الخميس 2 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"الفسطاط".. مسجد عمرو بن العاص الجامعة الإسلامية الأولى

"الفسطاط".. مسجد عمرو بن العاص الجامعة الإسلامية الأولى
15 مايو 2019 00:43

أحمد شعبان (القاهرة)

عقب فتح مصر، بدأ عمرو بن العاص في تخطيط مدينة الفسطاط، ببناء مسجده الجامع، والذي سمي على مدى الأزمنة بعدة مسميات منها تاج الجوامع، والجامع العتيق، والفتح، وأهل الراية، ليصل الجامع في النهاية لاسمه الحالي جامع عمرو بن العاص، وتحول إلى جامعة يتلقى طلاب العلم فيها كافة علوم اللغة العربية والدين الإسلامي، فأصبح أول جامعة إسلامية وسبق الأزهر والزيتونة والقيروان.
بلغت مساحة المسجد عند إنشائه 675 متراً، وله ستة أبواب، وكانت الحوائط من الآجر والطوب اللبن وغير مطلية، ولم يكن به صحن، وكانت أرضه مفروشة بالحصباء، وظل كذلك حتى العام «53هـ - 672م»، ثم زادت مساحته حتى وصلت نحو أربعة وعشرين ألف ذراع.
قام مسجد الفسطاط بدور الجامعة الإسلامية الأولى في مصر لأكثر من سبعة قرون، وكان المؤسس الأول هو الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص، الذي صارت له حلقة علمية، ويعد عبد الله بن عمرو بن العاص هو الباني للحلقات العلمية الجامعية التي أخذت تنمو وتتسع.
بعث الخليفة عمر بن عبدالعزيز بيزيد بن حبيب، ثم نافع مولى عبد الله بن عمر إلى مصر، ليُعلم أهلها السنن والقراءات في جامعة الفسطاط، وكان من أعلامها الثقات في القراءات، ثم تلاه أحد رواة القراء السبعة عثمان بن سعيد ولقبه «ورش».
زار الرحالة ناصر خسرو الفسطاط في القرن الرابع الهجري، وقال: يقيم بهذا المسجد المدرسون والمقرئون، وهو مكان اجتماع سكان المدينة الكبيرة، ولا يقلّ عن فيه، في أي وقت، عن خمسة آلاف من طلاب العلم والغرباء، والكتاب الذين يحررون الصكوك والعقود وغيرها.
قضى الإمام الشافعي، الذي وفد إلى مصر العام 198هـ، بين أروقة المسجد الكبير في الفسطاط، معظم أيام حياته، وصارت له حلقة فيه، وكذلك زاوية منه كان يدرس فيها مذهبه، ويُدوِّن آراءه، وتخرج على يديه كثير من العلماء الذين دوَّنوا مذهبه، ونشروا علمه.
ومن علماء مدرسة الحديث بمسجد الفسطاط، عطاء بن دينار الهذلي وابن لهيعة، والليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، وكان الإمام أحمد بن حنبل يقول لطلابه في بغداد: إن بمصر - أي الفسطاط - صحيفة في التفسير رواها علي ابن طلحة الهاشمي عن ابن عباس، لو رحل واحد منكم إلى مصر ليطَّلع عليها ما كان هذا كثيراً، والليث بن سعد هو أحد المجتهدين الأعلام وصاحب مذهب مشهور.
جاء إلى الفسطاط كثير من الشعراء من مختلف البلدان وجلسوا وتعلموا في حلقات جامعتها منهم أبو تمام الطائي، وكان أبو نواس يتخذ له فيه مجلساً أدبياً، ويلتف حوله الشعراء والأدباء والنقاد، وكذلك أبو الطيب المتنبي كان يجلس في حلقة خاصة به، وحوله الشعراء والنقاد والأدباء يُملي ويُنشد شعره لهم، ويستمع لنقدهم.
وقامت في جامع عمرو حلقة تاريخية تصدرها من علماء السيرة والتاريخ محمد بن إسحاق صاحب السيرة، ثم محمد بن أبي الليث، ومن حلقة المؤرخين المصريين ابن عبدالحكم المصري مؤلف كتاب «فتوح مصر»، ووالده عبدالله بن الحكم، وأبو عمر الكندي، وابن يونس، وعمَّار بن وسيعة المصري، وابن زولاق المصري.
ومن مدرسة اللغويين النحويين الأدباء في جامعة الفسطاط: أبو العباس ابن ولَّاد أحد أشهر أئمة النحو، وأحمد بن يوسف بن الداية كاتب الدولة الطولونية صاحب كتاب «المكافأة»، والحسن بن داود بن بابشاذ، وأبو جعفر النحاس، والإمام المفسر الشيخ أوبكر الأدفوي.
واستمرت جامعة الفسطاط تؤدي دورها التنويري، وبفضل هذه الجامعة أصدر أمير مصر الأموي عبدالله بن عبدالملك أمراً رسمياً العام 87 هـ بأن تكون اللغة العربية، هي اللغة الرسمية للدولة بدلاً من القبطية واليونانية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©