الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيمارستان النوري أول وأعظم جامعة طبية في الشرق

البيمارستان النوري أول وأعظم جامعة طبية في الشرق
17 مايو 2019 01:54

أحمد شعبان (القاهرة)

انتشرت البيمارستانات في بلاد الشام انتشاراً واسعاً، ووجدت حول المسجد الأموي ثلاثة، أشهرها البيمارستان النوري بدمشق، ولم تقتصر مهمة البيمارستانات في العصر الإسلامي على معالجة المرضى، بل كانت جامعات لتعليم الطب وتخريج الأطباء.
تذكر المصادر التاريخية أن السلطان العادل نور الدين محمود زنكي قد أسر خلال حروبه مع الصليبيين أحد ملوكهم، ثم استشار مجلس أعيانه بمصيره فأشاروا عليه أن يطلق سراحه مقابل فدية مالية كبيرة تنفق في بناء بيمارستان ليكون مشفى يقدم العلاج والدواء للمصابين، وبالفعل أطلق سراح هذا الملك بعد أخذ الفدية، وتم بناء البيمارستان، الذي يعد أول وأعظم جامعة طبية في الشرق في ذلك العصر، حيث بقي يقدم رسالته حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
يقع البيمارستان النوري في قلب مدينة دمشق القديمة على مسافة غير بعيدة من الجامع الأموي، ووضع البناء الأساسي في عهد الملك العادل نور الدين سنة 549هـ - 1154م، ثم وسّعه الطبيب بدر الدين ابن قاضي بعلبك سنة 637 هـ، وبقي القسم الرئيس من البيمارستان على وضعه الأصلي حتى الآن، وتبلغ مساحته أكثر من 10 آلاف متر مربع ويعد نموذجاً رائعاً لفن العمارة الإسلامية من حيث طراز معماره وزخارفه ونقوشه البديعة، وتزين جدرانه لوحات رخامية كتب عليها آيات من القرآن الكريم.
ويقول المؤرخون إن البيمارستان كان يماثل في وسائل الراحة المتوفرة فيه وأنواع الطعام التي تقدم للمرضى والمصابين، القصور الملكية، وكان العلاج يقدم مجانا للفقراء والأغنياء على السواء وكانوا يمنحون لدى خروجهم من البيمارستان ثياباً ونقوداً تكفيهم للعيش لمدة أسبوعين هي مدة فترة النقاهة.
وكان البيمارستان على هيئة قسمين منفصلين مجهزين بالعدد والآلات، أحدهما للذكور والآخر للإناث، وفي كل قسم عدة قاعات لمختلف الأمراض، فهناك قاعة للأمراض الباطنة، وأخرى للجراحة وقاعة للكحالة «أمراض العيون» وقاعة للتجبير، وأيضا كانت كل قاعة تخصصية منقسمة إلى قسم للمحمومين «المصابون بالحمى»، وقسم للممرورين لمن بهم المرض المسمى «مانيا»، وهو الجنون السبعي، وقسم للمبرودين أي «المتخومين»، وله صيدلية تسمى شرابخانة.
والبيمارستان له رئيس يسمى ساعور البيمارستان، ولكل قسم من أقسامه رئيس، مثل رئيس للأمراض الباطنة، ورئيس للجرائحية والمجبرين، ورئيس للكحالين، وللبيمارستان الفراشون من الرجال والنساء.
كان في البيمارستان طريقان للعلاج، الأول الخارجي، وكان الطبيب يجلس على دكة ويكتب لمن يرد عليه من المرضى للعلاج أوراقاً يعتمدون عليها، ويأخذون بها من البيمارستان الأشربة والأدوية التي يصفها الطبيب، ويتناول المريض الدواء من البيمارستان ثم ينصرف ليتعاطاه في منزله.
والطريقة الثانية، هي العلاج داخل البيمارستان، وفيه يقيم المريض بالقسم الخاص والقاعة الخاصة بمرضه حتى يشفى، فكان المرضى يوزعون على القاعات بحسب أمراضهم، ولكل قسم طبيب أو اثنان أو ثلاثة بحسب الساعة وكثرة المرضى.
يقول المؤرخون إن أول طبيب عينه السلطان نور الدين لإدارة البيمارستان هو أبو المجد ابن أبي الحكم، وكان يتردد على المرضى ويتفقد أحوالهم ويصف الدواء والغذاء لكل منهم، ثم يذهب بعدها إلى قلعة دمشق فيتفقد المرضى من أعيان الدولة، ثم يرجع مرة إلى قاعة الدرس في البيمارستان وهي الإيوان الكبير.
وذكرت المصادر التاريخية عدداً كبيراً من مشاهير الأطباء الذين مارسوا الطب في البيمارستان ومنهم ابن النفيس وظل البيمارستان النوري يعالج فيه المرضى إلى سنة 1317هـ- 1899م.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©