الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد رمز خالد للعطـاء عربيـاً وعالميـاً

زايد رمز خالد للعطـاء عربيـاً وعالميـاً
26 مايو 2019 04:06

أحمد عبدالعزيز (أبوظبي)

أكد معالي الشيخ الدكتور سعيد بن طحنون آل نهيان، أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، سيظل دوماً رمزاً خالداً للعمل والعطاء الإنساني على الصعيدين العربي والعالمي، وقصصه عن العمل الإنساني لا تنتهي، وأعماله الخيرية وأياديه البيضاء في شتى بقاع العالم دليل على منهج التسامح والعمل الإنساني الذي رسخه المغفور له في المجتمع.
وقال: «أذكر قصة حدثت عندما كان الشيخ زايد في رحلة علاج في كليفلاند في أميركا، حيث كان يومها علي سالم الكعبي يعرض عليه، طيب الله ثراه، الالتماسات المرفوعة إليه من مواطنين وإخوة عرب، واستثنى الكعبي آخر ورقة من القراءة، فلم يقرأها، فسأله، رحمه الله، لم لم تقرأها؟ فقال الكعبي إنه طلبٌ مقدم من أحد اليهود، فقال الشيخ زايد أو ليس اليهودي إنساناً؟ وفروا له علاجه وما يطلب».
جاء ذلك في ندوة نظمها مركز زايد للدراسات والبحوث في مسرح كاسر الأمواج بأبوظبي، مساء أمس الأول، بعنوان «العمل الإنساني في فكر زايد بين واجبات الشريعة والحياة المدنية»، وأدارها الدكتور حمدان الدرعي، رئيس قسم البحوث بمركز زايد للدراسات والبحوث.وقال معالي الشيخ الدكتور سعيد بن طحنون: «شاهدت أعمالاً كثيرة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان في الخارج، منها جمهورية مصر العربية والمملكة المغربية، وجمهورية باكستان الإسلامية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، وكيف أنه كان يهتم بإغاثة الإنسان، وكيف تأثر بالقيم الإسلامية والمجتمع المحيط به».
وبدأ سعادة الدكتور علي بن تميم، مدير عام «أبوظبي للإعلام»، حديثه بالإشارة إلى الاقتران والتلازم بين الخير والتسامح، موضحاً أن قارئ تاريخ الإمارات يدرك أنها لا تزال تقود قاطرة التسامح من خلال منظومة متكاملة لعمل الخير، بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إذ كان ينطلق في العمل الإنساني من منطلقات قيمية واجتماعية وإنسانية، فأسس دولة الاتحاد على عمل الخير الذي ظل سمة تتوارثها الأجيال، ومن بعده جاء صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي ثبّت أركان الخير، حتى عمّ خيرها كل أرجاء العالم، وصار الخير سلوكاً يمارسه شعب الإمارات في شتى مناحي الحياة اليومية.
وبين سعادة الدكتور علي بن تميم أهمية التسامح في رؤية الشيخ زايد وشخصيته، موضحاً أن الشيخ زايد كان يؤكد دوماً أن الإسلام دين رحمة وتسامح وتفاهم وتقارب بين البشر، ومعاملة بالتي هي أحسن، لا يعرف العنف الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدّعون الإسلام زوراً، وباسمه يذبحون الناس للوصول إلى أهدافهم المغرضة، وظل، رحمه الله، يدعو علماء الدين إلى بناء تصور للإسلام يقوم على التسامح ونبذ العنف والإرهاب. وأشار سعادته إلى نشأة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ طفولته، إذ كانت في أجواء متسامحة لا تعرف التعصب، ونما إيمانه الراسخ بأنّ التّسامح أو السماحة جوهر الإسلام؛ فالإسلام الحقيقي هو السماحة، لا يحمل حقداً ولا بغضاً للبشر، ومثلما هو سمح في ذاته، فهو سمح للبشريّة كلّها بقناعاته، مؤكداً أن وعي الشيخ زايد بالتسامح يدل على أنه يصدر عن معرفة بالذات والتاريخ والهويّة ثم معرفة الآخر تاريخاً وفكراً وثقافة، فالإسلام في نظره لا يتنافى أصلاً مع الحضارة والتّقدم لأنّه دين حضارة وعلم ونهضة، بل إنّ تعاليمه هي قمّة الحضارة والعلوم، الأمر الذي جعل الإسلام يرتبط في تصوّر الشيخ زايد بمشروع نهضوي استطاع أن يصنع حضارة عظيمة انتشرت في أرجاء المعمورة، لافتاً سعادته إلى أن الشيخ زايد كان ينظر إلى تلك الحضارة بوصفها حضارة متسامحة، لا إفراط فيها ولا تفريط، تقوم على التوازن الدقيق بين الروح والمادة من أجل بناء الإنسان المتمّدن.. لهذا كان، طيب الله ثراه، يؤمن بأنّ النهضة هي فعل تطوير وإصلاح لمختلف جوانب الحياة من أجل بناء واقع جديد.