الإثنين 6 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن زايد يشهد محاضرة «علم الابتكار: قابلية التأقلم بشكل طبيعي»

محمد بن زايد يشهد محاضرة «علم الابتكار: قابلية التأقلم بشكل طبيعي»
14 مايو 2019 04:20

منى الحمودي (أبوظبي)

شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقصر سموه في البطين، أمس، محاضرة بعنوان «علم الابتكار.. قابلية التأقلم بشكل طبيعي» التي ألقاها الدكتور بو لوتو، أحد أشهر علماء الأعصاب والابتكار في العالم.
كما شهد المحاضرة إلى جانب سموه كل من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان، وعدد من الشيوخ، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وكبار الشخصيات.
وربط الدكتور بو لوتو، المدير المؤسس لمختبر غير المتأقلمين الذي يعد أول مختبر للتصميم العصبي في العالم، بين الابتكار والتسامح، مشيراً إلى أن دولة الإمارات التي تعد إحدى أبرز الدول، اتخذت من الابتكار وسيلة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية فيما تحتفي هذا العام بالتسامح.
وأوضح الدكتور بو لوتو، خلال المحاضرة، المنظور الأساسي للابتكار الذي يرمي لفهم معنى أن نكون بشراً، ويرتبط ذلك بالتسامح، فالتسامح خطوة أساسية للابتكار، والبشر هم من يقودون الابتكار، ويمكن أن يربطوا ذلك مع الدماغ، مشيراً إلى أن البشر يواجهون الكثير من التحديات في الوقت الحالي، ومع ازدياد الترابط والاتصال بين البشر، يزيد عدم اليقين بينهم، لافتاً إلى أن 50% من المتصلين بالإنترنت يؤثرون على بعضهم بعضاً، وأن مصير البعض يؤثر على الجميع.

تحديات عالمية
ولفت إلى أن العالم يواجه العديد من التحديات العالمية، ففي حلول عام 2050 سوف يكون البلاستيك في البحار أكثر من الأسماك، وغيرها من التحديات الكبيرة، مشيراً إلى أنه تم تعليم الأبناء في عام 2004 على الوظائف التي خُلقت عام 2010، ولكن هناك حاجة لتعليم الأولاد لما لم نصل إليه بعد ولم نتمكن من تخيله، فالابتكار ينطوي على الإبداع والفعالية. لافتاً إلى أن أغلب المؤسسات في الوقت الحالي تركز على بعد واحد وهو الكفاءة، ومع تغير العالم أصبحت هذه الفكرة غير منطقية، فالعالم يتغير، وعلينا تعزيز الكفاءة لمواكبة التغيُّر مع التركيز على الإبداع.
وقال: «تشير الدراسات إلى أن أكثر المهارات المطلوبة لقيادة التغيير هي الإبداع والقدرة على التأقلم، والنظر إلى الأمور بمنظور آخر ينم عن كل خصالنا الإنسانية، بحيث نمارس قيادتنا بمنظور يسمح لنا بفهم الدماغ وخصائص الإنسان».
وأضاف «جميعنا يعتقد أنه يرى العالم على حقيقته عندما يفتح عينيه صباحاً، لكن 90% من المعلومات التي يراها البشر في دماغهم هي من مخيلتهم، فنظرتهم للأمور ليست كاملة، فالدماغ لا يرى الأمور بالمطلق، بل يربطها بالزمان والمكان».
وذكر أن الدماغ بالأساس يحب التباين والفروق، وهناك ظروف مختلفة تؤدي إلى وصول المعلومات نفسها إلى الدماغ من غير اختلاف، متسائلاً عن كيفية حل الدماغ لهذه المعضلة؟ فالمشكلة هي أن البيانات التي تقع على حواسنا لا معنى لها في حد ذاتها في الحقيقة، ولا توجد قيمة جوهرية في أي جزء من البيانات، في حين أن للبيانات فائدة كامنة، إلا أنها «حتى البيانات الحسية» لا تأتي مصحوبة بتعليمات، فالبيانات لا تخبرنا بما يجب علينا القيام به، وهذا هو السبب الذي جعلنا خلال مراحل تطورنا نتعامل مع ما هو غير مؤكد على أنه مؤكد، بل ويمكننا اعتبار كل سلوك وتصور بشري على أنه محاولة لتقليل عدم اليقين، لافتاً إلى أن الدماغ يتقدم ويتكيف ويتأقلم على أساس تاريخه، ويؤدي وظائفه نتيجة تفاعل مسبق مع العالم.
وأشار إلى أن دوار البحر ومعظم مشاكل الصحة العقلية التي تصيبنا ناجمة عن عدم اليقين، وما ينطبق على الأفراد يصح على شركاتنا وثقافاتنا ومجتمعاتنا، فالشركات الأكثر نجاحاً هي عادة تلك التي تقلل من عدم اليقين حيال سلوك ما نعتبره مهماً، لافتاً إلى أن شركة «أوبر» مثال على ذلك، فهي ليست ناجحة فقط لأنها تمكننا من طلب سيارة أجرة بصورة أسهل، بل لأنها تخبرنا متى سنصل إلى وجهتنا، وهذا هو السبب الذي دفع هيئة مواصلات لندن إلى ذكر مواعيد الوصول في جداول سير الحافلات لأننا نكره «عدم المعرفة».
وقال، ومع ذلك لا يوجد ابتكار بل لا يوجد أي شيء مثير للاهتمام يبدأ بمعرفة، بل يبدأ الأمر بعدم المعرفة بسؤال وليس إجابة، ولا يكمن النجاح في إيجاد حل لمشكلة معينة بل في جودة السؤال الذي يطرحه المرء، ولكن بما أن الدماغ يكره الشك، فإن معظم مؤسساتنا وشركاتنا تسعى للحد منه.
وأفاد الدكتور لوتو بأن هناك عالماً لا نراه بدقة، لأنه منفصل تماماً عن أدمغتنا، ويمكن للدماغ أن يتطور من أجل رؤية المعلومات التي كانت مجدية في الماضي، ويمكنه أن يتطور ليتغير، ويتحقق ذلك من خلال منظورنا للواقع الذي يجب أن يكون مختلفاً. فالكثير من الأمور التي جرت في حياتنا تؤثر عليها التحيزات الموجودة في أدمغتنا، معتبراً أنه لا يمكن للشخص أن يكون مبتكراً ومبدعاً في حالة تأثر كل ما يقوم به بتاريخه وانحيازاته تجاه أمور معينة، لذلك يجب تغيير الافتراضيات، وبالتالي ستتغير النظرة للأمور.

