الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اعترافات ترصد رحلة تحول متورطين عـرب وأجانب من أسوياء إلى إرهابيين.. كيف جندوني؟

اعترافات ترصد رحلة تحول متورطين عـرب وأجانب من أسوياء إلى إرهابيين.. كيف جندوني؟
26 مايو 2019 04:02

أحمد عاطف (القاهرة)

رحلة في عقل «داعشي» هي رحلة محفوفة بالمخاطر.. السؤال الرئيس الذي يرافقك، وأنت تستمع لقصص واقعية من شهود عيان يتحدثون عن «دواعش» يحملون جنسيات غربية في السجون وشهاداتهم، هو «كيف نجح أبناء الشيطان في تجنيد هؤلاء الشباب»؟!
«س» الشاب الطاجيكي الداعشي الموجود في أحد مراكز الاحتجاز، أحد الأمثلة التي يمكن أن تحمل كافة التفسيرات لتجنيد الأجانب في تنظيم «داعش» الإرهابي من الحرمان والعقد النفسية ودور مواقع التواصل الاجتماعي والبحث عن دور ولو دور «الشيطان».
الداعشي الطاجيكي «س» كانت مهمته تدريب الإرهابيين العرب على صناعة المتفجرات في سيناء، كان يحمل كافة الإجابات والتي يمكن تلخيصها في كلمة واحدة «الجنون».
بشعره الأشعث، وملامحه البيضاء التي تحولت للاصفرار بسبب حرارة شمس سيناء، لم يتحدث في شيء خلال القبض عليه سوى أنه يفعل كل ذلك لإيمانه بما قيل له حول «الحور العين» خاصة أنه كان يعاني في حياته من أزمات نفسية في التعامل مع الفتيات في بلاده على الرغم من نيله شهادة جامعية في مجال الكيمياء.
عندما شرع في الحديث عن مراحل انضمامه للتنظيم الإرهابي وأسباب انتقاله من طاجيكستان إلى الجبال الوعرة في سيناء، أشعل سيجارته التي بررها بأنها ليست حراماً لأنه لا نصاً دينياً في ذلك.
ويقول «س» إنه كان مدمناً لمواقع التواصل الاجتماعي وسعى لتعلم اللغة العربية لإتمام دراسته في أحد معاهد اللغة العربية، وخلال تعلمه اللغة العربية عبر المنتديات وتطبيق تليجرام تعرف على شاب يعرفه باسم «أبوالعز المهاجر».
كان أبوالعز المهاجر يقضي الساعات في تعليم «س» اللغة العربية يومياً عبر تعريفه بالحروف الأبجدية وتعليمه قراءة القرآن ووسط الدروس كان يرسل له صوراً للحروب ولمسلمين يقتلون في العالم.. وبعد شهرين من التعارف أبلغه «أبوالعز المهاجر» بأنه قام بتأمين زيارة إلى سيناء ليكمل تعلم اللغة العربية وليشارك في مواجهة «الطواغيت».
وبعد أيام وعبر رحلة خطرة، انتقل «س» من طاجيكستان إلى سيناء وهناك تحول من شاب عادي يجلس أمام الكمبيوتر طول اليوم في عزلة إلى «بطل»، حيث استقبله أعضاء تنظيم «داعش» بحفل كبير على طريقتهم وصوروا له أنه أصبح «بطلاً» ووفروا له الشعور بالانتماء لجماعة أكبر منه ليخرج من عزلته المجنونة إلى الشعور بالأهمية وبالانتماء للمجموعة، شعور شبيه بشعور التائه في الصحراء الذي تحتضنه «عصابة» لتوفر له الأمان الوهمي والشعور بالجماعية.. وهكذا كان سهلاً أن يحمل «س» بندقية آلية أميركية الصنع ماركتها AR 15 ليقاتل الأمن المصري وبعدها يصبح مدرباً للإرهابيين الجدد.
عندما تترك «س» ليواجه عقابه المحتوم على قتل والمساهمة في قتل العشرات من المصريين، تفكر كثيراً كيف تحول هذا الشاب إلى إرهابي وقاتل ومازال يحمل ابتسامة ويعيش في وهم أن في انتظاره «الحور العين» وأن طاعة قادته من الإرهابيين هي طريقه إلى «الجنة».
ويقول مايكل روبي، الباحث في معهد انتربرايز الأميركي للأبحاث السياسية العامة، لـ«الاتحاد»: إن الجماعات الإرهابية تستخدم العنصر النفسي في تجنيد الشباب، حيث إن العديد من الإرهابيين يسعون إلى وهم المجد. ويضيف روبي أن الجماعات الإرهابية، مثل الطوائف أو الشبكات الإجرامية، تمكن الأشخاص من الشعور الوهمي بالمجد وبالقوة والبطولة، مشيراً إلى أنه غالباً ما يكون قادة الإرهاب من المتلاعبين النفسيين البارزين الذين يمكنهم من إدارة أي عدد من عمليات الاحتيال أو المؤسسات الإجرامية.

