الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"الاتحاد" تفتح صندوق قطر الأسود لاختراق ليبيا

"الاتحاد" تفتح صندوق قطر الأسود لاختراق ليبيا
12 مايو 2019 00:45

رضا شعبان (بنغازي)

ما هي حقيقة الدور القطري التخريبي في ليبيا منذ 2011؟. سؤال أجابت عنه عشرات، بل مئات التقارير والمقالات خلال السنوات الماضية، لكن شهادات جديدة ومعلومات جديدة دفعت «الاتحاد» لإعادة فتح الملف الذي يمثل جرحاً لم يندمل بعد في قلب العالم العربي. «الاتحاد» التقت مع شهود عيان عاصروا بداية تدخل قطر في ليبيا، وكيف مول نظامها تشكيل ميليشيات ومدها بالسلاح، تفاصيل تكشف الغطاء عن أسرار تساهم في فهم ما حدث في ليبيا، ومحاولة تقسيمها عبر 8 سنوات من الدور القطري المشبوه.

سر فندق «المسيرة»
في طرقات فندق المسيرة (دار السلام حالياً) بطبرق 17 مارس 2011، بعد ساعات من قرار مجلس الأمن بفرض حظر طيران في ليبيا، كانت تسير مجموعات قطرية وفي يدها حقائب مليئة بالدولارات وتلتقي يومياً في غرفة خصصتها لإدارة العمليات في ليبيا، هنا كانت أيادي قطر تعبث في حاضر ليبيا ومستقبلها.
يقول مصدر استخباراتي ليبي لـ«الاتحاد» -أحد شهود العيان الذين كانوا بالفندق وقتها- إن أول مجموعة استخباراتية قطرية دخلت ليبيا عن طريق طبرق بالتوازي مع مجموعة أخرى وصلت إلى بنغازي بعد أيام من بدء حملة حلف شمال الأطلسي «الناتو» في 19 مارس 2011.
وبحسب المصدر -الذي رفض ذكر اسمه خوفاً على حياته- فإن المجموعة القطرية تضمنت كلاً من العميد القطري حمد الكبيسي، والعقيد علي المانع، والعميد بحري عبدالله البرداني، ويعمل بالمخابرات القطرية، والعميد عبدالله الفهد مسؤول توريد الأسلحة، والعقيد علي المناعي، وهو الذي حل فيما بعد محل الكبيسي في قيادة المجموعة القطرية بليبيا، إلى جانب عدد من الضباط من أصل يمني كانوا يعملون لصالح الاستخبارات القطرية. فيما بعد أصبح الكبيسي قائداً لسلاح الحدود الأميري القطري مكافأة له على دوره في ليبيا.
استقرت هذه المجموعة في فندق «المسيرة» وأنشأت غرفة عمليات، بل زرعت أجهزة تنصت على سطح الفندق، وقامت بعملها تحت غطاء إنساني، وهو المساهمة في إصلاح المستشفيات وإجلاء المدنيين والمصابين من مدينة مصراتة التي كانت تشهد وقتها معارك ضارية عبر البحر، وتم استقبال 4 بواخر عليها نازحون من مصراتة عبر ميناء طبرق البحري.

