث مرات بسبب تلعثمها في نطق بعض كلماته، لكن صقر رفض وأصر على الالتزام بما جاء في السيناريو· أما الفنان احمد عقل: فقد استعد للوقوف امام الكاميرا، لكنه اضطر الى العودة لغرفته بسبب ألم شديد في معدته، وطلب من أحمد صقر تأجيل المشهد ساعة، لكن المشهد تأجل لليوم التالي لأن أحمد عقل لم يشعر بالراحة الا عندما توجه الى المستشفى· وقال انه تناول وجبة كشري بالشطة أحدثت انقلابا في معدته·
وفجأة، توقف الفنان جميل راتب عن الكلام، في أحد المشاهد، وجلس على مقعد بعيدا ، وسأله أحمد صقر عن السبب فقال: لا استطيع التحدث ، وأنا أرى صحفيا يجلس في'البلاتو'، ويدون ما نقوله، صقر اعتذر للصحفي، وطلب منه الخروج من البلاتو· وسقط حائط خشبي من الديكور على المصور أثناء دورانه بالكاميرا فأصيب بكدمات في كتفه، المفروض ان الديكور كان لمنزل 'العربي' المتهالك واستبدل أحمد صقر المصور بآخر واستأنف التصوير·
وهناك مشادة كلامية تدخل الفخراني ووضع نهاية لها بين سلوى خطاب ومساعد المخرج ، حيث تأخرت سلوى نصف ساعة عن موعد التصوير، فعاتبها مساعد المخرج ، لكنها لم تقبل العتاب، فتمسك المخرج بحقه في أنها اخطأت، لكن الفخراني صافحه وانهى المشادة· أما الماكيير فاستمر في عمل مكياج للفنان يحيى الفخراني استغرق ساعتين ، وكان الفخراني حريصا على ان يظهر بشكل مختلف تماما، خاصة بعد ان يعود من الخارج ورفض الحصول على نصف ساعة راحة بعد مثوله بين يدي الماكيير، وطلب من احمد صقر التعجيل بالتصوير، أما الفنان جميل راتب فلا علاقة له بالوجبات التي توزع على الفنانين في فترات الراحة، لأنه كان يحمل وجباته معه من منزله·