وهم البطولة أم الأموال؟
قد تكون الإجابة عند «ديفيد سام» الشاب الانجليزي الذي كان شغوفاً بالحصول على الأموال. سام كان يعمل في شركة سورية يتقاضى منها راتباً خياليا بالنسبة لفرصه المحدودة في إنجلترا بسبب ضعف مؤهلاته.
بعد فترة من اندلاع الحرب الأهلية والاضطرابات في سوريا، انخفض راتب سام فأصبح صديقه بالشركة يساعده شهريا بالأموال.. وعبر مد خيوط «صداقة المال»، بدأ الصديق يتحدث مع سام حول أن ما يفعله «داعش» ضد الجنود السوريين هو خير للسوريين وجذبه لزيارة الرقة حيث عرفه بأعضاء التنظيم الإرهابي وهناك وجد سام أموالاً بلا عمل.
وبعد أشهر في الرقة والحصول على راتب شهري كبير من «داعش» بدأ سام يحمل السلاح ويتدرب على القتال سعياً لزيادة دخله والحصول على امتيازات أكثر ليجد نفسه «داعشياً» ويصبح من المستحيل التراجع ليتحول إلى إرهابي حتى لحظة القبض عليه ليجد نفسه أمام الحقيقة وهي أنه أصبح قاتلاً محترفاً أو بمعنى أدق «مرتزقاً» في صفوف «داعش».
ولكن دراسة لجامعة بيركلي الأميركية أشارت إلى أن عنصري الفقر والجهل لم يعدا عامل الحسم للتجنيد في «داعش»، بل أصبح عنصرا التعليم والغنى هما المعيار الآن والنموذج، والأمثلة: أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ومحمد عطا والآن «داعش». وبحسب الدراسة فإن أغلب الشباب الذين يتم اختيارهم على درجة عالية من التعليم وإتقان العديد من اللغات مع الوضع المادي الجيد، مما يجعل طريق الاختراق لعقول هؤلاء الشباب هو ضحالة أو غياب الثقافة الدينية لديهم والبحث عن تحقيق مجد شخصي.