العطية في مطار طبرق
في بداية عملها، يقول المصدر الاستخباراتي الليبي لـ«الاتحاد»، قامت المجموعة القطرية بعمليات إصلاح في مطار طبرق العسكري، واستغلت عملها بالمطار للحديث مع عدد من الليبيين، وخاصة من عناصر الأمن والجيش السابقين، وطلبت منهم تشكيل مجموعة صغيرة لحماية طبرق تحت زعم أن أرتالاً عسكرية كبيرة تابعة للقذافي تتقدم في طريق أجدابيا- طبرق الصحراوي في اتجاه طبرق لضرب المتظاهرين.
ونجح الوفد القطري في إقناع عدد من الليبيين والضباط السابقين لتشكيل أول كتيبة مسلحة في طبرق تحت إشراف وتمويل قطري وعند عرض الأمر على اللواء سليمان محمود العبيدي الذي انشق عن القذافي وانضم للثوار رفض بشكل تام هذا الأمر. وفشلت المجموعة القطرية في تحقيق هدفها الأول وهو تسليح 1000 من الضباط السابقين في الجيش والأمن الليبي في طبرق بقيادة أحد عملائها.
أوقف رفض العبيدي هذا المخطط في طبرق، لكن تحت إغراء المال القطري شكل أحد العسكريين الليبيين كتيبة أسماها «كتيبة 17 فبراير» وكان عددها 70 فرداً فقط. وهنا يسرد شاهد عيان لـ«الاتحاد» كيف أن قطر أرسلت في هذا التوقيت 45 سيارة (لاند كروزر) وسيارة إسعاف عن طريق التهريب عبر الحدود المصرية- الليبية استولت عليها «كتيبة 17 فبراير». وتم أيضاً تهريب 320 بندقية «إف إن» ورشاشات 12.7 ورشاشات «الخمسين» ومئات المسدسات وصناديق الذخيرة ومنظومة لاسلكي لربط المجموعات المسلحة التي تشكلت في طبرق بغرفة العمليات القطرية في فندق «المسيرة».
وبحسب الشاهد فإنه تم تقسيم المجموعات المسلحة التي تشكلت تحت الإغراء القطري إلى مجموعة تتولى حماية طبرق والفندق، وأخرى انضمت للقتال ضد قوات القذافي والثالثة انتقلت للمنطقة الغربية. وبعد نحو شهر، وبالتحديد في 25 أبريل 2011 هبطت طائرة قطرية بمطار طبرق وكان عليها رئيس الأركان القطري حمد العطية الذي عقد في ذلك اليوم -الذي كان مصدر «الاتحاد» موجوداً فيه بالمطار- اجتماعاً مغلقاً مع مجموعة تعمل مع المخابرات القطرية. ورفض العطية -بحسب المصدر الاستخباراتي الليبي- حضور أي قيادة ليبية في الاجتماع، مثل العميد طيار صقر الجروشي قائد قاعدة طبرق الجوية وقتها، أو فرج ياسين المبري رئيس المجلس المحلي في طبرق. واستمر هذا الاجتماع الذي عقده العطية في قاعة بمطار طبرق نحو ساعتين فقط، وبعدها غادر الأجواء الليبية عائداً إلى قطر.

السلاح إلى بنغازي
وبالتوازي مع عمل «مجموعة طبرق» كانت مجموعة قطرية أخرى وصلت إلى بنغازي وكان عملها بالأساس هو الإشراف على دخول الأسلحة المتوسطة والصواريخ الحرارية المحمولة «ميلانو» عبر الجو والبحر. وبحسب مصادر استخباراتية ليبية لـ«الاتحاد» فإنه من ضمن الضباط والعناصر القطرية التي كانت تشرف على عملية شحن الأسلحة إلى ليبيا كل من ناصر عبدالعزيز المناعي وجاسم عبدالله المحمود، إضافة إلى عبدالرحمن الكواري الذي كان يتمركز في السودان مع ضباط قطريين آخرين منهم ناصر الكعبي، ومحمد شريدة الكعبي.
وبعد أسابيع قليلة من بدء دخول السلاح إلى بنغازي -تحت إشراف وتمويل قطر- بدأ تدفق أعداد كبيرة من المتطرفين وتدريبهم وتشكيل كتائب أطلق عليها «سرايا تجمع الثوار».
هذه الميليشيات التي ضمت مئات من المتطرفين، قامت قطر بتنصيب القيادي الإخواني فوزي بو كتف قائداً لها عبر ترشيحات ودعم من على الصلابي المقيم في قطر. وبعد أشهر من العمليات، رفض فوزي بو كتف تسليم الأسلحة والصواريخ لقيادة الأركان التابعة للمجلس الانتقالي الليبي. وقتها لم يكن أمام المجلس إلا الرضوخ وتعيين بو كتف نائباً لوزير الدفاع جلال الدغيلي، لكن مع الدعم والتسليح القطري لابو كتف فشل «الانتقالي» في السيطرة على ميليشيات بوكتف.
هكذا تحولت الميليشيات «القطرية» إلى جيش وشرطة موازية في بنغازي وطبرق وسط أحلام من قطر أن تتحول ليبيا إلى مستعمرة تقودها عبر «الإخوان» الإرهابيين والمتطرفين عبر توفير السلاح والعتاد والمال.

