الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحراك الجزائري يتحدى أطول يوم صيام في العالم العربي

الحراك الجزائري يتحدى أطول يوم صيام في العالم العربي
8 مايو 2019 02:44

محمد إبراهيم (الجزائر)

يطرح الشارع الجزائري اليوم سؤالاً رئيسياً حول قدرة الحراك الشعبي على الحفاظ على زخمه خلال شهر رمضان، خاصة أن الجزائر تشهد أطول يوم صيام في العالم العربي بأكثر من 15 ساعة يومياً. ويرى الكاتب والمحلل السياسي الجزائري علي لشريفي، أن قدوم شهر رمضان لن يؤثر على الحراك، بل قد يؤدي إلى زيادة وقت التظاهر. ويقول لشريفي لـ«الاتحاد»، إن «مظاهرات الجمعة من كل أسبوع تبدأ بعد صلاة الجمعة وتنتهي في السادسة مساء، وقدوم شهر رمضان قد يسمح للمتظاهرين بتناول طعام الإفطار في الساحات، وهو ما يعني فعلياً زيادة عدد ساعات التظاهر» (أذان المغرب في الجزائر الساعة 7:45 مساء).
ويضيف: الحراك لم يتوقف باستقالة بوتفليقة، أو بتقديم بعض المسؤولين للمحاكمة، البقاء في الشارع هو الضامن الوحيد لتحقيق كل طلبات الحراك. ويوضح أن «مطالب الحراك التي يعبر عنها في مظاهرات الجمعة من كل أسبوع يأتي الرد عليها من الفريق قايد صالح في منتصف الأسبوع، لذلك لا أعتقد أن الحراك سينتهي في رمضان». ويضيف «أتصور أن تظاهرات يوم الجمعة القادم ستعبر عن رفض الحراك لدعوة بن صالح للحوار، وهو الموقف الذي عبر عنه قادة الحراك، رغم إبداء بعض الأحزاب استعدادها لقبول دعوة الحوار التي أطلقها الجيش الأسبوع الماضي، لكن الاعتراض هو على شخص بن صالح نفسه».
ويعيد استمرار الحراك في رمضان نفس السؤال الذي طرح في 22 فبراير الماضي، مع بدء الحراك، حيث حاول نظام بوتفليقة المراهنة على عنصر المماطلة وإطالة الوقت لكي يشعر الجزائريون بالملل وينصرفوا عن المظاهرات إلا أن تلك المماطلة رفعت من سقف المطالب، وزادت أعداد المتظاهرين. وكان سقف المطالب في البداية رفض ترشح بوتفليقة لفترة خامسة، ثم شمل استقالة الحكومة السابقة برئاسة أحمد أويحيى، ثم رفض تمديد الفترة الرابعة لبوتفليقة لمدة عام، ثم رفض قرار بوتفليقة بالبقاء في الحكم حتى نهاية فترته في 28 أبريل الماضي، ثم المطالبة بتنحي رموز النظام السابق عن المشهد السياسي وفي مقدمتهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، ثم محاسبة الفاسدين من رجال بوتفليقة، وهي الخطوة التي بدأت بالفعل.
ومع قدوم شهر رمضان المبارك، اعتقد البعض أن التظاهرات ستخف حدتها، وربما تتلاشى، خاصة مع بدء إجراءات محاسبة رموز كبار في عهد بوتفليقة الذين يُطلق عليهم «العصابة». وظهر مصطلح «العصابة» لأول مرة على لسان الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري عندما وصف به الدائرة المحيطة ببوتفليقة، وتوعدهم بالحساب أمام القضاء. وشهد الأسبوعان الماضيان حركة إقالات في صفوف عدد من المسؤولين من رموز النظام السابق، كما تم تقديم مسؤولين سابقين وحاليين للقضاء بتهم الفساد والتآمر، كان آخرهم السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، والمستشار بالرئاسة، والجنرال محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، والجنرال عثمان طرطاق المعروف باسم الجنرال بشير رئيسا المخابرات السابقان، والذين تم إيداعهم الحبس المؤقت بناء على قرار من القضاء العسكري.
ورغم الخطوات التي اتخذتها الدولة الجزائرية لامتصاص غضب الحراك، تظاهر أمس آلاف الطلبة في ساحة البريد المركزي، معقل الحراك الشعبي بقلب الجزائر العاصمة، أكدوا خلالها تمسكهم بمواصلة حراكهم حتى تحقيق كل المطالب التي رفعوها، وعبروا عن رفضهم لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وجابت مظاهرة الطلبة عدة شوارع وساحات بوسط الجزائر العاصمة قبل أن يتجمعوا في ساحة البريد المركزي حاملين شعارات تعبر عن إصرارهم على استمرارية الحراك في شهر رمضان حتى تتحقق كل مطالب الحراك الشعبي، وأكدوا ضرورة أن تكون العدالة مستقلة لمحاربة الفساد ومحاكمة كل المتورطين في قضايا نهب المال العام، معربين عن رفضهم لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 4 يوليو المقبل. ويرى الحراك الشعبي أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون بمثابة إعادة إنتاج لنفس النظام السياسي خاصة في ظل بقاء رموز هذا النظام، مجددين دعوتهم إلى مجلس تأسيسي وشخصية توافقية من أجل إدارة المرحلة الانتقالية والإفضاء إلى الجمهورية الثانية. وأعرب المتظاهرون عن رفضهم لدعوة الرئيس المؤقت بن صالح للحوار التي أطلقها في خطابه المتلفز للشعب عشية أول أيام شهر رمضان المبارك، معتبرين أن قبول الدعوة سيمنح بن صالح الشرعية، وهو ما يرفضونه. ويطالب الحراك الشعبي الذي أطاح ببوتفليقة من الحكم بعد 20 عاماً، بإقالة «4 باءات» هم عبدالقادر بن صالح الرئيس المؤقت، ونور الدين بدوي رئيس الحكومة، ومعاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان)، والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري الذي استقال بالفعل.
وكان بن صالح قد دعا إلى حوار شامل لوضع الترتيبات اللازمة لتنظيم انتخابات الرئاسة في 4 يوليو المقبل، لتجنيب البلاد الفراغ الدستوري. وسبق لبن صالح الدعوة قبل أسبوعين إلى جلسة حوار قاطعتها أغلب الأحزاب السياسية وغاب عنها هو رغم كونه الداعي، وأناب عنه الأمين العام السابق للرئاسة حبة العقبي الذي كان يوصف بأنه كاتم أسرار بوتفليقة. وفي مدينة سطيف (شرق) تجمع الآلاف من طلبة وأساتذة ومواطنين أمام مقر الولاية (المحافظة)، ورفعوا لافتة كبيرة كتب عليها «حراكنا قاطرة وقودها الطلبة.. ورمضان لن يكون عقبة». كما خرج الآلاف من طلبة وأساتذة جامعة بجاية الحكومية (شمال)، في مسيرة توجهت نحو وسط المدينة، مرددين شعارات مطالبة برحيل جميع رموز نظام بوتفليقة. ومنذ بداية الحراك الشعبي تشهد الجامعات والساحات في مختلف الولايات مسيرات أسبوعية للطلبة كل يوم ثلاثاء، وهو ما أدى إلى تخوف نقابة الجامعات من أن تمر السنة الدراسية من دون دراسة أو امتحانات في ظل استمرار مقاطعة الطلبة للدراسة منذ مارس الماضي، للمطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©