غسل الدماغ
«عيسى»، الداعشي الألماني الجنسية من أصول تركية، هو تعبير عن عملية غسل الدماغ الاحترافية التي يقوم بها عناصر «داعش».
عيسى أو «أبو زينب» كان يداوم على التبرع لجمعية أهلية تركية في ألمانيا ترسل أموالاً تحت غطاء مساعدة السوريين.. وبعد أشهر من عمليات التبرع المتكررة اصطاده مسؤول في الجمعية يدعى داوود وأجرى اتصالاً به وطلب منه الحضور وإجراء مقابلة ليشكره على تبرعاته رغم أنها ضئيلة للغاية.
في اللقاء عرض داوود على عيسى مواد مصورة للحالات الإنسانية في سوريا وتحدث معه عن ضرورة الدفاع عن أطفال المسلمين والوقوف ضد الطغاة. ويقول عيسى إنه لم يقتنع بالفكرة عند الوهلة الأولى وأنه كان يرى من غير المنطقي أن يذهب شخص إلى بلد آخر لا يعرف أحداً فيها ولا يتكلم لغتهم ليحارب.
ولكن داوود لم ييأس، فقد كرر المقابلة مع عيسى أربع مرات مستخدماً كافة الحيل النفسية وأغراه بفيديوهات لفرنسيين وألمان يعيشون في سوريا وكيف أنهم يمثلون «الأبطال» هناك.. وتحت الإغراء والضغط النفسي قرر عيسى أن يقوم بالمغامرة وينتقل إلى سوريا ولو لبعض الوقت.
ووصل عيسى إلى سوريا في 2014 ليعمل في الإسعافات الأولية وبعد وقت قصير وجد نفسه يحمل السلاح ويقوم بمناوبة على الحدود. بعد وقت طويل من الحياة في سوريا ومشاركته في الفاعليات أصبح عيسى «داعشياً» ليذهب إلى الرقة ويتزوج من فتاة ألمانية يقول إنه لم يحلم بالزواج بمثلها في ألمانيا قبل الانضمام للتنظيم الإرهابي.
ولكن حلم عيسى تبدل إلى كابوس مع انهيار الدولة المزعومة في الرقة، حيث وجد نفسه مجبراً على الهرب إلى دير الزور ولكنه سرعان ما ألقي القبض عليه في منتصف 2017، ليعترف بجرائمه ويبدي الندم على التورط في هذه المغامرة «القاتلة».
ويقول اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمني المصري، من مشاركته في التحقيق مع مئات الإرهابيين خلال عمله اكتشف أن تنظيم «داعش» لديه آلة إعلامية جيدة، تنتج أفلاماً قادرة على «غسل الدماغ» في المقابل فإن الإعلام العربي لم ينجح بعد في صنع آلية لمواجهة هذه الآلة الداعشية في الإعلام، مشدداً على أن بداية مقاومة الإرهاب تكون عبر الإعلام بمواجهة أفكارهم المتطرفة وتفنيد أكاذيبهم التي تبث في آلتهم الإعلامية.
ويشير الباحث الأميركي مايكل روبي إلى أن الاستراتيجية الأبرز في محاربة تجنيد الشباب للجماعات الإرهابية، هي «السخرية»، موضحاً أن الفنان المصري عادل إمام شكل سلاحاً قوياً ضد الإخوان والجماعات الإرهابية في أفلامه السينمائية بالسخرية منهم وكشف حقيقتهم.