سقوط الخدعة القطرية
لا ينكر الكثير من القيادات السياسية والعسكرية الليبية انخداعهم بالدور القطري في بداية الثورة على القذافي وخاصة في النصف الأول من عام 2011، بل كان صعباً على أي منهم عدم القبول بالدور القطري، بل كان علم قطر يشاهد كثيراً في المسيرات ببنغازي وفي طرابلس. ويقول فرج ياسين المبري، أبرز وأهم السياسيين في طبرق خلال ثورة 2011 لـ«الاتحاد»: «بصراحة كنا في البداية نعتقد أن موقف قطر جاء لإنقاذ الشعب الليبي، لكن بعد الزيارة الخاطفة المشبوهة لحمد العطية إلى مطار طبرق تكشفت أمامنا المهمة الحقيقية لهذه المجموعة، وأنها لم تكن أطباء ومهندسين لمساعدة الليبيين، بل ضباط مخابرات وعسكريين، وهو ما اتضح جلياً من خلال تحركاتها على الأرض ودعمها لأفراد محددين ذوي اتجاهات متطرفة بأن لها أجندة أخرى».
ويضيف المبري: «بعد وضوح الرؤية، حاولنا استيعاب المجموعة التي تم تسليحها على يد القطريين، الكتيبة التي تشكلت، تحت اسم 17 فبراير، فعرضنا على عمار الشكماك وزير النفط في المجلس الانتقالي توجيه الشباب المسلح لحماية الحقول النفطية (المسلة والسرير والبوستر) جنوب طبرق، وهو كان يسعى وقتها إلى تصدير 250 ألف برميل نفط يومياً عبر ميناء طبرق البحري بتنسيق قطري، فوافق الشكماك، وطلب المسلحون من جلال الدغيلي وزير الدفاع وقتها تموين الشباب بالاحتياجات الضرورية والوقود في مقابل حماية الحقول، لكن من قام بتولي هذه المهمة هي المجموعة القطرية لفترة 45 يوماً ثم آلت المهمة لشركة الخليج للنفط».
ومع انكشاف دور قطر المشبوه في طبرق، قام الليبيون بطردهم خلال فترة قيادة المبري للمجلس المحلي. ويقول المبري إن قطر كانت تسعى عبر دعم الميليشيات المتطرفة إلى تحويل الثورة الليبية إلى فوضى. ويقول شاهد عيان لـ«الاتحاد» إنه بعد اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس، رئيس الأركان بالمجلس الانتقالي، كانت الاتهامات محصورة في مجموعة طبرق القطرية، حيث كانت تتجسس على كل اتصالات وتحركات اللواء يونس، وهي من روجت أن يونس يخدع الثوار ويتواصل مع القذافي. وعقب اغتيال عبدالفتاح يونس، قام أهالي طبرق بحصار فندق «المسيرة» وأمهلوا المجموعة القطرية ثلاث ساعات لمغادرة ليبيا فجاءتهم تعليمات من رئاسة الأركان القطرية أن يرحلوا فوراً في طائرة عسكرية قطرية وصلت مطار طبرق لنجدتهم، ليغادروا محملين بالخيبة ويجرون ذيول الفشل.
يقول العميد عادل البرعصي، المتحدث باسم وزارة الدفاع بالحكومة المؤقتة الليبية لـ«الاتحاد»: «لقد خدعنا بادئ الأمر بسبب فرحتنا بالثورة وثقتنا في (الجلاليب والعمائم) التي كانت تطل علينا من خلال قناة الجزيرة، لكن كلنا شهود عيان على الدور القطري اللئيم في تسليح الفصائل المتشددة والحيلولة دون قيام مؤسسات عسكرية وطنية مثل الجيش والشرطة، وشهود على تدفق شحنات أسلحة بكميات كبيرة وتخزينها في مخازن شخص اسمه أشرف بن إسماعيل في بنغازي وتسليمها لأناس معينين بعيداً عن الجيش».
ويضيف البرعصي أن الأجهزة الأمنية الليبية تولت رصد كل ذلك ولديها الوثائق القاطعة على هذا الدور القطري في تحويل فبراير إلى فوضى ونزاعات مسلحة وصراعات أيديولوجية وخلق تيارات متشددة كلها كانت تسعى منذ البداية لعدم قيام جيش منظم وتحت قيادة واحدة لإدراكهم بأن مشروع قيام الجيش هو بداية انهيارهم. ويؤكد البرعصي أن هناك أسلحة ومعدات وصلت من قطر إلى المتشددين في ليبيا اختفت، ولم تدخل المعارك، مثلاً أجهزة الرؤية الليلية الدقيقة وقناصات مداها 10 كيلو وذات جودة عالية في القنص ولا أحد يعرف إلى من وصلت وفيما استخدمت؟.