الكفاءة والابتكار
وحول الصعوبات التي تواجه تغيير افتراضيات الشخص، أوضح الدكتور لوتو أن الأشخاص تلقوا التعليم والتربية بأن يكونوا موضوعيين، وطالبوهم بالبحث عن الإجابات وليس الأسئلة، لافتاً إلى أن المجتمعات تركز بشكل حصري على الكفاءة، ولكن بالنظر إلى أن العالم يتغير، فإن علينا أن نتغير، وإن أكثر الأنظمة نجاحاً هي أقدرها على التكيف، وبالتالي يجب أن تركز النظم البشرية على الكفاءة والابتكار معاً، حتى في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن الابتكار يعد صعباً للغاية رغم أنه ضرورة من ضرورات البقاء.
وقال «يمكننا أن نصبح أكثر ابتكاراً حينما نكون قادرين على فهم كيف ولماذا نرى ما نراه؟»، مضيفاً: «وفقاً لعلم الأعصاب الإدراكي، فإن الدماغ لم يتطور ليرى العالم كما هو، بل إننا تطورنا لنرى عالماً كان من المفيد رؤيته، ما يعني أن كل ما نفعله ونراه هو ردود فعل انعكاسية تستند إلى افتراضات فردية ومشتركة فيما بيننا».
وتابع: «إن جذور الابتكار لا تتعلق بالإلهام التلقائي بقدر تعلقها بسمتين إنسانيتين عميقتين هما الجرأة والتواضع، واللتان تمكنان الفرد من التشكيك فيما يفترض أنه صحيح بالفعل، وباستخدام المبادئ التي يرى الدماغ على أساسها، يمكننا تطبيق هذه المبادئ لتمكين الأفراد والمؤسسات من الرؤية بشكل مختلف، وبالتالي تحقيق الازدهار والنمو في ظل حالة عدم اليقين».
وأكد الدكتور لوتو أن الابتكار مرتبط بالتواضع، ويبدأ بالإقرار بعدم المعرفة، عوضاً عن المعرفة، ويبدأ بالأسئلة وليس الأجوبة، لافتاً إلى أن التواضع أساسي من أجل التسامح، فالتسامح قادر على التعامل مع الاختلاف والتباين، كخطوة أولى للانفتاح. كما يتطلب الإبداع الجرأة بجانب التواضع حتى يصل الشخص لأماكن لم يستطع أن يصل إليها أحد قبله.

محور عدم اليقين
ذكر الدكتور لوتو أن برامج التعليم في مختبر «غير المتأقلمين» مصممة بمحور عدم اليقين، وذلك بالزيادة أو التخفيف منه، مشيراً إلى أن السلوك الوحيد الذي يجعلنا نحب عدم اليقين، هو اللعب، أي اللعب بالنوايا، والذي يثير الفضول، وبالتالي الوصول للعالم.
وأشار إلى أن الاستعجاب حالة في الدماغ تؤثر على سلوكيات الأشخاص وتزيد من الترابط بينهم، تشعرهم بأنهم أطفال مستعجبون في كل مكان، يرون المستحيل في كل ما هو بسيط،، مرتبطين بالعالم وأكثر تقبلاً لعدم اليقين وقابلين لأعلى المخاطر والمجازفة. فالاستعجاب نظرة لما هو أكبر منا، وأداة لربط الصراع والتغلب على أفكارنا المسبقة والتوسع في رؤيتنا.

المحاضر في سطور
الدكتور بو لوتو، عالم أعصاب ومؤسس ومدير مختبر «غير المتأقلمين»، أول مختبر للتصميم العصبي في العالم.
يعمل لوتو حالياً أستاذاً في كلية «غولدسميث» بجامعة لندن وباحثاً وزائراً بجامعة نيويورك، وفي سنة 2017، نشر كتابة الرئيس الأول «الخروج عن التقليد: علم النظر إلى الأشياء بطريقة مختلفة».
وهو أحد أشهر علماء الأعصاب في العالم، وهو خبير ابتكار ومؤلف. وبفضل «برنامج لوتو التعليمي»، تم نشر أول ورقة بحث مجازة علمياً كتبها أطفال المدارس.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©