الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيت الحكمة ببغداد أهم أكاديمية علمية في العصور الوسطى

بيت الحكمة ببغداد أهم أكاديمية علمية في العصور الوسطى
16 مايو 2019 04:11

أحمد شعبان (القاهرة)

أسس الخليفة هارون الرشيد مكتبة بيت الحكمة في بغداد عاصمة الدولة العباسية آنذاك، في القرن الثامن الميلادي، وكانت لها مكانة خاصة في العالم الإسلامي، وازدهرت واستمرت في شهرتها في ظل حكم ابنه المأمون.
جمع هارون الرشيد معظم الكتب والمخطوطات الخاصة بالمكتبة من والده وجده، لإعداد بيت الحكمة، وقام المأمون بتمديد المبنى الأصلي وتحويله إلى أكاديمية كبيرة، وعُرفت ببيت الحكمة، وأصبحت واحدة من أعظم مراكز الحكمة والمعرفة في العصور الوسطى، وساهمت في الحركة العلمية آنذاك.
في البداية تم إنشاء بيت الحكمة من أجل استضافة المترجمين والحفاظ على أعمالهم، وتمت إضافة أنشطة بحثية أخرى في مجالات العلوم والطب وعلم الفلك، وضمت المكتبة العديد من المترجمين والعلماء والكتبة والمؤلفين والباحثين في كافة المجالات المختلفة، وتُرجمت بها الكثير من المخطوطات والكتب من كافة الموضوعات الفلسفية والعلمية، بالعديد من اللغات مثل العربية والفارسية والآرامية والعبرية والسريانية واليونانية واللاتينية.
رغب الخليفة المأمون في جعل «بيت الحكمة» أكبر مركز للمعرفة في العالم، فقد كان عالماً بارعاً في فروع المعرفة، بما في ذلك الطب والفلسفة والنجوم، وكان يقوم بتعيين أشهر العلماء للترجمة، مثل أبي يوسف يعقوب الكندي لجعله مسؤولاً عن ترجمة أعمال أرسطو، كما شجع المترجمين والباحثين على إضافة أعمال باللغة العربية إلى المكتبة، فكان يدفع لهم ما يكافئ وزن كل كتاب بالذهب.
تنوعت الأقسام العلمية في بيت الحكمة، فمنها قسم الترجمة والتعريب، وذكر ابن النديم في «الفهرست» أسماء للكثير ممن يقومون بالترجمة من اللغات الهندية، واليونانية، والفارسية، والسريانية، والنبطية، الذين قاموا بترجمة الكتب إلى العربية وسائر اللغات المنتشرة في المجتمع الإسلامي، فقد كوّن المأمون ثروة كبيرة من الكتب القديمة، فشكل لها هيئة من المترجمين المهرة والشراح والوراقين، للإشراف على ترميمها ونقلها إلى العربية، وعيَّن مسؤولاً لكل لغة يشرف على مَنْ يترجمون تراثها، وخصص لهم رواتب عظيمة.
وبذلك قدَّم العلماء المسلمون خدمة جليلة للبشرية، بنقلهم التراث المهدد بالزوال، للكثير من المصنفات اليونانية والهندية الثمينة القديمة، حيث كان يُحَرَّم الاطلاع عليها في كثير من البلدان التي جُلبت منها، ويُحرق منها ما يُعثر عليه، كما حدث بكتب العالم الشهير أرشميدس، إذ أَحرق الروم منها خمسة عشر حِملاً.
وكان مركز البحث والتأليف أهم روافد المكتبة، حيث يتم تأليف كتب خاصة لهذه المكتبة، وكان المؤلف يُثَاب بمكافأة سخية، وكان النسَّاخون يُنتقون حسب معايير خاصة.
ويعد المرصد الفلكي من أهم الأقسام العلمية ببيت الحكمة، حيث أنشأه المأمون في حي الشماسية بالقرب من بغداد ليكون تابعاً لبيت الحكمة لتعليم الفلك فيها تعليماً عملياً، ليُجرب فيها الطلاب ما يدرسونه من نظريات، وكان يعمل فيه علماء الفلك والجغرافيا والرياضيات، مثل الخوارزمي، وأولاد موسى بن شاكر، والبيروني ومن خلال هذا المرصد استطاع المأمون بفريقين من العلماء أن يحسب محيط الأرض.
ويذكر المؤرخون أن المغول دمروا مركز بيت الحكمة بالكامل في 1258 م، وحرقوا كل المخطوطات والكتب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©