سهام الإرهـاب
يقول الدكتور شوقي معمر، عميد كلية الآداب الليبية، لـ«الاتحاد» إن الثورة على القذافي سبقها محاولات سابقة منها انقلاب ناعم بقيادة ابنه سيف الإسلام تحت اسم مشروع ليبيا الغد وبدعم قطري إخواني عبر عميل قطر علي الصلابي منظر المشروع لكن القذافي ألغى مشروع ابنه.
ويقول البرعصي «أن التيارات الإرهابية المدعومة من قطر كانت تتحين الفرصة لسقوط النظام واستثمار الثورة بدعم تركي قطري، وكان همها الاستيلاء على السلطة فقط ونهب ثروات الليبيين الذين كانوا يعلمونها بحكم تعاملهم مع تلك الدول، فأطلقوا سهامهم إلى تلك الثورة وأجهضوها، وأسقطوا الحلم لأنهم لا يحلمون بقيام الدولة ولا يؤمنون بالوطن».

«نيــو يوروب»: قطر تدمر ليبيا بانحيازها لميليشيات الإرهاب
شادي صلاح الدين (لندن)

أكد تقرير لموقع «نيو يوروب» الإخباري أن دعم النظام القطري للميليشيات الإرهابية في ليبيا، تسبب في نشر الفوضى وعدم الاستقرار، وتراجع إمكانية بناء دولة متماسكة توفر حياة كريمة لمواطنيها.
وقال «إن هناك تركيزاً إعلامياً ملحوظاً على التقدم الذي يحرزه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إلا أن المثير للقلق هو عدم التركيز على الدور الذي تلعبه الميليشيات الإرهابية التي تلقى دعماً قطرياً تركياً في طرابلس وغرب ليبيا».

قاعدة طبرق الجوية
وأضاف أن هذه الميليشيات التي تعمل إلى حد كبير خارج سلطة وسيطرة حكومة «الوفاق» بزعامة فائز السراج، تلقى دعماً لا سيما من قطر وتركيا امتد ليصل إلى تقديم أسلحة بشكل مباشر، متجاوزاً حتى الحكومة.
وأكد التقرير أن الدعم القطري الفج للميليشيات والإجراءات الأخرى التي يتخذها نظام الحمدين على أرض الواقع تتسبب في أضرار جسيمة لنوعية الحياة اليومية لليبيين، مما يقوض قدرتهم على تشكيل دولة متماسكة، ويعرض الأمن الإقليمي للخطر.
وأشار إلى أن الدعم المقدم من الدوحة لهذه المجموعات الإرهابية بلغ أكثر من 750 مليون يورو منذ 2011.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: «في نهاية المطاف جميعها مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي».
ومن بين الشخصيات المشبوهة ذات الصلة بقطر «أحمد الدباشي»، الرجل المسؤول سابقاً عن الاتجار غير المشروع بعشرات الآلاف من المهاجرين عبر البحر المتوسط، و«قوة الردع الخاصة»، وهي من أبرز التشكيلات المسلحة التي ظهرت عام 2012 في طرابلس، وقد وصفت مؤسسة «جيمستاون» سجونها بأنها قريبة من «عشش التعذيب».
ومن الواضح بشكل متزايد أن هذه الميليشيات قد نمت لتصبح معتمدة على الدعم المالي القطري من أجل أن تظل نشطة وتحافظ على مجال نفوذها، وهو الأمر الذي دعا لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى مواجهة تدخل قطر وأيضاً تركيا في الشؤون الداخلية لليبيا.
كما طالبت اللجنة بدعم دولي للجيش الوطني الليبي في حربه ضد آخر مخابئ الإرهاب في طرابلس.
وقال التقرير إن استمرار الدعم القطري للميليشيات والحرب بالوكالة في ليبيا لا يمثل زعزعة للاستقرار فحسب، ولكنه تهديد للسلم والأمن الإقليميين، خاصة مع استمرار رصد شحنات الأسلحة بالقرب من الموانئ الليبية، والتي تحصل عليها هذه الميليشيات.
وأكد أنه من الواضح أن ليبيا أمامها طريق طويل لإصلاح الكسور وعدم الاستقرار التي تسببت فيها سنوات الحرب، إلا أن تمويل قطر وتركيا للجماعات الإرهابية والميليشيات المتطرفة يجعل هذه العملية في منتهى الصعوبة.