وأكد سعادة الدكتور علي بن تميم أن الشيخ زايد ظل يجسد احترامه للإنسان لوناً ولساناً وديناً، وظل يؤمن بأن الاختلاف العرقي لا يشكل قاعدة لأفضليّة أو دونيّة، فهو اختلاف يتجلّى داخل أسرة إنسانيّة واحدة.. فالتغاير والاختلاف يشكّلان قاعدة الحياة في المجتمعات الإنسانية، وهي قاعدة عصيّة على التجاوز، لأنها أساس التنوع الفكري والثقافي، لذلك كان من الطبيعي أن يدين الشيخ زايد «التمييز العنصري بأشكاله كافة»، وأن «ينظر إلى البشر كافّة بعين واحدة، عين المحبّة والأخوة»، كما ظل يدعو إلى البحث عن الجوامع القيميّة والأخلاقيّة المشتركة التي تقوم عليها العلاقات بين المؤمنين بربّ واحد، والابتعاد عن التعصّب الذي ينبني على رفض الآخر ورفض الاعتراف به.
وأكد سماحة الدكتور فاروق حمادة، المستشار الديني في ديوان ولي عهد أبوظبي، أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان إنسانياً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ وأبعاد، مبيناً أن هذه الإنسانية جاءت للشيخ زايد من ثلاثة مصادر، أولها الفطرة التي وهبه الله إياها، فأعطاه غرائز إنسانية، تجلت في أقواله وأعماله ومواقفه وآرائه وحكمته التي نستقيها من آلاف الدلائل، وثانيها أن هذه النزعة الإنسانية عمقتها وقوتها فيه تربيته الأسرية، لا سيما من والدته الشيخة سلامة التي كان متعلقاً بها تعلقاً كبيراً ويحبها حباً جماً، وقد كانت هي كذلك ذات نزعة إنسانية عالية، وبلغت إنسانيتها أنها كانت تؤثر الناس على أولادها في الدواء والغذاء.
واستعرض الدكتور محمد القدسي، المرافق الإعلامي للشيخ زايد، مواقف المغفور له الشيخ زايد في التعامل مع الإعلام، وقال: «عاصرت المغفور له لمدة 34 عاماً ولا يمكن أن أفصل بين العوامل الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، وكان يتعامل مع الجميع بنفس المعايير الأخلاقية والوطنية والإنسانية، ولا يكفي الشيخ زايد الحديث ساعة لحكمه 58 عاماً (20 عاماً منها ممثلاً للحاكم في المنطقة الغربية)، وفي العين عقد اتفاقاً بين سلطنة عُمان مع سعيد بن تيمور سلطان عُمان وبين إمارة أبوظبي، وفي إحدى الفقرات تم هذا الاتفاق. يعود نجاحه إلى المكاتيب مع الشيخ زايد، وفي العين بنى سوقاً خاصاً ودفع من جيبه الخاص 25 ألف روبية، وحفر في العين الأفلاج للمزارع، وحينما أتاه المزارعون الذين لديهم سعة ويسر من الماء اشترط عليهم تقديم كميات من المياه لمن له حاجة للماء».
وفي مداخلة لنيافة القس أنطونيوس ميخائيل، بين أن الشيخ زايد سبق عصره في رؤية بناء بلاده.. فقد بنى الإنسان الإماراتي الذي منه بنى الدولة، وعلَّم أولاده التسامح على المستوى الإنساني قبل السياسي، وإنك لترى هذا التسامح في كل مُواطِنٍ إماراتي، وقال: نحن هنا نمارس شعائرنا الدينية بحرية مطلقة، وقد استمرت على هذا النهج قيادة الإمارات الحكيمة؛ ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فقد أعلنوا 2019 عاماً للتسامح، فشهد العام على هذه الأرض الطيبة لقاء تاريخياً بين قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لتوقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية».
وفي ختام الندوة، قام معالي الشيخ الدكتور سعيد بن طحنون آل نهيان، بتكريم سعادة الدكتور علي بن تميم، مدير عام «أبوظبي للإعلام»، والدكتور فاروق حمادة، المستشار الديني بديوان ولي العهد، والدكتور محمد القدسي، المرافق الإعلامي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وعدد من الرعاة والمؤسسات المشاركة.
وتجول معاليه والحضور في «معرض المسكوكات العربية والإسلامية» وجناحي الصور الخاصة بالتسامح في حياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والكتب، والتي ينظمها جميعاً على هامش المهرجان، مركز زايد للدراسات والبحوث.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©