الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأشرفية» في دمشق الدار الأولى لعلم الحديث

«الأشرفية» في دمشق الدار الأولى لعلم الحديث
14 مايو 2019 04:24

أحمد شعبان (القاهرة)

دار الحديث الأشرفية السلطانية بدمشق معلم حضاري، ظل لثمانية قرون، وهي ثاني دار تبنى للحديث في العالم، لا تزال إلى الآن تؤدي بعض وظائفها، فيها درّس أساطين العلماء والأئمة، وصنفت كتب عظيمة، وأورد المؤرخون أن هذه الدار كانت المركز الأول لعلم الحديث بدمشق، فكل من أراد الرواية وجدها فيها، ومن رغب في الدراية التمسها فيها، ومن طلب الفقه وغيره درس فيها.
اشترى الملك الأشرف داراً وحماماً لصارم الدين قيماز جوار قلعة دمشق، فهدمهما، وأقام مكانهما دار الحديث الأشرفية الجوانية، ومسكناً لشيخها، وتم البناء في سنتين، وافتتحها ليلة النصف من شعبان سنة 630 هـ، وعهد بتدريسها للإمام الحافظ الحجة أبي عمرو ابن الصلاح الشهرزوري، وهي وقف على المحدثين من الشافعية.
يعد مشايخها وطلابها من أشهر علماء الحديث في العالم الإسلامي درايةً وروايةً وتأليفاً، مع العلم الجم والزهد والتقى، وكانت حلقات العلم ورواية الحديث في كلِّ زاوية وجانب وغرفة منها، وتعقد مجالس الإملاء للحديث، وقراءة الكتب الكبار والأجزاء الحديثية، وفيها تم تأليف مئات الكتب في علم الحديث وغيره.
وذكر المؤرخون الدور العظيم الذي قامت به دار الحديث في أداء رسالة العلم ونشره، من خلال شيوخها الذين اتسموا بالعظمة والعلم، ومنهم: العلامة ابن الصلاح، أول من ولي التدريس بها، أملى بها كتابه «علوم الحديث»، والإمام أبو شامة مؤلف «شرح الشاطبية»، ومختصر «تاريخ دمشق» لابن عساكر، والإمام النووي صاحب التصانيف، وخطيب دمشق الإمام الفارقي الذي باشر أوقاف الدار، وابن الوكيل، والإمام الزملكاني، المؤلف الكبير صاحب كتاب «العمل المقبول في زيارة الرسول».
وممن درَّس فيها وتولى مشيختها، الإمام المزي وصنف كتابين عظيمين لم يصنف مثلهما: «تهذيب الكمال في أسماء الرجال»، و«تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف»، وفقيه الشافعية وقاضي القضاة تقي الدين السبكي، ومن مشاهير الحفاظ الكبار العلامة ابن ناصر الدين، صاحب كتاب «توضيح المشتبه»، وابن كثير الدمشقي المؤرخ والمفسِّر والمحدِّث، وبعض العلماء من القضاة الكبار المصريين مثل السبكي والبلقيني وابن جماعة وابن حجر العسقلاني.
ذكر الإمام السبكي وثيقة تاريخية تضمنت كتاب الوقف لدار الحديث الأشرفية جاء فيها ذكر للأوقاف العقارية، ونقش بعضها في الجدار الشرقي لمدخلها، وذكر فيها واجبات الناظر، من عمارة الدار وتوفير احتياجاتها من زيت وشمع وقناديل ومصابيح وتعاليق، وتوفير احتياجات الأرض الموقوفة عليها.
وقد وضع الملك الأشرف موسى بن العادل الأيوبي بالدار نعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير: اشتهر في حدود ست مئة، وما بعدها عند رجل من التجار يقال له ابن أبي الحديد نعل مفردة، ذكر أنها نعل النبي صلى الله عليه وسلم، فسلمها الملك الأشرف ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، فأخذها إليه وعظمها، ثم لما بنى دار الحديث الأشرفية إلى جانب القلعة، جعلها في خزانة منها، وجعل لها خادماً، وقرر له من المعلوم كل شهر أربعين درهماً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©