الدوحة وأنقرة متورطتان بإرسال مرتزقة إلى طرابلس
دينا محمود (لندن)

كشف موقع «ميدل إيست مونيتور» الإخباري الإلكتروني عن تزايد الأدلة التي تؤكد مشاركة مرتزقة مدفوعين من جانب قطر وتركيا في القتال ضد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر التي تسعى إلى تحرير طرابلس من قبضة الميليشيات الإرهابية. ونسب إلى مصادر غربية قولها إن هؤلاء المرتزقة، يضمون بين صفوفهم متطرفين دينياً وعناصر عصابات إجرامية، وينخرطون في دعم المسلحين الموجودين في العاصمة، بتواطؤ من حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج.
وأضاف أن الميليشيات الداعمة للسراج، تلجأ للمرتزقة في محاولة يائسة لمواجهة تقدم قوات الجيش الوطني التي أطلقت عملية «طوفان الكرامة» لتخليص طرابلس من قبضة الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة. وأشار إلى أن هؤلاء المرتزقة يتشكلون بوجه عام من مسلحين قادمين من دول مثل تركيا وإريتريا والإكوادو، وأنهم يحصلون على دعم لوجيستي من جانب الدوحة وأنقرة. ونشر صورة جواز سفر تركي صادرته قوات الجيش خلال عملياتها الحالية. ونقل عن مصادر ليبية لم يسمها القول إنها تمكنت من اعتقال عدد من العناصر التركية المسلحة، التي كانت تحارب في صفوف الميليشيات الموالية للسراج. وأشارت إلى أن ذلك يشكل دليلاً جديداً يؤكد التورط القطري التركي المباشر في الصراع الدائر، رغم التصريحات الرسمية التي تزعم أن الدوحة وأنقرة تعملان على وقف نزف الدم الليبي.
وقال الموقع في التقرير إن استعانة قوات السراج بأولئك المرتزقة تأتي في وقت تحرز فيه قوات الجيش الوطني تقدماً مطرداً صوب وسط طرابلس، وسط ترحيب كبير من جانب سكان المناطق المحيطة بالعاصمة، الذين عانوا الأمرين من جراء الانقسام المستمر في البلاد، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، وما أعقب ذلك من هيمنة ميليشيات مسلحة وجماعات متطرفة على مقاليد الأمور في أنحاء مختلفة من ليبيا. وشدد على أهمية العمليات التي أطلقتها قوات الجيش، في ضوء أنها تستهدف تطهير طرابلس من الفصائل المتطرفة التي تتحصن فيها، وتقول إنها تنضوي تحت لواء حكومة «الوفاق».