ذئاب منفردة
«التكفير عن الذنوب» هو مدخل شهير ومعروف لتنظيم «داعش» لغسل الأدمغة، والداعشي التركي «يسر» يمثل أحد هذه النماذج. يسر ولد في جنوب تركيا بالقرب من الحدود السورية، يحكي قصته مع «داعش» ويقول: «كان صديقي يقنعني طوال الوقت بوجود الكفر والذنوب في كل مكان، وكنا نتجول فيشير بيده إلى كل شيء ويقول إنه ليس من الإسلام، وإن الإسلام لابد أن يكون له دولة كاملة بحدود وأرض جديدة وإنها الآن يتم التمهيد لها في سوريا والعراق».
ويضيف يسر (المعتقل حاليا لدى قوات سوريا الديمقراطية) إن الفترة التي سبقت دخوله في تنظيم «داعش» كان يتبنى فيها أفكاراً تقوم على أنه لن يستطيع التكفير عن ذنوبه إلا بالبعد عن المجتمع المليء بالذنوب. وأنه بالتدريج اقتنع بأن الحل في «داعش».
ويقول يسر إن التأثير على ذهنه استمر حتى بعد انضمامه لـ«داعش» في سوريا، حيث أقام في «مضافة» بمدينة جرابلس السورية فور عبوره من الأراضي التركية (المضافة هي معسكر يقيم فيه المنضمون إلى التنظيم حديثاً حتى يحصلوا على دورات ليكونوا جاهزين للتعايش مع عناصر التنظيم الإرهابي).
ويضيف يسر أنه خلال وجوده مع «الدواعش»، كانت قياداته تضغط عليه ليكون أكثر ارتباطاً بالتنظيم ولا يمكنه مغادرته. فالزواج أحد أكثر الأمور التي تجعل الشخص يرتبط بالمكان، زوجة ليس لها ذنب في شيء، على الأغلب تم أسرها وأصبحت جزءاً من التنظيم، تفكر في نفس ما يفكر فيه ويسيطر عليها هاجس الخوف من الموت في حالة محاولة الهرب من التنظيم، وأحيانا طفل من لحمك ودمك، لكنه ابن للتنظيم وليس لك على أي حال من الأحوال، كلها أمور كانت تسيطر على العقل والنفس، وما كان معها إلا الاستمرار داخل التنظيم.
ويشير اللواء نور الدين إلى أن «الدواعش» الذين قابلهم في التحقيقات كان أغلبهم يعانون من ضعف الشخصية على عكس ما يتم ترويجه في إعلام «داعش»، إلى جانب مرور أغلبهم بظروف صعبة كقصة حب فاشلة، بالإضافة إلى وجود وسائل إغراء عديدة منها الأموال وجهاد النكاح وغيرها من العوامل التي على رأسها وجود حب لدى أشخاص معينين للقتل والبلطجة.
ويؤكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الجماعات الأصولية لـ«الاتحاد» أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد أخطر عوامل تنظيم «داعش» الإرهابي في غسل مخ عناصره الجدد، والذين يكونون عبارة عن ذئاب منفردة، والتي انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وأدت إلى تنفيذ عمليات إرهابية في أكثر من مكان حول العالم، بالشكل الذي يوحي بأنها منفذة بنفس الطريقة والأسلوب.
واحدة من العشرات اللائي تم غسل أدمغتهن وتجنيدهن في تنظيم داعش الإرهابي «إلينا فختسلام»، فتاة عشرينية ولدت في مدينة هامبورج بألمانيا، تتواجد الآن في مخيم عين عيسى الواقع بالقرب من الرقة في سوريا داخل أحد السجون التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وتشعر بأنها تورطت في الدخول إلى تنظيم «داعش».
وتقول إلينا عن قصة انضمامها وتجنيدها إنها كانت من خلال إحدى صديقاتها المسلمات في مدينة هامبورج الألمانية، والتي كانت تؤثر عليها بشكل مباشر من خلال مرافقتها مع مجموعة من الفتيات الألمانيات اللواتي اقتنعن بالدين الإسلامي، ولكن هذه الأنثى تم استغلال حساسيتها الشديدة تجاه قتل المدنيين في المدن السورية خلال الثورة، لتقعنها صديقاتها بضرورة الجهاد من خلال رعاية الأطفال اليتامى في سوريا، لتصبح في النهاية «داعشية».
وتشير الفتاة الألمانية إلى أنها يومياً كانت ترسل لها صديقتها صوراً لمجازر ضد الشعب السوري وهو ما أثر على حالتها النفسية والذهنية والشعور بالذنب تجاه الأطفال الأبرياء، موضحة أنها بدورها بعد فترة وجيزة قامت بإقناع صديقها بمساعدة الأطفال في سوريا والمدنيين الأبرياء، ليذهب هو إلى سوريا، ثم يطلب منها المجيء، ليتورطا في التنظيم فانضما إلى جبهة النصرة ومنها إلى «داعش».
وتقول إلينا (في اعترافاتها) إنها كانت تحضر جلسات تنظم فيها محاضرات تعرض مشاهد بشعة لأجساد أطفال ومدنيين متقطعة، وتعلمهم كيفية التعامل مع المصابين والأطفال، وتبلغهم بأن هذا العمل هو كالقتال من أجل الإسلام.
الأمر أشبه بحاسوب، من يقوم بضمك يعرف أنك ستضم غيرك، لديهم كافة الطرق الإقناعية التي نفذوها آلاف المرات ونجحت بالفعل في اصطياد عديد الأشخاص الذين كان كل منهم لديه شيء يبحث عنه، وما كان منهم سوى إلقاء اللقمة السائغة لصيدهم، والتي يتلقاها غالباً بكل سهولة، ليصبح جزءاً من التنظيم الأكبر في تنفيذ المخططات الإرهابية، بينما يبقى الخروج شيئاً من الجحيم.

