الأربعاء 1 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الملائكة» شهدوا لله بالوحدانية

«الملائكة» شهدوا لله بالوحدانية
8 مايو 2019 02:51

أحمد محمد (القاهرة)

من أعظم الآيات الواردة في إثبات توحيد الله، والشهادة بأنه هو المعبود بالحق، يبين فيها جل وعلا أنه شهيد بنفسه، وهو أعظم شاهد سبحانه أنه لا إله إلا هو، قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، «سورة آل عمران: الآية 18»، لا إله حق سواه، فالآلهة كثيرة يعبدها المشركون وكلها باطلة، والإله الحق هو الله وحده، ولهذا قال: (... شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ...)، وشهد له بذلك الملائكة الكرام، وهم من أعدل الشهود.
وهذه الآية فيها منقبة عظيمة للملائكة ولأولي العلم، وأن الله استشهدهم على وحدانيته، لأنهم يعلمون ذلك وهم عدول، فالملائكة من خير عباد الله، كما قال تعالى: (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)، «سورة الأنبياء: الآيات 27 - 28»، فيشهدون لربهم بأنه الإله الحق.
قال ابن جرير الطبري، أخبر الله عن نفسه أنه الخالق لكل ما سواه، وأنه رب كل ما اتخذه كل كافر وكل مشرك ربا دونه، وأن ذلك مما يشهد به هو وملائكته وأهل العلم به من خلقه، فبدأ جل ثناؤه بنفسه، تعظيماً لنفسه، وتنزيها لها عما نسبه أهل الشرك إليه، والمراد الخبر عن شهادة من ارتضاهم من خلقه فقدسوه، من ملائكته وعلماء عباده.
وقال الواحدي في «الوجيز في تفسير الكتاب العزيز»: شهد الله، أي بيَّن وأظهر بما نصب من الأدلة على توحيده، أنه لا إله إلا هو، وشهدت الملائكة، وأقرت بتوحيد الله، وأولو العلم، هم الأنبياء والعلماء من مؤمني أهل الكتاب والمسلمين، قائماً بالعدل يُجري التدبير على الاستقامة في جميع الأمور.
وقال ابن كثير، شهد تعالى وكفى به شهيداً، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين، أنه لا إله إلا هو، المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه، ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته، فقال: «... وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ...»، وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام. وقال الشيخ الشعراوي، قد شهد الله أنه لا إله إلا هو، وشهادة الله هي شهادة الذات للذات، وتعني أنها كلمة مُمَكّن منها، وكفى بالله شهيداً، وشهدت الملائكة أيضاً، والملائكة هم الغيب الخفي عنا، وتتلقى الأوامر من الحق، وهم لم يروا أحداً آخر يعطي لهم الأوامر، وهذه هي شهادة المشهد، أعظم شهادة لأعظم مشهود به من أعظم شهود، الله في القمة، والنبي صلى الله عليه وسلم، والملائكة وأولوا العلم، ولقد أخذ أولوا العلم منزلة كبيرة لأن الله قد قرنهم بالملائكة.
وقال السعدي: هذا تقرير من الله تعالى للتوحيد بأعظم الطرق الموجبة له، وهي شهادته تعالى وشهادة خواص الخلق وهم الملائكة وأهل العلم، أما شهادته تعالى فيما أقامه من الحجج والبراهين القاطعة على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، وأما شهادة الملائكة بذلك فنستفيدها بإخبار الله لنا بذلك وإخبار رسله، وأما شهادة أهل العلم، فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية، خصوصاً في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد، فكلهم من أولهم إلى آخرهم قد اتفقوا على ذلك، ودعوا إليه وبينوا للناس الطرق الموصلة إليه، فوجب على الخلق التزام هذا الأمر المشهود عليه والعمل به، وفي هذا دليل على أن أشرف الأمور علم التوحيد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©