وأضاف التقرير «إن المحور القطري التركي الداعم لحكومة السراج يحاول إنقاذ مصالح الجماعات المتطرفة في ليبيا، عبر مؤازرة ميليشيات طرابلس التي تقاتل تحت إمرة حكومة (الوفاق)، والتي تواجه الآن تهديداً فعلياً بانتهاء سيطرتها على العاصمة. وأبرز المطالبات التي وجهها حفتر إلى مجلس الأمن لإدانة تركيا لانتهاكها حظر السلاح المفروض على ليبيا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأدلة الجديدة التي تؤكد إرسال الدوحة وأنقرة مرتزقة للقتال في ليبيا تعكس السياق السياسي الإقليمي الأوسع في المنطقة، والذي تعارض فيه مجموعة من الدول العربية بقيادة السعودية الدعم الذي تقدمه قطر وتركيا لجماعة الإخوان» الإرهابية، والجماعات المتطرفة المنبثقة عنها والموالية لها.
وذَكّرَّ الموقع في هذا الشأن بالمقاطعة المفروضة على النظام القطري منذ منتصف عام 2017 من جانب الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، والتي شملت قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المنافذ الجوية والبحرية والبرية. وشدد على أن هذه الإجراءات الصارمة أعقبت سنوات طويلة من توتر العلاقات، على خلفية الدعم القطري للمتطرفين، وإقامة «نظام الحمدين» علاقات حميمة مع «نظام الملالي» في إيران، دون اكتراث بالتدخلات الإيرانية المستمرة في شؤون الدول المجاورة.
واستعرض التقرير ما أعلنه المتحدث باسم قوات الجيش الوطني أحمد المسماري بشأن رصد عشرات الإرهابيين الذين يحاربون ضمن قوات السراج، بجانب متطرفين تم جلبهم من مدينتي مصراته وزوارة، عبر تركيا. وأشار كذلك إلى ما كشف عنه المسماري من أسماء لمرتزقة قادمين من الإكوادور، بدعمٍ من جهاتٍ خارجية، وذلك بعد أقل من أسبوعين من مطالبة المسماري، النظام القطري بضرورة وقف تدخلاته في شؤون ليبيا، مستنكراً تصريحات كان قد أدلى بها وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وطالب فيها بحظر إمداد الجيش الوطني بالسلاح. وكان الجيش الوطني عثر قبل نحو عام على صناديق تحمل شعار «الهلال الأحمر القطري»، كانت مخصصةً لتهريب الأسلحة والذخيرة إلى داخل البلاد، تحت ستار المساعدات الإغاثية. كما عثرت قوات الجيش منتصف العام الماضي على أسلحة تحمل شعار الجيش القطري، داخل منزل زعيم تنظيم «القاعدة» في مدينة درنة التي تم تحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية.

مغامرة أردوغان لدعم السـراج ستبوء بالفشـل
شدد موقع «أل مونيتور» الإخباري الأميركي المعني بتناول قضايا منطقة الشرق الأوسط على أن محاولات تركيا للتدخل السافر في الشؤون الليبية ستمنى بفشل ذريع، لا سيما وأنها تأتي في وقت هو الأسوأ بالنسبة للرئيس رجب طيب أردوغان، مع تدهور وضعه الداخلي جراء الانتكاسات التي تكبدها في الانتخابات المحلية الأخيرة، وفي ظل تفاقم أزماته مع القوى الكبرى على الساحة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة بفعل إصراره على شراء منظومة دفاع صاروخي متطورة من روسيا.
وأشار الموقع في تقرير، إلى أن تصريحات أردوغان التي زعم فيها أنه سيعمل على تسخير إمكانيات بلاده لدعم حكومة «الوفاق» بزعامة فائز السراج في طرابلس، جاءت في وقت مشؤوم بالنسبة للمغامرات الجيوسياسية التركية، فثمة فوضى في الحكم مع الانتقال إلى نظام رئاسي (في أنقرة بدلاً من البرلماني)، كما أن هناك أزمة اقتصادية متفاقمة وتصاعداً للتوتر السياسي، جراء الانقسامات التي أثارتها الحملات الدعائية التي شنها الرئيس التركي ومناصروه قبل الانتخابات المحلية وحفلت بالتحريض ضد المعارضة. يضاف إلى ذلك جمود الوضع على الساحة السورية، ووقوف تركيا في نادي الخاسرين في السودان إثر الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، وهو ما لم يمنع نظام أردوغان من السعي للزج بنفسه في غمار أزمة إقليمية أخرى، هي تلك المستعرة في ليبيا، جراء احتماء حكومة السراج بميليشيات مسلحة وجماعات متطرفة، تسعى للحيلولة دون تحرير طرابلس من قبضتها، وترفع السلاح لهذا الغرض في وجه قوات الجيش الوطني الليبي.