لعبة نفسية
يحلل الدكتور جمال فرويز، أستاذ علم النفس السياسي، الظاهرة خلال حديثه لـ «الاتحاد» مؤكداً أن تنظيم داعش يلعب دائمًا على المراهقين المضطربين نفسياً أو يعانون من تفكك أسري وكذلك الذين تميل شخصياتهم إلى الاستعراض حتى ينشروا أفكارهم، ويلعبون أيضاً على المثليين جنسياً ويعدونهم بالجنة والغفران وأن كل ما مضى من حياتهم سيغفره لهم الله إذا استشهدوا أو جاهدوا في سبيل الله.
وأضاف فرويز أن التنظيم الإرهابي يستقطب فئات تبلغ من العمر 12 عاماً إلى 33 عاماً، لأن هذه المرحلة العمرية من السهل أن تضطرب فيها الأفكار، والبعض منهم يكون من السهل إلحاده (عدم إيمانهم بإله) خاصة في المجتمعات المنفتحة ومن هنا يكون من السهل أن يتطرف وهي لعبة نفسية شهيرة.
ويتفق إسلام الكتاتني، وهو قيادي إخواني منشق عن جماعة الإخوان الإرهابية مع تحليل فرويز، منوهاً بأن الاستقطاب يتم إلكترونياً ويستهدف فئات المراهقين خاصة المشردين منهم، وكذلك الذين يعانون من التشتت ويشعرون نفسيًا بالضياع أو الإهمال من المجتمع فيسعون وراء أن يكون لديهم حلم أو هدف وتكوين قيمة لذواتهم من خلال أفكار التنظيم الإرهابي الذي يستقطبهم من خلالها مثل الدعوة إلى الله والجنة والحور العين، ما يجعلهم راغبين في السعي للانضمام لمثل هؤلاء الإرهابيين معتقدين أن هذا هو الدين.
ويرى ماهر فرغلي، الباحث المصري في شؤون جماعات الإسلام السياسي لـ«الاتحاد» أن مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي هي أبرز الوسائل التي يستخدمها «داعش» في تجنيد الأطفال والشباب، خاصة مع عدم الوعي الكبير الذي يقع في الفترة الأخيرة لهذه الفئة العمرية، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه فيديوهات منصة فيديوهات «يوتيوب»، والتي غالباً ما تكون مخططة وموضوعة بشكل يجعل التعرض لها من قبل الأطفال والشباب على درجة خطورة عالية، وتأثير كبير منها عليهم.
ويعتبر سامح عيد، الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، أن عمليات غسل المخ أمر متعارف عليه في جذب الأفراد للتنظيمات المسلحة والإرهابية، مستغلين جلوس هؤلاء الشباب لفترات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو والألعاب الشبكية، والتي اعترفت «داعش» نفسها بأن أغلب عملياتها الكبرى يتم التواصل فيها مع الأفراد عن طريق الألعاب الشبكية والتي غالباً ما تكون خارج نطاق الرقابة الإلكترونية الدولية. وأضاف أن الإلزام بوجود رقابة على هذه الوسائل أصبح ضرورياً، خاصة مع انتشار التنظيمات الإرهابية على مستوى الفرد وليس على مستو التنظيم المسلح والذي يستأثر بمنطقة جغرافية ويبدأ عملياته من خلالها، بينما الآن يقوم الفرد بعمليته الإرهابية منفرداً بعد التشرذم الذي حل على التنظيم الإرهابي، ومن ثم يجب مراقبتهم إلكترونياً

كيميت لـ «الاتحاد»: السجون الكبيرة تفرخ المزيد من الإرهابيين
يقول الجنرال مارك كيميت، مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق، لـ«الاتحاد» إن الشباب الذين يشعرون بالتمييز في بلادهم هم الأكثر قابلية للتجنيد في صفوف الجماعات الإرهابية ويصبحون فريسة سهلة لهذه الجماعات التي تعدهم بحياة أفضل.
وطالب كيميت بضرورة مراقبة الإنترنت لاكتشاف عمليات استقطاب الإرهابيين وإحباط واكتشاف الرسائل الإرهابية.
وأيد كيميت إعادة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، كما طالب بإبقاء المعتقلين من الإرهابيين الأجانب العائدين من مناطق القتال في مجموعات صغيرة من الإرهابيين المعتقلين داخل السجون، موضحاً أنه إذا تم حجزهم مع مجموعات كبيرة من المسجونين، فإن هذا يفرخ المزيد من الإرهابيين ويسمح بتجنيد واستقطاب إرهابيين جدد.

