الأربعاء 1 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"الملائكة".. مطبوعون على عبادة الله وطاعته

"الملائكة".. مطبوعون على عبادة الله وطاعته
11 مايو 2019 01:36

أحمد محمد (القاهرة)

الحكمة من خلق الملائكة الكرام، هي عبادة الله سبحانه، فهم عبيده كسائر الخلق، أكرمهم بعبادته وطاعته، وحفظهم بفعل المأمور وعصمهم من ركوب المحظور، وفطرهم على العبادات الموكولة إليهم وجبلهم عليها، فهم مُيسَّرون للطاعات مطبوعون عليها، لا يعصون أمر الله ولا يخالفونه، ويفعلون ما يأمرهم به مطيعين مستجيبين، وبذلك يستقيم أمر العالم العلوي والسفلي.
قال تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون)، «سورة النحل: الآيات 49 - 50»، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 206»، وقال: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ)، «سورة الأنبياء: الآيات 19 - 20»، وقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ)، «سورة فصلت: الآيات 37 - 38».
قال ابن جرير، ذكر سبحانه الملائكة الذين هم عنده، يذكرونه في السماء ويذكره المؤمنون في الأرض، إِن الملائكة الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته، بل إنهم يعبدونه بأنواع العبادات، يسبحون الليل والنهار، لا يفترون، يركعون ويسجدون لربهم يديمون ذكره، لا يستكبرون عن عبادته، فمن استكبر عن عبادة الله فهو كافر، فالملائكة لا يستكبرون مع جلالة قدرهم لقربهم من الله، ينزهونه عما لا يليق به سبحانه وتعالى، يسجدون له إجلالاً وتعظيماً وطاعة.
ويقول العلماء إن الملائكة مطبوعون على طاعة الله، وفعلهم للطاعة جبلّة، لا يكلفهم أدنى مجاهدة، يعمرون السماوات السبع عبادة دائمة ليلاً ونهاراً، منهم القائم والراكع والساجد على الدوام، والذاكرين لا يفترون عن فعل ذلك، لا يصيبهم تعب، ولا فتور ولا كلل من تسبيحه سبحانه وتمجيده، حياتهم ودأبهم طاعة الله وعبادته، ولا يتهاونون في عبادة الله، عباد الله المكرمون، يتصفون بكل صفات العبودية، لا يتقدمون بين يدي ربهم مقترحين، ولا يعترضون على ما أمر، مسارعون مجيبون، ولا يفعلون إلا ما يؤمرون به، ومدح الله الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وذكرهم بهذا ليقُتدي بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم مشهداً من مشاهد عبادتهم، فقال: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أَطَّتْ السماء وحُقَّ لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته لله تعالى ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كفٍّ إلا وفيه ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً: ما عبدناك حق عبادتك إلا أنّا لا نشرك بك شيئاً».
والملائكة مجبولون ومطبوعون على الطاعة، ولكن لا مجاهدة كما عند الإنسان، لأنهم لا شهوة لهم، يسبحون الله ويذكرونه، وقسم منهم وهم الراكعون الساجدون العابدون القانتون هذا عملهم لا ينفكون عنه، ومنهم الراكع أبداً والساجد أبداً، ولما كانت معرفتهم بربهم كبيرة كانت خشيتهم له كبيرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى، وَجِبْرِيلُ كَالْحِلْسِ (كساء يُبسطُ على الأرض) الْبَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©