وأوضح تقرير «أل مونيتور» أن حكومة السراج المدعومة من جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها من التنظيمات المتطرفة، تُعلق آمالاً عريضةً على تركيا لحمايتها من خطر السقوط الوشيك، بل وطلبت منها الدعم بالفعل خلال اتصال هاتفي جرى بين السراج وأردوغان في 28 أبريل الماضي. وأبرز في هذا الشأن التصريحات الجوفاء التي أدلى بها الرئيس التركي، واتهم فيها المناوئين للسراج بأنهم يريدون أن يحولوا البلاد إلى سوريا أخرى. كما أشار إلى استقبال أنقرة خلال الأيام القليلة، التي تلت ذلك، لوزير الداخلية في حكومة «الوفاق» لبحث تفاصيل التعاون المشترك، بما في ذلك تفعيل اتفاقات أمنية وعسكرية مشتركة بين نظام أردوغان وحكومة السراج.
وفضح تقرير الموقع الأميركي البارز الدور التخريبي الذي لعبته تركيا على صعيد الملف الليبي، منذ سقوط نظام معمر القذافي في أغسطس 2011، مشيراً في هذا الصدد إلى الاتهامات الموجهة لنظام أردوغان بشحن الأسلحة إلى أطراف مختلفة في ليبيا على مدار السنوات الماضية. واستعرض وقائع موثقة في هذا السياق، من بينها ضبط شحنة أسلحة في يناير 2013 كانت قادمةً من تركيا في طريقها إلى ليبيا، لولا أن سوء الأحوال الجوية أجبرت السفينة التي كانت تحملها على الرسو في أحد الموانئ اليونانية. وفي ديسمبر 2014، اعترضت السلطات المصرية شحنة مماثلة، بالتزامن مع رسو سفينة كورية في ميناء مصراتة، وعلى متنها، كما اتضح بعد ذلك، أسلحة قادمة من تركيا. وقبل ذلك بشهور، استهدفت قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، سفينة قادمةً من تركيا في طريقها إلى ميناء درنة، بعدما ثبت أنها محملة بالسلاح. وفي سبتمبر 2015، صادرت السلطات اليونانية سفينة شحن كانت تحمل شحنةً من المتفجرات والذخائر، كانت قادمةً من ميناء إسكندرون التركي.
وفي ظل العلاقات الوثيقة التي كانت قائمةً بين النظام التركي ونظام البشير، اتُهِمَتْ أنقرة باستخدام السودان وأراضيه لإمداد حلفائها المتطرفين في ليبيا بالأسلحة. ففي نوفمبر 2017، أوقفت السلطات المصرية في ميناء بورسعيد سفينةً قادمةً من ميناء مرسين التركي، وعلى متنها 29 حاويةً من الذخيرة، يُعتقد أنها كانت موجهةً لمتشددين في ليبيا. وفي ديسمبر من العام الماضي، أُوقفت في ميناء الخمس الليبي إلى الشرق من طرابلس، سفينة محملةً بالأسلحة تركية الصنع جنباً إلى جنب مع كمية من المتفجرات، وهو ما جاء غداة مصادرة نحو 2.5 مليون رصاصة تركية الصنع، كذلك عثرَ عليها على سفينة ضُبِطَت في الميناء نفسه.
وتشكل شحنات السلاح هذه انتهاكاً صارخاً للحظر المفروض منذ سنوات من جانب الأمم المتحدة على إمداد الأطراف الليبية. لكن تركيا لا تكترث بهذا الحظر، وزادت من انتهاكاتها على هذا الصعيد، إذ نقل الموقع عن أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، قوله إن هناك وثائق ومؤشراتٍ تثبت دعم أنقرة لمسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، وإرسالها مقاتلين تابعين لجبهة «النصرة» في سوريا، إلى ليبيا للقتال هناك بجانب حكومة السراج، فضلاً عن تزويدها للإرهابيين في بعض المناطق الليبية بطائرات من دون طيار«درون». وخلص تقرير «أل مونيتور» إلى التأكيد على أن أي مغامرة تركية في ليبيا في ظل الظروف الراهنة، لن تحقق أي قدر من النجاح في ظل الدعم الإقليمي والدولي الواسع للعملية التي يشنها الجيش الوطني لتخليص طرابلس من المتطرفين المتحصنين فيها، والمؤازرة التي تلقتها قواته من القبائل والعشائر الليبية في مناطق مختلفة. وحذر من أن اندحار القوى التي يؤيدها النظام التركي في ليبيا، سيكبد أنقرة ثمناً باهظاً تضاف تكلفته إلى مشاريع بقيمة 19 مليار دولار تقريباً، تركها المقاولون الأتراك في هذا البلد، حينما سقط نظام القذافي قبل نحو ثمانية أعوام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©