مستشار ترامب السابق لـ «الاتحاد»: الحرب ضد المواقع
«التكفيرية» حتمية
يقول وليد فارس، المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، لـ«الاتحاد» إن تنظيم داعش وقبله القاعدة والتنظيمات التكفيرية لهم عدة آليات لصيد العناصر الأجنبية وتبدأ عامة بمحاولة التعرف على نماذج تعاني نفسياً ومضطربة ويصعب عليهم تجنيد أشخاص طبيعيين لهم قدرة وتوازن في الحياة. ويضيف فارس أن المرحلة الثانية من عملية التجنيد تتم بالتقرب لهم إما عبر الإنترنت أو تحدث حول مشاكلهم وحلها ومساعدتهم في الخروج إذا كانوا منبوذين، فيريحونهم في الأوضاع النفسية، وينقلون غضبهم ضد دولهم، ويخرجونهم من الدين السماوي الروحي إلى القتال خاصة أنهم يربطون الإسلام بالقتال.
وأوضح أن المجموعات التكفيرية تدرس العناصر بصورة جيدة ويقرؤونهم جيداً، ويطالب المستشار السابق لترامب بمواجهة مواقع التكفير على الإنترنت والرد عليها بمواقع مثلها، مشدداً على ضرورة خوض المعركة الإلكترونية، كما يجب تعبئة أصحاب الرأي والفكر من كتاب وشيوخ من كل الأديان لخوض المعركة ضد الفكر الإرهابي. وكذلك أساتذة تاريخ لتفنيد مزاعم التاريخ وإعادة تفسيره للشباب.

مراسل حربي لـ «الاتحاد»: استراتيجية الزواج «الداعشية» لتجنيد الأجانب
يقول المراسل الحربي أحمد العميد لـ«الاتحاد» إنه التقى «دواعش» ممن تم اعتقالهم من قبل القوات العسكرية في سوريا والعراق وليبيا، وإن عملية غسل الدماغ وتجنيد الأجانب تستهدف في المبدأ الأول مسألة «العقيدة» لأن الأجانب لو كانوا يحتاجون للجنس أو المال فلديهم في بلادهم ما يريدونه وبشكل ممثل في الحريات وهناك عدة طرق يستطيعون الحصول بها على ما يريدونه وخاصة الأموال فبإمكانهم الحصول عليها من دون الانخراط في جماعات إرهابية وحروب وقتال مصيرها مأساوي.
أوضح أن من خلال مقابلاته مع «دواعش» أجانب في سجون القوات العسكرية بعدة دول ممن كان بها التنظيم الإرهابي، غسل الدماغ يتم على 4 مراحل: الأولى منها تتمثل بأن «داعش» لا يختار الشخوص الذين يتمتعون برفاهية وحياة سعيدة وأسرية مستقرة في دولهم، لكن يتم اختيار الشخوص الناقمين على حياتهم ومجتمعاتهم وممن يرون أن الحياة غير عادلة وأن الأنظمة الدولية تعتمد على الطبقية، وتبدأ من هنا عملية التجنيد والاستدراج. موضحا أن المرحلة الثانية تتمثل في «الإقناع بأحاديث وقصص من التراث عادة ما تحمل تهويلاً وخارجة عن سياقها».
وتبدأ المرحلة الثالثة من غسل الدماغ، بحسب العميد، بإقناع هؤلاء بضرورة «الجهاد» وتطبيق الشريعة والحدود باستخدام القوة والسلاح وأنه لابديل عن ذلك في مواجهة ما يسمونه بالكفر، مشيراً إلى أن الخطوة الرابعة والنهائية تتمثل في تسهيل كل السبل لإدخالهم للأراضي الموجودة تحت سيطرة «داعش» ويتم إقناعهم وإجبارهم على الزواج من نساء أو رجال التنظيم، بل والأكثر من ذلك أمرهم بالإنجاب كي لا يكون لهم أي فرصة للهرب إذا ما حاول الرجوع «فأين سيذهب ويترك زوجته وأطفاله؟!».

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©